English

أسرار ريادة الأعمال الناجحة في الشرق الأوسط

English

أسرار ريادة الأعمال الناجحة في الشرق الأوسط

مقال بقلم الدكتورة ستافرولا كالوجيراس، مديرة برنامج ماجستير إدارة الأعمال في كلية إدنبرة للأعمال، جامعة هيريوت وات دبي.

إن ريادة الأعمال هي عملية تطوير وبدء مشروع تجاري جديد لتحقيق الربح. يبدأ المشروع الجديد بتحديد رؤية واتجاه عمل الشركة الناشئة، والذي يتضمن تطوير أفكار مبتكرة وتحمّل المخاطر وإدارة جميع جوانب المشروع التجاري. فأن تكون رائد أعمال هو أمر صعب ومجزٍ في ذات الوقت، ويتطلب مزيجاً من المهارات والمعرفة والإرادة.

ينبغي أن يتمتع رواد الأعمال الناجحون بالمرونة والقدرة على التكيف والاستجابة لتغيرات السوق. إذ يكمن مفتاح نجاح ريادة الأعمال في الاستفادة من الفرص الجديدة والتحسين والابتكار كلما توافرت معلومات جديدة. 

قبل الخوض في تفاصيل ريادة الأعمال، ينبغي الإشارة إلى أن على رائد الأعمال أن يتمتع بعقلية معينة. يجب أن يكون رواد الأعمال مرنين، إذ أن بناء عقلية مرنة ونامية أمر ضروري في التعامل مع صعوبات منظومة الشركات الناشئة. إن الانتكاسات والتشكيك في مدى قدرتك على تجاوز الأزمات أمر لا مفر منه عند بناء اللشركات الناشئة. وهنا يكون الحل هو الاستجابة للأمور بإيجابية للتغلب على العقبات.

تتمثل المرونة في التركيز على الحلول بدلاً من المشاكل. تذكّر أن الفشل مجرد محطة مؤقتة على مسار النجاح، وأن كل رائد أعمال ناجح قد واجه العديد من الإخفاقات. خذ وقتًا للتفكير في الانتكاسات وتحديد النقاط التي يمكنك أن تحسنها لتحويل ذلك الفشل إلى نجاح. يمكن لتلك التجارب أن تغذي الدافع لديك، بل ويمكن استخدامها كفرص للنمو.

المرونة والمثابرة والرغبة الحقيقية في التطور والتغلب على الصعاب هي من أهم صفات رواد الأعمال في رحلة بناء الشركات الناشئة. كما أن التواصل مع ذوي الخبرة والتفكير المبتكر في منظومة الشركات الناشئة أمر لا يجب إغفاله، حيث تبادل الخبرات والنصائح قد يجنبك مشكلات أنت في غنى عنها. لذا، انضمام رواد الأعمال لدوائر مشابهة وحاضنات الأعمال وحضور الفعاليات للتواصل مع البيئة المحيطة بهم أمر لا غنى عنه.

امتلاك سمات وعقلية رائد الأعمال ليس سوى البداية، فعند الشروع في إطلاق عمل تجاري، هناك بعض الخطوات التي يجب أن تتخذها للوصول بهذا المشروع لمرحلة الربح.

أولى تلك الخطوات هو تحديد أين تكمن الفرصة، أي البحث عن مشكلة وإيجاد حل لها أو سد فجوة في السوق، أو إنتاج اتجاه أو فكر جديد تماماً يمكن أن يصبح عملاً مربحاً. ثانيًا، إنشاء خطة عمل مفصلة محددة الأهداف والاستراتيجيات والموارد. يجب أن تتضمن خطة العمل معلومات حول السوق المستهدفة وخريطة للمنافسين واستراتيجيات المبيعات والتسويق والتوقعات المالية. 

أما الجزء الأكثر تحدياً هو التمويل، عن طريق جمع رأس المال أو تأمين قرض من مؤسسة مالية. تمول شركات الاستثمار أو المستثمرون الأفراد الشركات الناشئة في مقابل نسبة من الأسهم أو شكل آخر من أشكال الملكية. تشمل قائمة المستثمرين المستثمرون ملائكيون الذين يقدمون تمويلاً في جولات التمويل البذرية للشركات الناشئة، وتكون عادةً مقابل حصة في ملكية الشركة. أما شركات الاستثمار المغامر فتمنح الشركة الناشئة التي تمولها الخبرات الإدارية والفنية، إلى جانب رأس المال. أما الشراكة الاستراتيجية فهي ترتيب قانوني يسمح لشخصين أو أكثر بتقاسم المسؤولية عن العمل، حيث يتقاسم الشركاء الملكية والأرباح، بالإضافة إلى تقاسم العمل والخسائر.

