أول متبار سوريّ يفوز بجائزة 'نجوم العلوم'
يمان أبو جيب، الفائز في الموسم السابع من "نجوم العلوم". (الصورة من "نجوم العلوم")
فاز يمان أبو جيب، أوّل مشتركٍ من سوريا في البرنامج التلفزيوني "نجوم العلوم" Stars of Science، بلقب الموسم السابع لهذا البرنامج.
أبو جيب الذي يبلغ من العمر 22 عاماً ويُعدّ الأصغر بين المتبارين النهائيين الأربعة، والذي يعشق الهندسة منذ الصغر بحيث واظب على دوراتٍ تدريبيةٍ في مجال الفيزياء والروبوتات منذ كان عمره 10 أعوام، نال الجائزة عن مشروعه "جلين" Glean الذي يشتمل على غسّالةٍ تعمل بالطاقة الشمسية وتستخدم كهرباء أقلّ من الغسّالات العادية بنسبة 60%.
كان أبو جيب يعيش في سوريا معتمداً على الطاقة الشمسية في مختلف نواحي الحياة، ولم يكن ينقص سوى الغسالة لكي تعمل بهذا النظام. وعند عمله عليها خلال البرنامج، واجه مشاكل تتعلّق بالهندسة والتصميم (مثل أين ستصرّف الماء؟)، ما سمح له بإثبات مرونته ومهارته في الخطابة. وفي النهاية تمكّن من صنع هذه الغسالة التي سمّاها "جلين"، وهي تستخدم الطاقة الشمسية أيضاً لتسخين المياه، كما انّها تقلّل من استهلاك المياه بنسبة 30% من خلال نظامٍ لإعادة تدويرها.
وبعد حصوله على 37.2% من مجموع الأصوات وبالتالي الفوز في الموسم السابع من البرنامج، سيحصل أبو جيب على جائزةٍ وقدرها 300 ألف دولار أميركي. وفي هذا الإطار، قال إنّه "في القادم من الأيام، لن أعمل على تطوير مشروع ‘جلين‘ وحسب، بل سأعمل على دفع الشباب في المنطقة للثقة بأنفسهم وبقدراتهم على تحسين الحياة من خلال الابتكارات."
الإعلان عن الفائز.
في أيلول الماضي، كان برنامج "نجوم العلوم" قد وعد بأن يشهد الموسم السابع منه "المفاجآت"؛ وبالفعل، فإنّ عرض هذا العام الذي أقيم يوم الجمعة في "حديقة قطر للعلوم والتكنولوجيا" Qatar Science & Technology Park، أثار حماس الحضور وترقّبهم.
فهذا البرنامج التعليميّ المتلفز الذي يُعدّ فريداً من نوعه في المنطقة، قدّم للمبتكرين في المنطقة فرصةً يحتاجونها بشدّة، وهي فرصة تحويل أفكارهم إلى حقيقة. وذلك في وقتٍ تعاني فيه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من عدم توفّر الدعم الكافي بعد، ولكنّها تعوّض عن ذلك من خلال الإبداع والمرونة.
وخلال العرض أيضاً، حصل المتبارون على الإرشاد والدعم واللازم لإيجاد المعادن النادرة التي تساهم في إحياء ابتكاراتهم. وبعد 9 حلقاتٍ و5 جولات تصفية، لم يكن بوسع الجمهور أن يخمّن مَن سيفوز مِن بين المتبارين النهائيين الأربعة لصعوبة المقارنة بينهم.
الفائزون الآخرون
في المركز الثاني حلّ المصري عمر حامد عن مشروعه ‘كرسيّ الصلاة‘، وهو كرسيّ مريح يوفّر الدعم أثناء الجلوس (بحيث يُطوى بحسب حركة الجسد) والوقوف (بحيث يخفّف من الجهد الذي يستغرقه الوقوف بنسبة 25%).
وحامد (الصورة إلى اليمين، من "ومضة") رياديٌّ مخضرَم، فهو سبق له أن أسّس وكالةً متخصّصةً في العلامات التجارية والتصميم الإلكتروني، ومنصّةً للتمويل الجماعي خاصّة بالمسلمين حول العالم تحت اسم "لونش جود" LaunchGood.com.
أمّا مشروعه في البرنامج، فقد برز لكون تصميمه سليماً بنسبةٍ كبيرة ولكونه أيضًا لا يتطلّب الكثير من الهندسة. وفي إطار السعي لإثبات وجود حاجةٍ لمنتَجه، تعلّم هذا الرياديّ خلال المسابقة كيفية إثبات صحّة نموذج المنتَج. وبعدما نال 150 ألف دولار كجائزة عن "كرسي الصلاة"، سيعمل حامد على تحسين هذا الابتكار وتكييفه مع حاجاتٍ مختلفة.
