تجنّب الوقوع في حبّ شركتك
من الطبيعي أن يحب رائد الأعمال مشروعاً تجارياً أنشأه بنفسه وبجهده، ولكن من الممكن أن يؤدّي هذا إلى حالة من الأسى كنهايةٍ لهذه العلاقة.
ينبغي على رائد الأعمال أن يضع في اعتباره دائماً أنه من الممكن أن يأتي يومٌ يصبح فيه الخروج أو الإنفصال أمراً ضرورياً من أجل مصلحة العمل. لذا يترتب عليه أن يتعلّم منذ البداية كيفية الخروج من العمل، أو أن يصبح أقلّ انخراطاً فيه يوماً بعد يوم.
ومن أجل تحقيق النموّ المستدام والنجاح، فهو من خلال إدراكه لعدم القدرة على القيام بكافة الأدوار والمهام بنفسه ينشئ هيكلاً مستقبلياً للخروج بنجاحٍ فيما بعد من دون التسبب في انهيار للشركة.
لقد خبرتُ هذا الأمر مثل الكثير من روّاد الأعمال، حيث وقعتُ في حبّ الأعمال التي أديرها وظننتُ أنّه يمكنني لعب كلّ الأدوار التي من شأنها أن تساهم في تنميتها، ولكنّني لم أستطِع.
الصعود والهبوط في مجال الأعمال جعلني أدرك أنّ هناك ثلاثة أدوار يجب أن تُوزّع على أفراد فريق العمل، على مبدأ أنّ المؤسّس لا يمكنه ولا ينبغي عليه القيام بكافة الأدوار . وهذه الأدوار تتلخّص على الشكل الآتي : الرؤيوي visionary، والمنفّذ excuter، والموجِّه optimizer.
التنازل عن السيطرة
يجب على رائد الأعمال أن يقرّر الدور الذي يجب أن يلعبه من بين الأدوار الثلاثة الأساسية: الشخص الرؤيوي الذي سينمي أعماله، أو المنفّذ الذي سيكفل تقديم المنتَجات والخدمات بنجاح، أو الموجِّه الذي سيعمل على تحسين العمليات التشغيلية.
تعتبر الأدوار الثلاثة متكاملة ومتماسكة تماماً، ولكن يجب تنفيذها بشكل متناسق كي لا يتعرّض العمل للخطر.
عندما قرّرتُ أن أكون رؤيوياً، توجّب أن أكون أقلّ صرامةً مع طلبات الموظفين لزيادة الأجور والحصول على امتيازات إضافية وإجازات. ولأنّ ذلك سبّب إنخفاضاً بكفاءة العمل ومشاكل في الموارد الأخرى، كان عليّ أن ألعب دور الموجِّه الأقلّ تسامحاً.
كذلك في إطار لعب دور الشخص الرؤيوي أيضاً، أردتُ إسعاد العملاء دائماً بما نقدّمه لهم، حتى لو كان من الممكن أن يؤدي هذا إلى طلاء المنتج أو الخدمة بالذهب أو الالتزام بنتائج لا يمكن للفريق تحقيقها.
الرؤيويّ
الدور الرؤيويّ هو الأمثل بحسب تجربتي لأنّ حلم المؤسّس هو الذي أدى إلى خلق المشروع. وبالتالي، إذا أراد رائد الأعمال أن يأخذ دور الشخص الرؤيويّ، عليه أن يتقن توليد الأفكار والمفاهيم الجديدة التي من شأنها الحفاظ على استمرار الأعمال ووضعها في صدارة المنافسة.
يفترض أيضاً على رائد الأعمال الرؤيويّ وضع استراتيجية للنموّ، وبناء فريق عمل متكامل ليعمل على تحقيق النموّ وتصدّر السوق، بالإضافة إلى تأمين الشراكات اللازمة من أجل تسريع وتيرة النمو. بعبارةٍ أخرى، يجب أن يكون الشخص الرؤيوي هو الذي يتحمل المسؤولية النهائية لقيادة الأعمال إلى الأمام دائماً.
المنفّذ
الدور الثاني اللازم لتشغيل شركةٍ ناجحةٍ هو وجود المنفّذ. ويتلخّص دوره في ضمان تسليم المنتَجات ضمن الوقت المحدد وضمن الميزانية المحدّدة، بالإضافة إلى ضمان معايير الجودة. ويشار هنا إلى أن المهمة النهائية للمنفّذ هي تحقيق رضا العملاء، من دون الحاجة إلى طلاء الخدمات والمنتجات بالذهب.
الموجِّه
دور الموجّه هو الذي يضمن تشغيل العمليات التجارية بكفاءة عالية، وتحقيق الربحية والعائد على الاستثمار. وتتمثّل مسؤوليته في تأمين تشغيل الأعمال بطريقة من شأنها أن تضمن بأنّ الشركة مستمرة في العمل بشكل مربح.
بوجود هذه الأدوار الثلاثة وإدارتها بشكلٍ جيد وكفوء، سيتأكّد الفريق من احتمال وجود مشروعٍ تجاريٍّ ناجح، كما سيكون عمله مستداماً حتّى في حال استبدال الاشخاص الذين يؤدون هذه الأدوار.
في النهاية، ستساعد هذه الخطّة روّاد الأعمال على عدم الوقوع في حبّ العمل والارتباط به بشكلٍ أعمى، وتساعدهم على الشعور بالراحة عندما يحين الوقت لترك كلّ شيء.