'أسترولابز' وتنويع الابتكار في دبي
سبق ونُشر هذا الموضوع على "نولدج آت وارتون" Knowledge@Wharton، وهذه نسخة محرَّرة منه ومترجَمة.
محمد مكّي الذي يريد الترويج لثقافةٍ ريادية في العالم العربيّ مجهّزٌ تجهيزاً جيداً، فهذا العراقيّ الأميركيّ الذي درس الاقتصاد في "كلية وارتون" Wharton School، غاص فيما بعد في مجتمع الشركات الناشئة في وادي السيلكون خلال دراسته ماجستير إدارة الأعمال في "جامعة ستانفورد" Stanford University. في عام 2011، شارك مكي في تأسيس "نمشي" Namshi التي تتّخذ من دبي مقراً لها، وهي متجرٌ لبيع الأزياء بالتجزئة احصل على أكثر من 20 مليون دولار كاستثمارٍ مخاطر. واليوم، فإنّ هذا الرياديّ أيضاً هو الشريك المؤسّس لـ"أسترولابز" AstroLabs التي تشاركت مع "جوجل" Google لتأسيس مركزٍ للشركات الناشئة وأكاديمية تدريبٍ في دبي.
منذ الإطلاق المبدئي في نيسان/أبريل من عام 2015، تلقّت "أسترولابز" أكثر من 400 طلبٍ من شركاتٍ ناشئةٍ تُعنى بالتكنولوجيا، بحسب مكي الذي تحدّثت معه "نولدج آت وارتون" مؤخراً في دبي.
وفيما يلي مقتطفات من المحادثة.
"نولدج آت وارتون": ما هي ’أسترولابز‘ دبي؟
محمد مكي: ’أسترولابز‘ دبي هي المركز التقني الوحيد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي يتشارك مع ’جوجل‘، والذي يشكّل منصّة إطلاق للشركات الناشئة التي تعمل على الإنترنت وفي مجال الأجهزة المحمولة والقابلة للتوسّع. مساحة العمل المشتركة التعاونية لدينا التي صمّمها روّاد أعمال من أجل رواد الأعمال، تقدّم مختبراً لأعمال الأجهزة المحمولة ومنشأة للتدريب باسم ’أسترولابز أكاديمي‘. وأيضاً، من خلال شراكةٍ مع المنطقة الحرّة في "مركز دبي للسلع المتعدّدة DMCC والتي ترعاها الحكومة، يمكن لروّاد الأعمال في ’أسترولابز‘ أن يحصلوا على ترخيصٍ لشركاتهم كجزءٍ من عضويّتهم، دون أيّة تكاليف مدفوعة مسبقاً، ممّا يسهّل عليهم الحصول على حسابٍ مصرفيٍّ والاستحصال على إقامةٍ في الإمارات. وبعد قبولهم، يحصل أعضاء ’أسترولابز‘ على خدمات مجموعةٍ من المرشدين المهنيين، وقنوات اتّصالٍ مع أفضل صناديق الاستثمار المخاطر، بالإضافة إلى عروضٍ من مقدّمي خدمات الشركات الناشئة.
"نولدج آت وارتون": لماذا اخترتم دبي لإطلاق هذا المشروع؟
مكي: نعتقد أنّ دبي هي أفضل قاعدةٍ للشركات الناشئة كي تصل إلى السواق الناشئة، إذ يتطلّب الوصول من هذه المدينة إلى المناطق التي يقطنها ثلث سكان العالم حوالي أربع ساعاتٍ من الطيران. البنية التحتية ونمط الحياة هنا من الطراز العالمي، والأفراد وكذلك الشركات لا يدفعون أيّ ضريبة، ويمكنك بسهولة الحصول على إقامات محلّية للموظّفين من أصحاب المواهب من أيّ مكانٍ في العالم، من دون الحاجة إلى التعامل مع عمليات الهجرة الطويلة كما هي الحال في مناطق جغرافية أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ دولة الإمارات ودول الخليج المجاورة لها هي دول غنية تشهد أعلى معدّلاتٍ لانتشار الهواتف الذكية في العالم وتعاني من نقصٍ في شركات التكنولوجيا.
"نولدج آت وارتون": ما هي أنواع الشركات التي تقبلونها؟
مكي: نبحث عن الشركات الناشئة المدفوعة بالتكنولوجيا والتي تكون قادرةً على التوسّع ولديها منتَجٌ متقدِّم جاهزٌ للإطلاق أو العيش في السوق. الشركات الناشئة في ’أسترولابز‘ تعمل في أكثر من 20 قطاعاً، من الطعام وصولاً إلى المالية. على الرغم من أنّنا لا نأخذ حصصاً في هذه الشركات، فإنّنا نلبس ثوب المستثمر لبناء أفضل مجتمعٍ ممكن. وحتّى الآن، قبلنا أكثر من 60 شركة ناشئة ينحدر مؤسّسوها من 27 بلداً مختلفاً.
