ماذا تفعل حين تواجه الشركات العملاقة؟ [رأي]
زوّار لاهور، من حاضنة الأعمال "أي تو أي" i2i، في إسلام أباد يختبرون خدمة "سفاريه". (الصور من "سفاريه")
مديحة حسن، مؤسِّسة تطبيق طلب سيارات الأجرة الباكستاني "سفاريه" Savaree، أي "راكب" في لغة الأوردو، تبدأ معركةً في وجه شركتَين متعدّدتي الجنسيات تستعدان لدخول منطقتها. وفي ما يلي، تخبرنا عن إنشائها لهذه السوق من لا شيء، وعن اضطرارها الآن للكفاح للاحتفاظ بها.
أعلنت "أوبر" Uber رسمياً عن خططها للتوسّع إلى باكستان بدءاً من لاهور حيث مقرّ شركتي، والآن انقلبَت حياتي رأساً على عقب.
أعلم بالطبع بهذا الأمر منذ أشهر؛ فمنذ سنةٍ ونصف تدور حياتي حول كلّ ما يتعلق بتشارك الرحلات ridesharing وأسعار سيارات الأجرة والشؤون اللوجستية المتعلّقة بالقيادة والسائقين.
ومصدر إلهامي؟ نعم، لقد حزرتم. إنّه ترافيس كالانيك، مؤسس "أبر".
كما يعلم البعض منكم، تُعَدّ "سڤاريه" شركةً محبّبةً إلى القلوب في ساحة الشركات الناشئة في لاهور؛ فهي منصّة باكستانية محلية لتشارك الرحلات تقدّم أيضاً خدمة لطلب سيارات الأجرة، وتسعى إلى إنشاء مجتمعٍ مؤلّفٍ من أشخاص لا يودون التنقّل بمفردهم.
لذا، عندما أتى شخصٌ من شركةٍ مثل "أوبر" إلى لاهور لتقييم السوق الباكستانية في آب/أغسطس من هذا العام، فوجئ بأنّ شغلي الشاغل هو شركته.
وبعد مرور أسبوعٍ واحدٍ على عودته إلى الولايات المتحدة، وردَتني رسالةٌ إلكترونية منه يطلب فيها منّي أن أقدّم سيرتي الذاتية لكي أعمل معهم. تحمّستُ جدّاً للأمر في البدء، وكذلك تحمّس فريقي في "سڤاريه" الذي كان رائد فكرة تشارك الرحلات في باكستان، ولاحقاً رائد فكرة طلب سيارات الأجرة أيضاً.
ولكنّ ذلك كان ينطوي على الكثير من الأمور التي ينبغي علينا التفكير فيها: فهل ستدخل "أوبر" باكستان وتستولي على السوق، هذه السوق التي ساهمت "سڤاريه" في إنشائها أصلاً؟ هل من الأفضل لي أن أعمل لصالح "أوبر" بدلاً من التنافس مع هذه الشركة العملاقة؟
بعد التفكير مطوّلاً في الأمر، أدركتُ أنّني لم أكن مستعدّةً للتخلّي عن ثمرة جهدي بعد، وعن كلّ العمل الذي أنجزناه حتى الآن.
في المحصّلة، كان جوابي سلبياً. لقد أوجدَت "سڤاريه" هذه السوق، ونحن نعرف هذه الأخيرة عن ظهر قلب كما أنّنا نعرف منافسينا.
بعد ذلك وصلت شركة "كريم" أيضاً
أطلقت "فينتشر دايف" VentureDive خدمة "كريم" Careem في باكستان، في أيار/مايو من هذا العام.
وبعد أن غادر شريكي المؤسِّس الشركة، اتصل بي أحد مؤسِّسي "فينتشر دايف" ليعرض عليّ أن أصبح رئيسة قسم التسويق والتصميم لديهم. وأخبرني إنّه سيكون من الصعب على "سڤاريه" أن تحصد الاستثمارات بما أنّ السوق سبق أن أصبحَت مشبعةً. ومن دون استثمارات، سيكون من الصعب عليها أيضاً أن تتنافس مع الشركات الوافدة الأكبر منها والأفضل تمويلاً منها. يمكن القول إنّه كان يُخبرني أنّه حريٌّ بي أن أستسلم الآن.
وبالطبع أنني لم أكن سأقبل بهذا العرض.
الطريق التي شقيناها
في الأشهر القليلة الماضية، ازدهرَت "سڤاريه" لتهيمن على مجال سيارات الأجرة في لاهور، ونمَت الشركة من 3 رحلات فقط في الأسبوع إلى 70 رحلةً في اليوم، الأمر الذي لم يكن سهلاً في مدينةٍ مثل لاهور حيث لم تكن هذه السوق موجودةً من قبل.
