الإستفادة من التجارة الإلكترونية : دروسٌ من 'رايزاب'
مع التخمينات الأخيرة حول إحتمال انتماء الشركة الناشئة التالية التي تتخطى قيمتها المليار دولار Unicorn الى مجال التجارة الإلكترونية، وبسبب سهولة إنشاء متجر على الإنترنت، أصبحت التجارة الإلكترونيّة المجال الأكثر إنتشاراً في المنطقة العربية.
خلال قمة ريادة الأعمال "رايزأب ساميت" RiseUp summit التي إنعقدت أوائل الشهر الحالي في القاهرة، طُرح موضوع التجارة الإلكترونيّة مع باقة من المواضيع الأخرى. وأطال بعضٌ من أنجح روّاد الأعمال في هذا المجال الحاضرين الحديث عن المستقبل الذي يتوقعوه لهذه التجارة في المنطقة.
من جملة المداخلات، أفاد المدير العام لـ"سوق.كوم" Souq.com في مصر، عمر الصاحي، أنّ 35% بالمئة من سكّان منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا الـ381 مليون متّصلين بشبكة الإنترنت، أمّا 12% بالمئة منهم فقط يؤدّون عمليّات شراء عبر الإنترنت.
عمر الصاحي من "سوق.كوم" يقول إنّ الأسواق هي إحدى ركائز
نموّ التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
(الصورة من "رايزأب")
وعن هذا الأمر، يقول الصاحي إنّه "رغم الأرقام التي قد تبدو متواضعة نسبيّاً، إنهم متفائلون لأنها تتزايد بإستمرار، مما يدلّ على إمكانيّات كبيرة للنموّ في سوق التجارة الإلكترونية في المنطقة،" ويعود ذلك الى العدد الكبير من السكّان الشباب في هذه المنطقة الذين يشكلون مصدراً أساسيّاً لحركة الإتصالات على الأجهزة الإلكترونية.
ففي السنوات الخمسة الأخيرة، شهد قطاع التجارة الإلكترونية على الأجهزة الإلكترونية في المنطقة زيادة في القيمة تساوى ستة أضعاف ما كانت عليه، فتقدّر قيمة هذا القطاع في العام الجاري 3 مليار دولار.
توجّهات المستقبل: الأسواق والتكنولوجيا المالية Fintech
يعتقد خبراء "رايزأب" أنه فيما يبحث الناس عن تدفقات مالية جديدة لدعمها، ستشكّل الأسواق التفاعليّة على شبكة الإنترنت Networked Marketplaces وأفكار التكنولوجيا الماليّة الخلاّقة على الأجهزة الإلكترونية، إثنتين من التوجّهات الأكثر تأثيراً على السوق في السنوات الآتية.
تُصَنّف الأسواق التفاعليّة على شبكة الإنترنت كنوع جديد من المجتمعات الرقمية التي تجمع بين أفضل عناصر شبكات التواصل الإجتماعي كـ"فيسبوك" مثلاً، والأسواق التي تسهّل التداول بين عدّة بائعين وعدّة شارين كـ"أي باي" eBay مثلا. ويكمن العامل الذي يميّز الأسواق التفاعليّة الالكترونية في إظهار العنصر الشخصي من خلال صفحة رقميّة شخصيّة للمستخدم. فتساهم هذه الصفحة في إنشاء علاقة طويلة الأمد بين البائع والشاري، عوضاً عن عملية بيع وشراء سريعة.
على سبيل المثال، وصف الصاحي "سوق.كوم" سوقاً تفاعليّة إلكترونية حيث أكثر من 70 ألف بائع يبيعون ويوصلون بضائعهم. وتقدّم أسواق أخرى غير تقليدية كـ"أوبر" Uber و"إر بي أن بي" Airbnb، فرص مشابهة للسكان المحلييّن ليكتشفوا مدير الأعمال الذي في داخلهم.
من جهة أخرى، ووفقاً لرئيس مجلس إدارة"ذومال" Zoomaal الياس غانم: فيما يزداد عدد هذه الأسواق التفاعليّة، تزداد ضرورة إنشاء أساليب خلاّقة ومستدامة للتداول المالي. "فلا شيء أسوء من ألاّ يكون لديك مالاً في جيبك، وأن يضطر البائع أن يحصّل ماله من طرفٍ ثالث."
كذلك، يتوّقع غانم أن ماكينات خدمات الدفع والمعاملات المالية Point of Sale (POS) ستختفي قريباً، ويعتبرها "حلّ مالي عديم الجدوى." ويشرح قائلاً: "لسنا بحاجة لطرف ثالث لنقوم بتبادلات مادية، فكلّ منا لديه هاتف ذكي،" ويمكن للشركات الناشئة أن تعتمد على الزيادات في إستخدام الهواتف الذكية في بعض أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتبني تطبيقات مالية فعّالة على الهواتف الذكيّة. لكنّه يشدّد أنّ على الشركات الناشئة توخي الحذر، فالحلول الناجحة تحتاج الى إلتزام المستهلكين من أجل زيادة نسبة تحويل الزوّار الى مستخدمين وزبائن.
مدير مجلس إدارة "ذومال" إلياس غانم يتكلم في "رايز أب".
(الصورة من أحمد جبر)
إستراتيجية يمكن إتّباعها
قال شريك"إينوفيتي" Innovety شريف مخلوف إنّ حتى الشركات المتمرّسة في التجارة الإلكترونية يمكنها أن تستفيد من خطط العمل التي تحسّن نسبة تحويل الزوّار الى زبائن أو تزيد من عدد الأشخاص الذين ينتقلون الى مرحلة الشراء. وفيما يتعلّق بأهم معادلة يجب على الشركات الناشئة في التجارة الإلكترونية الإلتزام بها، يقول مخلوف: "يجب ألا تتجاوز كلفة إكتساب الزبون، قيمة الزبون الدائمة CLV."
وبحسب مخلوف، يمكن تحسين نسبة تحويل الزوّار الى زبائن من خلال التركيز على تفاصيل المواقع الإلكترونية الصغيرة والحرص على جودة المحتوى. ففي المواقع الإلكترونية، "المحتوى هو البائع."
فضلاً عن ذلك، يعتبر بناء أدلّة إجتماعيّة Social proof إحدى أنجح الطرق التي يمكن أن تستخدمها الشركات الناشئة لإقناع المستخدمين بشراء سلعة ما. وتأتي الأدلّة الإجتماعية على شكل براهين يقدّمها المجتمع المحيط بالشاري. وتؤدي هذه الأدلة وظيفة إقناع الشاري أنه يقوم بعملية شراء مربحة له. فيفرح هذا الأخير عند رؤية لائحة تتضمن أسماء أصدقائه الذين إشتروا من موقع التجارة الإلكترونية نفسه.
كما وتشمل الإستراتيجيات الأخرى لتحويل الزوار الى زبائن الشعور الإلحاح، إذ يكون الشاري مسرع لشراء سلعة قبل أن تنفذ أو قبل أن يزيد سعرها. كذلك تشمل إعادة التسويق والتوجّه للجمهور المستهدف مرّة أخرى، ويتمّ ذلك عن طريق الإعلانات التي تستخدمها الشركات لتذكّر الزبون بالسلعة التي بحث عنها يوماً ما.
وأخيراً، تعتبر معرفة الزبائن حقّ المعرفة إحدى الطرق الأساسية التي تسمح لشركات التجارة الإلكترونية أن تزيد من قيمة الزبون الدائمة.