هل يكون مستقبل المشاريع في المنطقة العربية بالتمويل الجماعي؟
دولار واحد من كلّ شخص، وها قد أصبح لديك تمويل (الصورة من Softpro.ua)
التمويل الجماعي، أو جمع الأموال عبر منصّة إلكترونيّة عانى من بداية وعرة في منطقة الشرق الأوسط، لكنّ هذا كلّه قد يتغيّر.
مع مصادر التمويل المحدودة واعتماد أغلب الشركات الناشئة على التمويل الذاتي، يلجأ روّاد الأعمال أكثر فأكثر إلى قوّة الجماهير لتأمين التمويل الذي يحتاجون إليه.
تختلف أنواع التمويل الجماعي الذي تقدّمه المنصّات في هذا المجال، فهي تتضمّن تمويلاً جماعياً مقابل أسهم وتمويلاً جماعياً على شكل دين أو حتى تمويلاً جماعياً اجتماعياً وهو حيث يعطي المساهمون الأموال لشركة ناشئة يؤمنون بقدراتها من دون أن يأخذوا حصّة فيها في المقابل.
تولّد الزيادة في عدد روّاد الأعمال النجاح وبالتالي قصص النجاح. بحسب الرئيس التنفيذي لمنصّة التمويل الجماعي في بيروت "زومال" Zoomal، عبدالله عبسي، "نتلقّى [اليوم] أكثر من 1000 مشروع في الشهر، في حين أنّنا كنّا نتلقى العام الماضي 200."
حتّى اليوم، جمعت مشاريع مختلفة 1.7 مليون دولار عبر منصّة "زومال" (الصورة من "زومال")
على المستوى الإقليمي، ينضج التمويل الجماعي فيما تكتسب منصّات عدّة زخماً كبيراً. من جهتها، ساهمت "زومال" في جمع 1.7 مليون دولار لمشاريع وشركات ناشئة مختلفة منذ تموّز/يونيو 2013؛ كما شهدت نموّاً في عدد كبير من المجالات. وحققت أكثر حملاتها نجاحاً تمويلاً يفوق 100 ألف دولار.
نزل فريق "زومال" المؤلّف من 11 شخصاً إلى الشارع هذا العام ليتفاعل أكثر مع مجتمعه الإقليمي. واستضاف لهذه الغاية ورشة عمل عن التمويل الجماعي في دبي حضرها 44 شخصاً، كما أنّه يخطط لتنظيم ورشة عمل أخرى في الإسكندرية في مصر في 22 أيّار/مايو تسجّل لحضورها 94 شخصاً حتّى الآن. ("ومضة كابيتال" Wamda Capital، الشركة الأمّ لـ"ومضة"، هي من المستثمرين في "زومال").
بدورها، ساهمت "أفكار مينا" Afkarmena، التي تطمح أيضاً لأن تكون بديلاً إقليميّاً عن "كيك ستارتر" Kickstarter و"إندي جو جو" Indiegogo، بجمع تمويل وقدره 120 ألف دولار منذ انطلاقها في أيلول/سبتمبر 2014.
يقول الشريك المؤسس لـ"أفكار مينا"، موريس طاناس، إنّه "في الأشهر الستة الأخيرة، شهدنا زيادة في طلب الاستفسارات [عن التمويل الجماعي] إذ أنّ عدد روّاد الأعمال الذين يبحثون عن مصادر بديلة عن التمويل في زيادة."
عدد المستثمرين في زيادة أيضاً
لا يقتصر النموّ على التمويل الجماعي الاجتماعي ودعم روّاد الأعمال الاجتماعيين، بل ينمو كذلك التمويل الجماعي مقابل الأسهم وذلك الذي على شكل دين.
"نشهد على زيادة في عدد المستثمرين التأسيسيين- ويرتاح الكثيرون حيال الاستثمار من خلال نقابة أو مجموعة من المستثمرين" حسبما يقول كمال حسّان، الشريك في صندوق التمويل وبرنامج تسريع الأعمال في دبي "تورن 8" Turn8، مضيفاً أنّ "التمويل الجماعي يشكّل الطريقة الأسهل ليختبر المستثمر المنتج أو الشركة الناشئة قبل الالتزام بتمويل أكبر."
سجّلت "بيهايف" Beehive شبكة الإقراض المباشر الممتثلة للشريعة التي انطلقت في أيلول/سبتمبر عام 2015 أكثر من ألفي مستثمر ووزّعت تمويلاً وقدره 25 مليون درهم (6.81 ملايين دولار). وعلى عكس منصّات التمويل الجماعي الأخرى التي تسمح لأي صاحب فكرة بالانضمام إليها، تستهدف "بيهايف" الشركات الصغيرة التي تسعى إلى تنمية عمليّاتها وتقدّم تمويلاً يمكن إعادته خلال مدّة تصل إلى ثلاث سنوات.
تمكّنت "أرتسكوبس" Artscoops، المنصّة الإقليمية التي تسمح بشراء وبيع القطع الفنيّة، من تجميع أكثر من 100 ألف دولار من منصّة التمويل الجماعي مقابل الأسهم "يوريكا" Eureeca.
في المقابل، لا يزال المجال بعيداً عن تحقيق طموحات النموّ الهائلة التي يتمنّاها.
في حديث أجراه المدير التنفيذي لـ"يوريكا"، كريستوفر توماس، مع "ومضة" عام 2012، قال هذا الأخير: "اسمعوا مني: الاستثمار عبر التمويل الجماعي سيكون في المستقبل الآليّة الأساسيّة لجمع المال للمشاريع، وبعد عشر سنوات سنتساءل كيف صمدنا من دونه".
لكنّ نقص القوانين يمنع عدداً كبيراً من المستثمرين والمساهمين المحتملين من الدخول إلى هذا المجال.
"تيتا ليلى" هي مؤسسة اجتماعية تنتج الملبوسات الحديثة- من مشاريع "أفكار مينا" (الصورة من "تيتا ليلى")
حان الوقت
ناهيك عن التحضيرات المتعددة التي تسبق إطلاق حملة تمويل جماعي، إنّ تجهيز فيديو موجّه يعبّر عن المفهوم هو ما يحدد نجاحها.
ويشير طاناس من "أفكار مينا" إلى أنّ "وجود شبكة كبيرة من العائلة والأصدقاء لتشجيعك ودعمك في الأيام السبعة الأولى أمر بالغ الأهميّة، فعليك أن تبدأ بالتحضير للحملة قبل أن تنشغل بأمور الحياة، والأمر بأكمله يقتصر على الزخم."
بحسب نورا حسيني، مؤسسة "تيتا ليلى" Taita Leila، يكمن اهمّ عاملان في التمويل الجماعي في تحقيق الشهرة في مرحلة مبكرة والمحافظة على الأسهم. وقد نجحت هذه الشركة التي تعنى ببيع الملابس الفلسطينيّة التقليديّة في تنظيم أنجح حملة تمويل جماعي على منصّة "أفكار مينا" وجمع 36 ألف دولار في أيّار/مايو 2015.
في حديثها مع "ومضة"، تنصح حسيني بالتمويل الجماعي "للمشاريع في مرحلة تأسيسيّة أو للمشاريع المستقلّة؛ أمّا إذا كنت في مرحلة أكثر تقدّماً، من الأفضل أن تبحث عن متبرّعين أو منح. فهذه وسيلة مثالية لاختبار مفهومك والمحافظة على أسهمك."