على الرغم من كونها تمثل مصدرًا للإزعاج على الطريق بأحجامها الضخمة والخطورة التي تمثلها، فإن الشاحنات أو عربات نقل البضائع لها أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي؛ فهي "الميل الأول" في قطاع الخدمات اللوجيستية والخطوة الأولى في نقل البضائع خارج المصانع والمخازن، وأصبحت أفضل الخيارات الممكنة لتقديم خدمات الشحن في فترة انتشار الجائحة العام الماضي عندما توقفت رحلات الطيران. 

من المتوقع أن يصل قطاع الشحن على مستوى العالم إلى 5.5 تريليون دولار بحلول عام 2027، وقد ظهرت العديد من الشركات الناشئة على مدار الأعوام القليلة الماضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) لإضافة لمسة تقنية لهذه الصناعة التقليدية مثل شركات تراكن Trukkin ولودمي LoadME وشركة تراكر Trukker التي استحوذت هذا الشهر على شركة تراكشير Trucksher الباكستانية. أما في مصر، فتمثل شركة تريللا Trella اللاعب الأكبر في هذا المجال والتي أسسها عمر هجرس وعلي الأطرش وبيير سعد ومحمد الجارم في 2018 وجمعت مؤخرًا 42 مليون دولار من التمويل الرأسمالي والدين في جولة ترأسها شركة الشحن العملاقة ميرسك Maersk. 

يقول هجرس الرئيس التنفيذي للشركة: "النقل بالشاحنات لا يتوقف أبدًا، فكل شيء حولك نقلته شاحنة، والشيء الوحيد الذي لا تنقله الشاحنات هو الهواء." فإن كنت تقدم منتجًا أو حلاً ما يضيف قيمة (لهذا القطاع) ويساعد في خفض التكاليف فأنت بذلك تحدث تحولاً في القطاع. 

يصف هجرس تريللا باعتبارها "أوبر للشاحنات" فهي سوق شحن رقمي يمثل حلقة وصل بين وكلاء الشحن وشركات النقل التي تستطيع حجز شحنات في مساري الرحلة. تقدم الشركة الناشئة سياسات تسعير واضحة وتتبع فوري للشحنات وبرمجيات تحليلية لوكلاء الشحن. قبل تأسيس تريللا، كان هجرس مسؤولا عن الجهود التوسعية لشركة أوبر إيتس Uber Eats في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، وهناك أدرك وجود فرصة لإنشاء نموذج سوق للشاحنات قائم على البرمجيات. 

ويضيف: "المرة الأولى التي لاحظت فيها وجود توليفة وثيقة بين التشغيل والتقنية كانت في بداياتي مع أوبر، وتعلمت أن هذا هو جوهر السوق. أنت تحتاج برمجيات قوية جدًا لكنك تحتاج أيضًا إلى مزيد من المرونة في الجانب التشغيلي"

لكن هجرس لم يدرك مدى صعوبة إطلاق هذا المنتج دون وجود طاقة الدعم والتشغيل التي كان يتمتع بها في أوبر. 

"عندما أطلقنا تريللا ظننا أن الأمر سيكون بنفس السهولة كما كان في أوبر، لكن ليس لدينا 5000 مهندس ولا مليارات الدولارات في الحساب البنكي ولا نملك قدرًا من المعرفة الدولية." 

الفريق الهندسي لشركة تريللا موجود حاليًا في مصر. 

على الرغم من مرور وقت قصير على إطلاقها، استحوذت تريللا على تراكتو Trukto الشركة المصرية المنافسة وتوسعت أنشطتها إلى المملكة العربية السعودية وباكستان وكانت جزءًا من دفعة واي كومبينيتور Y Combinator صيف 2019.  

يقول هجرس: "السوق في المملكة العربية السعودية مختلف تمامًا عن السوق في مصر، فهو أكثر خضوعًا للقوانين وأكثر تطورًا والبنية التحتية موجودة بالفعل. عندما بنينا المنتج لم نكن نستهدف خدمة السوق المصري فقط لتكون جهود الإطلاق والتوسع سهلة." 

تركز تريللا الآن جهودها التوسعية في منطقة دول التعاون الخليجي وشمال إفريقيا إضافة ً إلى وجود خطط طويلة الأجل لاستهداف شرق إفريقيا وغربها. 

التحديات

يتكلف نقل البضائع في أفريقيا بواسطة الشاحنات خمسة أضعاف التكلفة في أوروبا أو الولايات المتحدة وفقًا لما قاله هجرس، ويرجع ذلك في الأغلب إلى أوجه القصور الكبيرة الموجودة في القطاع. فالشاحنات التي تتحرك من النقطة أ إلى النقطة ب قد تعود دون حمولة أو تضطر إلى البقاء لعدة أيام حتى توفر شحنة أخرى تعود بها إلى نقطة البداية.  

يضيف هجرس: "الكثير من الشحنات التي تنتقل من مصر إلى السودان أو ليبيا تضطر إلى الانتظار ثلاثة أو أربعة أيام للحصول على شحنة عودة.  وفي حالة تعذر ذلك، تدفع الشركات المصرية ضعف الأجرة. في المتوسط، يمثل نقل البضائع في إفريقيا 15% أو 16% من التكاليف مقارنة ً بأقل من 7% في أوروبا." 

"الأمر الذي نحاول إيجاد حلول له هو التأكد من أن هذه المركبات والسائقين يُستغلون الاستغلال الأمثل فعند نقل شحنة من مصر إلى السودان تعود المركبة بشحنة أخرى من السودان إلى مصر." 

التحدي الآخر الذي تواجهه الشركات الناشئة في مجال الشحن هو تحصيل المدفوعات.  

يرى هجرس إمكانية إضافة جانب التقنية المالية إلى الخدمات التي يقدمها ويضيف: "الجانب الأكثر إزعاجًا هو تحصيل النقود، فهذا الجانب يفتقر إلى الميكنة ونحتاج إلى تحصيل الشيكات وأن يقوم العملاء بالتحويلات البنكية. أمامنا الكثير من حيث تطوير المنتج والمزايا التي يمكن إضافتها، أما الآن فينصب تركيزنا على تطوير جانب الشحن وبعد ذلك فالسماء هي حدود طموحاتنا."