أربعة دروس من صندوق استثمار مخاطر ناشئ في لبنان
شهدت ساحة الاستثمار المخاطر اللبنانية قبل عام نشأة صندوق من نمط جديد هو "فينيشان فاندز" Phoenician Funds الذي شارك في تأسيسه جاد سلامة (الشريك الإداري) إلى جانب تكتل من 12 مصرف محلّي.
يركّز هذا الصندوق الذي يستفيد من أموال التعميم 331 بشكل أساسي على التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والشركات الناشئة الحكومية، ولكنه يخصص 10 إلى 20% من الحصص للمشاريع من قطاعات أخرى.
استثمر الصندوق حتى الآن في أربع شركات ناشئة في مراحلها الأولى، وهي: "ريسك+سوليوشنز" Risk+Solutions، و"بسينكرو" Bsynchro، و"سيز" Seez، و"بلينك ماي كار" Blink My Car.
إليكم ما تعلّمه القيّمون على الصندوق بعد عامٍ من العمل.
ابحث عن العقلية المناسبة
يقول سلامة إنّه "رغم وضعك قائمة معايير مثل الرؤية والفريق وطرح المشكلة والحلّ وغيرها، إلّا أنّ هناك جوانب أخرى هامة نرغب في رؤيتها: هل يمتلك فريق المشروع العقلية المناسبة عندما يتحدث معنا؟"
يضيف سلامة أنّ الصندوق يركّز على رؤية رائد الأعمال وعلى الأهمية التي يوليها للقيمة المضافة من خلال العمل مع مستثمر مؤسساتي.
تذكر أنّك تشارك في تشكيل البيئة الريادية
تعتبر صناديق الاستثمار المخاطر عناصر تغييرية في البيئة الريادية الناشئة ، بفضل شبكاتها الكبيرة والسياسات التي تضعها. وبحسب "فينيشيان فاندز"، على صناديق الاستثمار المخاطر أن تلعب هذا الدور وتغرس هذه العقلية بين الجهات المعنية وليس فقط بين رواد الأعمال. على سبيل المثال، صحيح أنه لم يتمّ بعد إنشاء البنى التحتية القانونية المناسبة، إلاّ أن شوطاً طويلاً قطع في السنوات الخمس الماضية بفضل المبادرات التي قامت بها هيئات مماثلة. ويقول سلامة إنّ من مسؤولياتهم كصندوق استثمار مخاطر أن يساهموا في تطوير البيئة الحاضنة لريادة الأعمال، "ومن الواضح أنّنا نفعل هذا منذ إطلاق الصندوق في العام 2016".
ضع مراحل الاستثمار ضمن أولوياتك
قبل إطلاق التعميم 331، لم تكن الشركات الناشئة في مراحلها الأولى تحظى بالبنية التحتية المناسبة للدعم، كما أنّ صناديق الاستثمار المخاطر لم تكن تميّز نفسها عن طريق تحديد المرحلة التي تريد أن تستثمر فيها. إضافة إلى ذلك، ابتعد أغلب الصناديق عن الاستثمار في جولات التمويل التأسيسي التي تنطوي على مخاطرة أكثر من غيرها.
في الوقت الحالي، أصبح وضع البيئة الريادية مختلفاً. فقد نشأ عدد من مؤسسات الدعم (مسرعات أعمال، حاضنات أعمال، مساحات عمل مشتركة، وغيرها)، وساعدت في تشكيل مجال الاستثمار التأسيسي والاستثمار في المراحل المبكرة. ويقول سلامة في هذا الشأن إنّه "بعد هذه النهضة في بنية الدعم، رأينا أنّ هناك فجوةً في المرحلة التأسيسية، وهي المرحلة التي تحتاج فيها الشركات الناشئة إلى الدعم المؤسساتي أكثر من أي مرحلة أخرى. هذه النقطة هي ما تركز عليه استراتيجيتنا للاستثمار". ويتابع: "لقد تمكّنا من إشراك شركائنا في وقت مبكر، على أمل إنشاء قيمة مضافة سوياً".
بدوره، يقول طارق كبريت، الشريك المؤسّس لشركة "سيز" التي حصلت مؤخراً على تمويل: "نحن شركة لن تتمكن من جني المال قريباً، وكنا نحتاج إلى شريك مؤسساتي يمكنه مساعدتنا في وضع إنجازات طموحة وتحقيقها".
وشركة "سيز" تقدم سوقاً إلكترونية للسيارات، تسمح للمستخدمين بشكل مباشر (من الند للند peer to peer) بالبحث عن سيارات وبيعها وشرائها.
ابدأ في لبنان ومن ثمّ اطمح للتوسّع
يمتلك لبنان خصائص تساهم في جذب المستثمرين، فالمستوى التعليمي للسكان مرتفع، وهم مصنّفون من القوى العاملة الفعالة، وملمّون بالتكنولوجيا، ويتحدّثون لغتين أو أكثر. بالإضافة إلى ذلك، يوجد في لبنان تسهيلات للحصول على تمويل وفّرها المصرف المركزي، ما يجعله "مطبخاً" مثالياً للشركات الناشئة.
يقول صائب نحاس، مدير الصندوق: "تفاجأنا برؤية الكثير من الشركات الناشئة المختلفة عن تلك التي في الغرب، تسعى إلى حلّ مشاكل خاصة بالمنطقة، مثل الإدماج المالي money inclusion للأشخاص غير المتعاملين مع المصارف. يُعتبر لبنان أرضية مناسبة لإطلاق المبادرات، ولكن من المهمّ لها أن تتوسّع إلى مناطق أكبر".
في حين يعتمد عدد من البلدان نموذج التعميم 331، يبقى لبنان جذاباً نظراً إلى انخفاض مستوى الأجور فيه نسبياً وانفتاحه على الثقافات المختلفة. ومع ذلك، يبقى التوسع إلى خارج السوق اللبنانية أمراً مهماً لصناديق الاستثمار المخاطر التي تريد الاستثمار في هذا البلد.
يمتلك شادي النوّار، الشريك المؤسس لشركة "ريسك + سوليوشنز" خططاً مماثلة، ويقول: "نعمل في هذه المرحلة على تخصيص حلولنا بما يناسب النظام المصرفي اللبناني وذلك بما أنّنا عملنا جميعاً في هذا القطاع. ومع هذا، نريد التوسع إلى دول مجلس التعاون الخليجي قريباً، ونحن نعتبر لبنان أرضية مناسبة لاختبار المنتجات".
و"ريسك+ سوليوشنز" هي شركة تكنولوجيا مالية تختص بتطوير حلول في مجال الذكاء المالي وإدارة المخاطر، وتقدمّها إلى المصارف والمؤسسات المالية.
الصورة الرئيسية من "بيكسا باي" Pixabay.