وفي عالم ريادة الأعمال تصبح لحاضنات ومسرعات الأعمال أهمية كبيرة. تركز الحاضنات على مرحلة الفكرة، وهي مناسبة للشركات الناشئة في مراحلها المبكرة، حيث تحتضن رواد الأعمال المحتملين ذوي الأفكار الخلاقة، وتعمل على تطوير الفكرة ومدهم بالأدوات والخبرات اللازمة للبدء في المشروع. وفي حين تهدف المسرعات إلى توسيع نطاق الشركات القائمة، والتي عادة ما يكون لديها منتج في الأسواق بالفعل وبعض العملاء والإيرادات. أما على النقيض، فتقبل الحاضنات غالباً الشركات الناشئة التي تكون في مرحلة مبكرة من عملية التطوير لتوفر لها بيئة داعمة لتحسين فكرتها التجارية وإجراء أبحاث التسويق الخاصة بها.

عند تقييم الحاضنات المحتملة للانضمام إليها يصبح المعيار الأساسي هو شبكة العلاقات والإرشاد التي توفرها وسهولة الوصول إلى تلك الشبكة. إن التواصل مع مرشدين ذوي ثقة يمكن أن يغير مسار رائد الأعمال نحو الأفضل، وغالباً ما يكون المورد الأكثر قيمة عند الشروع في إطلاق عمل معين. عامل رئيسي آخر هو تأمين مستشارين لديهم خبرة في الصناعة، إذ يجب أن يتضمن الفريق خبراء في مجموعة متنوعة من التخصصات التي يمكن أن تدعم تطوير ونمو الأعمال. بالإضافة إلى تقديم المشورة، يمكن لشبكة الأفراد أن تساعد في تأمين التمويل وتوفير الاتصالات مع العملاء المحتملين. ومع ذلك، فإن المعيار الأهم لحاضنات الأعمال هو مساعدة الشركات في الانتقال إلى الأسواق المحتملة.

ثالث تلك الخطوات يأتي مع نمو الأعمال، حيث يأتي دور بناء فريق العمل الذي يساعد في توسيع نطاق العمليات وإدارتها. قم بتوظيف الموظفين أو العاملين المستقلين أو ذوي العقود المحدودة المناسبين لمناخ الشركة، قم بدعمهم بشكل فعال لضمان نجاح الشركة، وتأكد من أن كل عضو في الفريق لديه فهم واضح لدوره ومسؤولياته الوظيفية وقم بتزويده بملاحظات بشكل منتظم.

رابعًا، عليك أن تقدم فكرة العمل المبتكرة بوضوح عند عرض المشروع، كما ينبغي أن توضح قيمة المشروع الناشئ والسوق المستهدفة، إلى جانب إبراز الميزة التنافسية والتوقعات المالية وخبرة الفريق. احرص على أن يكون العرض موجزاً ​​وغنياً بالمعلومات لجذب الاهتمام.

في عالم ريادة الأعمال، لا توجد ضمانات للنجاح، إذ يتعين على رائد الأعمال الشعور بالارتياح مع قدر معين من المخاطرة من أجل النمو، سواء كانت المخاطرة مالية أو شخصية. يحتاج رواد الأعمال إلى فهم أن المخاطرة هي عملية محسوبة، واللجوء للأساليب التخفيف من المخاطر مثل تحديد حلول بديلة هو أمر لا يجب إغفاله.

لا شك أن كل رائد أعمال لديه مواهب ورؤية فريدة شجعته منذ البداية على اتخاذ قرار الدخول في عالم المنافسة، إلا أن هناك بعض الخصائص المشتركة تظهر بين الأكثر نجاحاً، مثل الشغف والإبداع والثقة بالنفس والدافع. لا بد للعقلية الريادية من الاستفادة من أقوى السمات التي تميزها، إلى جانب تطبيق مزيج من المهارات النقدية والاجتماعية للثبات على الهدف. كما يعد الفضول عنصراً أساسياً يساعد رواد الأعمال على الاكتشاف والتعرف على الفرص الجديدة أثناء رحلتهم في بناء أعمالهم.

يبدأ العديد من رواد الأعمال الناجحين أعمالهم بالكثير من الشغف الذي يغذي روح المبادرة في مواجهة التحديات. كما يتمرد رواد الأعمال على الوضع الراهن من خلال طرح أسئلة ذكية تساعدهم في تقديم حلول خلاقة لعملائهم. ويعتمد نجاح الشركات الناشئة على فهم السوق المستهدفة وتحديد الأهداف والخبرة السابقة في المجال الذي تعمل به، إلى جانب بناء علاقات متينة مع العملاء والتحكم في الميزانية. باتباع تلك الأساسيات، يمكن لرواد الأعمال المضي قدماً في عمل مفيد للعملاء ومربح في ذات الوقت.

لا يتم قياس ريادة الأعمال بالعمر أو الجنس أو العرق أو التعليم أو الخبرة أو حتى الوضع المالي، بل يعتمد المقياس على صفات معينة ينبغي أن تتوافر في رائد الأعمال، مثل المثابرة والشغف والتسامح والثقة بالنفس والرؤية والمرونة والإصرار. ولكن تظل قوة الإرادة هي أحد أهم جوانب النجاح، فعلى الرغم من أنه قد تواجههم العديد من الإخفاقات، إلا أن رواد الأعمال الناجحين لن يفقدوا الهدف الذي بدأوا هذا الطريق من أجله، وسوف يسيرون في دروب مختلفة بإرادة قوية لتحقيقه.

شكرا

يرجى التحقق من بريدك الالكتروني لتأكيد اشتراكك.