"نولدج آت وارتون": هل هناك توجّهٌ معيّن بين الشركات الناشئة التي تقدّمَت إلى برنامجكم؟
مكي: بعض المجموعات بدأت بالتشكّل عضوياً، مستفيدةً من بعض الفرص الفريدة الموجودة في دبي إضافةً إلى كونها مركزاً عالمياً للسفر والمال وتجارة التجزئة. أدرنا قبل وقتٍ قصيرٍ برنامجاً لتبادل الشركات الناشئة التي تركّز على قطاعَي الضيافة والسفر، ساهم في جذب أفضل الشركات من مختلف أنحاء العالم إلى ’أسترولابز‘. وهذه الخطوة التي حصلت على دعمٍ من أسماء مثل الإمارات وجميرا و"جوجل"، شكّلت الخطوة الأولى لوضع دبي على الخارطة كمركزٍ لتكنولوجيا السفر.
"نولدج آت وارتون": هل المشاريع متنوّعة؟
مكي: تطورت دبي بشكلٍ كبير خلال السنوات القليلة الماضية من بيئة حاضنة تضنّ حفنةً من الشركات الناشئة المتواضعة التي تفكّر بالتكنولوجيا محلياً إلى لاعبٍ دوليّ مع رواد أعمال يفكرون إقليمياً على الأقل وعالمياً في كثير من الأحيان منذ اليوم الأوّل. في حين يهيمن نسخ نماذج الأعمال الناجحة في الأسواق الأكثر تقدّماً على مفاهيم الشركات الناشئة الجديدة، نشهد الآن أنّ الكثير من الفرق تختار دبي لتكون نقطة انطلاقٍ للشركات المبتكرة نحو مناطق جغرافية عدّة.
"نولدج آت وارتون": ما الذي يحمله المستقبل - بعد خمس سنوات؟
مكي: في عام 2015، قمنا بتوسيع أكثر من 100 شركة. وفي السنوات التالية، نخطط لافتتاح مواقع إضافية في دولة الإمارات وكذلك في السعودية، كما نخطّط لتوسيع شركة التدريب لدينا للعمل على سدّ فجوة المواهب التكنولوجية في الشرق الأوسط/شمال أفريقيا. بطالة الشباب تمثّل تحدّياً كبيراً في المنطقة، ونحن نريد القيام بدورنا للمساعدة في معالجة هذه المسألة.
"نولدج آت وارتون": الأمثلة من هذا القبيل قليلة في العالم، والاستثمارات كبيرة نسبياً. كيف تقيسون النجاح؟ وهل هناك من خططٍ لإجراء أيّ تعديلاتٍ في المستقبل؟
مكي: لقد وضعنا سقفاً عالياً لأنفسنا يمتثّل في لعب دورٍ محوريّ في رسم البيئة الريادية في البلدان التي نعمل فيها. وفي دبي، نطمح لإنشاء مجتمعٍ عالي الكثافة من روّاد الأعمال المدعومين بأفضل الموارد والمرشدين والبيئة المادّية...
نقيس نجاحَنا من خلال نجاح أعضائنا والتركيز على مقاييس مثل نموّ الفرَق، وجولات التمويل المحقّقة، وصفقات التخارج [البيع أو الاستحواذ] المالية. في أقلّ من عامٍ على الافتتاح، شهدنا بالفعل الاستحواذ على أوّل شركةٍ ناشئةٍ تأسّست في ’أسترولابز‘ دبي - وهي ’بينيبلي‘ Beneple (شركة لأتمتة إدارة عمليات الموارد البشرية). بسبب ارتفاع الطلب حتى الآن، نخطّط لتوسيع مساحة مركزنا في دبي، فيما يتمّ استكشاف مناطق جغرافية أخرى لافتتاح نماذج مماثلة.
"نولدج آت وارتون": من الواضح أنّكم كنتم ناجحين في التواصل مع بعض الشركاء الكبار. ما هي الذهنية التي تقف وراء هذا النهج؟ كيف يمكنكم تأمين هذه الشراكات وما هو الدور الذي لعبَته - وستلعبه - في مشروعكم؟
مكي: بقد كنّا محظوظين في إطلاق مشروعنا لهذا المركز التقنيّ مع شريكين ملتزمين جداً، هما ’جوجل لروّاد الأعمال‘ Google for Entrepreneurs والمنطقة الحرّة في ’مركز دبي للسلع المتعدّدة‘ DMCC. منذ ذلك الحين أضفنا شراكاتٍ أخرى مع جهاتٍ مثل ’خدمات أمازون ويب‘ Amazon AWS وشركة الأعمال القانونية العالمية ’لاثام أند واتكينز‘، لمساعدة شركات أعضائنا في العقود والهيكلة. نحن نبحث عن شركاء لديهم مصلحة عميقة في تنمية مجتمع الشركات الناشئة بأنفسهم، ويقدّمون فوائد ملموسة لأعضائنا، والأهمّ من ذلك كلّه أنّهم ينفّذون.