بدأنا مع الطلاب - لأنّ مصدر إلهامي الأساسي لإنشاء "سڤاريه" كان اضطراري إلى الانتظار طوال ساعاتٍ عندما كنت طالبةً لأجد من يقلّني إلى المنز - فزرنا الجامعات وجعلنا المستخدمين يسجّلون على المنصّة واحداً تلوَ الآخر، حتى أنّنا أقنعنا الطلاب بالتسجيل مقابل الشوكولاتة (ومن قال إنّه لا يجب أن تقبل الحلوى من غرباء يعرضون عليك أن يقلّوك؟).
بالإضافة إلى ذلك، تنقّلنا من مكتبٍ إلى آخر نشرح عن "سڤاريه" للعاملين بدوامٍ ثابت، كما قصدنا مواقف سيارات المدارس وعرضنا الفكرة على الناس الذين ينتظرون ليقلّوا أطفالهم إلى البيت.
واليوم، بات الناس من جميع مناحي الحياة، من مشاهير إلى أجانب وطلاب، يستخدمون "سڤاريه" لأنّ خدمتنا معقولة التكلفة وموثوقة وآمنة. لقد بنينا سوقاً لتطبيقات تشارك الرحلات وسيارات الأجرة في باكستان.
وها إنّ المعركة تبدأ
لكنّ ما تلا ذلك كان سيئاً؛ فعندما رأينا أنّ الوقت بات مناسباً للبدء بالمفاوضات من أجل الحصول على استثمارات، حدّثت "أوبر" صفحة الوظائف على موقعها الإلكتروني لتقدّم فرص عمل لسكان لاهور.
وفي الصباح التالي تراجع المستثمِر، وبتنا نترقّب أن ترمي "أوبر" بسحرها في باكستان.
طوال يومٍ ونصف، لم أتمكّن من التحرك بتاتاً. شعرتُ بأنّني في نفقٍ قاتم، حيث بدا لي أنّ كل جهودي لبناء "سڤاريه" في طريقها إلى الزوال، ولم يسبق لي أن شعرتُ بهذا الإحباط من قبل طوال مسيرتي الريادية.
لقد استغرقني الأمر فترةً من الزمن لأتعافى من الصدمة وأصبح جاهزةً لمواجهة التحدّيات.
الأمر الوحيد المؤكّد كان أنّني لن أتخلى عن "سڤاريه" بهذه السهولة، فتمالكتُ نفسي وتواصلتُ مع المرشدين الخاصّين بي الذين ساعدوني على إبقاء الأمور في إطارها الصحيح.
وفي هذه اللحظة الحاسمة، نحن مستعدّون للتحدّي ولدينا خطّة، ولن نتخلى عن "سڤاريه" بهذه السهولة، فهي حلمٌ أحمله في قرارة نفسي.
والآن، في هذه المرحلة، بدأت مواردنا تنفد، ولذلك نسعى إلى إيجاد التمويل لنُبقي هذه الشركة الرائدة في تشارك الرحلات في باكستان على قيد الحياة. نحن بحاجة إلى شخصٍ يشعل نار هذه الشركة الناشئة ويبقيها حية.
ما سيحصل في نهاية المطاف عندما تصل "أوبر" فعلاً إلى هنا، سيكون أمرٌ آخر. أمّا الآن، فنحن بحاجةٍ إلى ترسيخ أقدامنا جيداً على الأرض قبل أن يحصل ذلك، سواء كان عبر إنشاء شراكات استراتيجية مع شركات ناشئة أخرى أو الانضمام إلى أيّ طرفٍ مستعدٍّ لمساعدتنا للاستعداد للمعركة الكبرى.
يدفعني هذا إلى التفكير في ما إذا كان ذلك سيكون معركةً أصلاً. فماذا لو قرّرَت السمكة الكبيرة أن تأكل السمكة الصغيرة؟ هل سأقبل بذلك؟ من الصعب التنبّؤ بأي شيء الآن. وإلى ذلك الحين، سنرى كيف ستتطور الأمور؛ فلا شكّ في أنّ الأمور ستزداد حماسةً من الآن فصاعداً.
كان الناس يقولون لي في الماضي إنّه سيكون من المستحيل لي، كفتاةٍ باكستانية، أن أغادر عائلي لأعيش بمفردي في مدينةٍ كبيرةٍ وأدير شركتي الناشئة الخاصة. لكنّني فعلتُ المستحيل. والآن، أصبحتُ جاهزةً لأواجه الشركات العملاقة.