من جهةٍ أخرى، فاز السعودي حسن البلوي بالمركز الثالث عن ابتكاره "ويكاب" WakeCap، وهو قبّعةٌ سهلة الارتداء تحلّل بيانات النشاط الكهربائي للدماغ لتحديد مستوى اليقظة والانتباه. وكان توصّل البلوي إلى فكرة "قبعة كشف النعاس للسائقين" بعد تجربةٍ شخصية كادت تتسبب في وقوع كارثة، حيث كان على وشك أن يتسبّب بحادث سيرٍ أثناء القيادة عائداً بزوجته وطفله حديث الولادة من المستشفى إلى المنزل.
حسن البلوي مع أفرادٍ من عائلته قبل لحظاتٍ من النهائيّ. (الصورة من "ومضة")
ركّز البلوي على تحسين خوارزميات القبّعة وكفاءتها، وهي أمورٌ حسّاسةٌ ولكنّها أساسية من أجل المستهلكين المحتمَلين، فالسوق المحتمَلة لاختراعه المسجّل يمكن أن تطال كلّ مَن يعمل ويتعامل مع الآلات الكبيرة. في المحصّلة، نال البلوي مبلغ 100 ألف دولار وهو سيستمرّ بالعمل على نموذجه الأوّليّ في جامعة "كارنيجي ميلون" في بنسلفانيا.
وبدوره، حلّ في المركز الرابع مهندس الطبّ الحيوي والأستاذ الجامعي محمد مراد بن عصمان من الجزائر، وذلك عن "ديجي هارت" DigiHeart.
ويعتبر جهاز "المحلّل النفسي عبر تخطيط القلب" ECG Stress Analyzer الذي ابتكره بن عصمان أوّل جهازٍ من نوعه مخصّصٍ لمراقبة ضربات القلب والتمييز بين التوتّر الذهني والإجهاد البدني. قد دخل هذا المتسابق الجزائري إلى المسابقة بعد ملاحظة أنّ المبتكرين المحتمَلين غالباً ما يتمّ إثباط عزيمتهم بسبب الأخطاء. وفي هذا الشأن قال إنّه "ينبغي عليك أن تأخذ بما تعلّمته هنا، ومن ثمّ تطبّقه في المكان الذي جئتَ منه."
بن عصمان مع محمد منير الفائز بالموسم الخامس من "نجوم العلوم". (الصورة من "نجوم العلوم")
الأثر والإرث
"ليس من الضروريّ أن تكون عبقرياً لكي تبتكر شيئاً جديداً،" بحسب ما أكّد عضو لجنة التحكيم البروفيسور فؤاد مراد، مشيراً أيضاً إلى أهمّية تحويل الفكرة إلى نموذجٍ أوّليّ وتعليم المهارات القيادية.
وفي حين شاهد الجمهور عرضاً راقياً ومنتِجاً، كان المتبارون السابقون والحاليون ينسجون أفضل العلاقات سوياً. فمن بين خرّيجي "نجوم العلوم" السابقين، حضر كلٌّ من بسام جلغة (من "رودي تيونر" Roadie Tuner، "دوزان" سابقاً)؛ وزياد سنكري ("كارديو دياجنوستيكس" CardioDiagnostics)؛ وخالد أبو جسوم ("طاهي"Tahi Technologies)؛ ومحمد دومير ("دكتور دومير" Dr. Doumir).
الفرق
بغض النظر عن التشابه الكبير بين الفائزين السابقين في "نجوم العلوم" والمرشّحين النهائيين في هذا العام الذين يمتلكون خلفياتٍ معتبرة ورسائل يريدون إيصالها، فإنّ هذا البرنامج في الواقع يمكن أن يخلّف أثراً. كما أنّه يوفّر أمراً غالباً ما تسمع عنه في عالم الشركات الناشئة، وهو الجمهور المستعدّ للاستثمار في المرشّح وليس في النموذج الأولي بحدّ ذاته.
هذا البرنامج الذي يُصنَّف على أنّه "برنامج الواقع التعليمي والترفيهي" وليس كالبرامج الترفيهية العادية، لا يزال قوياً حتّى في موسمه السابع مع الملايين من المتابعين والاهتمام المستمرّ. وهذا ما يدلّ على أنّ المنطقة متعطّشةٌ للفرص المخصّصة للمبتكِرين.
ولكن كيف يمكنك أن تُبقي على مثل هذا الإنتاج الماضي لفترةٍ طويلة؟ يكمن الجواب في البراعة والتأقلم، إذ أنّ البرنامج يستمرّ يتكيّف مع احتياجات المنطقة باستمرار، كأيّ هيئةٍ تدعم الابتكار (وروّاد الأعمال).
ومن هذا المنطلق، سوف يشهد الموسم المقبل إضافةً جديدةً تتمثّل في زيادة الفئة العمرية من 18 عاماً حتّى 35 عاماً، بعدما كانت سابقاً حتّى 30 عاماً فقط، كما أنّ مجموع الجوائز التي سيتقاسمها المتبارون سيصل إلى مليون دولار أميركي.
باب تقديم الطلبات للموسم الثامن مفتوحٌ من الآن.