'سيد ستارز' أفريقيا: 4 نصائح لرقمنة السوق
"كريم"، "هميزات"/"أش مول"، "جوميا"، "أوبر"، و"أفيتو"، يناقشون مسألة الرقمنة. (الصورة من @equartey)
في القارّة الأفريقية الكبيرة، وبالرغم من الفروقات الموجودة بين بلدانها الـ54، يوجد شيءٌ مشتركٌ بينها: جميعها في المراحل الأولى للرقمنة.
هذه الظاهرة تتطلّب عملاً مشتركاً وحثّ الناس على استخدام الإنترنت لتنفيذ أمورٍ كانوا يقومون بها من دون إنترنت، وهي مسألة تحتاج أيضاً إلى تعاونِ مختلف الجهات المعنية لتعزيز الخدمات عبر الشبكة العنكبوتية.
في هذا السياق، وخلال فعالية "سيد ستارز" أفريقيا Seedstars Africa التي عُقدَت في الدار البيضاء، في 30 كانون الثاني/يناير، تطرّق مدراء عدّة شركات ناشئة وشركات تقنية، محلّية وأجنبية، إلى العناصر التي يرونها ضروريةً لتعزيز تواجد القارّة السمراء على شبكة الإنترنت: المال، والتعليم، ونشر التكنولوجيا، والأداء.
وقام كلٌّ من مؤسِّس "هميزات"Hmizate ، كمال رجاد؛ ومدير التسويق السابق في "روكيت إنترنت" Rocket Internet، فينسنت ترينسو؛ ومؤسِّس "تاكسي" Taxiii، ياسر الإسماعيلي؛ وعلوي بلرحيتي وزكريا غسولي من "أفيتو.ما" Avito.ma؛ والمديرة العامة لـ"أوبر" Uber في المغرب، مريم بلقزيز؛ بشرح الخطوات الأساسية الأربعة لرقمنة أفريقيا.
1. المال النقدي يحفّز على الرقمنة
من السهل إقناع الناس في أفريقيا بأنّ الخدمات الرقمية مفيدةٌ وسهلة، ولكن من الصعب دفعهم لتذكّر استخدامها عندما يحتاجون إليها.
وحسبما قال ياسر الإسماعيلي لـ"ومضة"، إنّ "الصعوبة لا تكمن في إقناع الفريق بأنّ الفكرة جيدة بل في حثّهم على الشراء؛ فتغيير السلوكيات أمرٌ صعب."
عندما أطلق كمال رجاد موقع "هميزات" الإلكتروني للصفقات اليومية، لم يكن يمتلك ميزانيةً كبيرة ولكنّه كان يعلم بطريقةٍ أو بأخرى أنّ عليه تعريف جمهوره المستهدَف على شركته. ولذلك أنفق الكثير من المال في البداية على الحملات الدعائية على لوحات الإعلانات.
أمّا موقع الصفقات اليومية "أفيتو.ما" الذي ينتمي الآن إلى "مجموعة شيبستد" الإعلامية Schibsted Media Group، فقد اختار التلفزيون ليقوم بحملته. وعن هذا الأمر، قال المدير العام، العربي علوي بلرحيتي، إنّه "كان علينا إظهار أنّ الموقع أُنشئ من أجل الجميع، وليس من أجل مستخدِمي الإنترنت المخضرمين وحسب."
من جهةٍ أخرى، تُعتبَر مقابلة المستخدِمين مباشرةً من الطرق المعتمَدة للترويج، ولكنّها تكلّف الكثير من المال أيضاً.
وذكر المدير التسويق السابق في "روكيت إنترنت"، فينسنت ترينسو، لـ"ومضة"، أنّ منصّة "جوميا" التي تدعمها "روكيت إنترنت" دفعَت فِرَقها للقيام بهذا الأمر. وكان عليهم أيضاً النزول إلى الشارع حاملين الحواسيب اللوحية لمساعدة المارّة على القيام بعملية الشراء الأولى لهم عبر الإنترنت.
من الواضح أنّ الإعلانات والتسويق المباشر يتطلّبان ميزانيةً كبيرة، ولعلّ ما ساعد "أفيتو" و"أوبر" و"جوميا" على القيام بهذا النوع من الترويج هو أنّها تنتمي إلى شركاتٍ ميسورةٍ مادياً. وبالنسبة إلى "هميزات" و"تاكسي"، فالأولى قد حصلت على تمويلٍ بقيمة 1.6 مليون دولار من شركة استثمار مُخاطِر لاستكمال عملية الترويج لنفسها، والثانية تمّ الاستحواذ عليها من قبل شركة "كريم" Careem.
2. ادفع الناس على القيام بالخطوات الأولى
تتمثّل الخطوة الأولى في تعليم استخدام الإنترنت للأشخاص الذين لا يعرفون ذلك، فيما تكمن الخطوات الأخرى في توفير تجربةٍ جيدةٍ لهم وحثّهم على الدفع والعودة مرّة أخرى.
في هذا الإطار، قامت الشركات من "أوبر" إلى "هميزات" بالاعتماد على الوسائل نفسها: الفيديوهات التعليمية، والبرامج التعليمية، وتوفير الدعم عبر الهواتف، بالإضافة إلى التسويق في الشوارع.
"عليك أن تكون [حاضراً لتوفير الدعم] للمستخدِمين خلال تجاربهم الثلاثة الأولى، لأنّه عندما ينتهون من تجربتهم الثالثة ستكون قد ربحت، وسيصبح عندها استخدام الخدمة بمثابة أمر تلقائي،" على حدّ قول الإسماعيلي.
تختلف تجربة الاستخدام من بلدٍ لآخر، بحسب بلرحيتي وغسولي من "أفيتو"، اللذين أشارا إلى أنّه كان عليهم بذل الكثير من الجهد لتحليل كيفية استخدام الناس للمنصّة في كلّ ولاية، والاستفادة من البيانات الناتجة عن التصفّح، ومن ثمّ تكييف الموقع الإلكتروني مع متطلّبات المستخدِمين.
3. كلّ أمرٍ على حدة أم دفعة واحدة؟
اختلف المدراء الحاضرون حول ما إذا كان ينبغي تقديم المنتَجات الرقمية تدريجياً أم دفعةً واحدة.
فاختارت شركة "كريم" اعتماد تقديم الخدمات بشكلٍ تدريجيّ لتجنّب زعزعة استقرار المستخدِمين، ولجأت إلى سيارات التاكسي ذاتها التي اعتاد المغربيون استخدامها كما سمحَت بتوفير خدمة المدفوعات النقدية. وبالإضافة إلى ذلك، قامَت الشركة مؤخراً بتوفير خدمة الدفع بالأمانة على متن السيارات، بحيث يمكن للعملاء أن يشحنوا حساباتهم بالمال النقدي الذي يدفعونه للسائقين، ما يقرّبهم أكثر من مفهوم الدفع الآلي عبر الإنترنت.
أمّا "أوبر" التي تسعى إلى توفير تجربة الاستخدام ذاتها في مختلف أنحاء العالم، فكان على مستخدِميها الدفع عبر بطاقات الائتمان، لأنّ الشركة تعتبر أنّ عدم توفير الكثير من الخيارات أمام المستخدِمين سيسهّل انتقالهم إلى اعتماد الدفع عبر الإنترنت. ولكن بالرغم من ذلك، قامَت "أوبر" بتغيير هذه المقاربة الإلزامية، ولجأت خلال الأشهر القليلة الماضية إلى تخفيف الإجراءات عبر قبول المدفوعات النقدية في بعض المدن في آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا.
4. الأداء هو الأساس
اكتساب المستخدِمين، وتعليمهم على الخدمات، واختيار التكنولوجيا التي ينبغي عليهم اعتمادها، لا تساوي شيئاً إذا لم تعمل الخدمة بشكلٍ جيّد.
بالنسبة إلى المديرة العامة لـ"أوبر" في المغرب، مريم بلقزيز، كان عليها التفاوض مع كلّ بنك للسماح بقبول الدفعات المتكرّرة. كما أنّ غياب العناوين البريدية الصحيحة شكّل تحدّياً للشركة، بحيث اضطرَّت إلى العمل على مختلف الخرائط المتاحة في المدن التي تعمل فيها، لجعل خدمتها في المغرب فعّالةً كما هي في سائر أنحاء العالم.
بدورها، خاضت "هميزات" مفاوضاتٍ صعبةً استمرّت لسنواتٍ مع خدمة البريد المغربية "أمانة" Amana، لتوفير الموارد اللازمة وتكييف خدمات الشحن الخاصّة بها. وتشمل تلك الأمور إرسال رسائل نصّية قبل الشحن، والاتّصال بالعملاء في المدن الكبيرة، والمتابعة اليومية لعمليات الشحن، والتعامل مع المدفوعات النقدية، وسواها.
وقال رجاد "إنّنا نبذل جهداً كبيراً داخل الشركة لتحسين خدمات الشحن، وقد طوّرنا عملية إدارة العلاقة مع العملاء CRM لتتبّع تواريخ وسجلّات العملاء، والتحقّق تلقائياً من طلبات الدفع عند التسليم CoD عبر الهاتف، على سبيل المثال."
لقد قامَت أفريقيا بالخطوة الأولى تجاه الرقمنة، ولكن ما زال يوجد الكثير للقيام به. ومع وجود قسمٍ كبيرٍ من السكّان ممّن لا يستخدِمون أيّ خدمةٍ عبر الإنترنت، والذين قد يكونون أمّيين في بعض الأحيان، فإنّ إقناعهم باللجوء إلى الخدمات الرقمية لشراء السلع المستعمَلة أو الحصول على حسومات أو الحجز للرحلات سيحتاج إلى الكثير من العمل.