تطبيق 'النوتة': انجح ثمّ ابحث عن استثمار
تعد مشكلة التمويل من أهمّ معوّقات استدامة الشركات الناشئة، لاسيما التقنية منها، التي تسعى دائماً إلى توفير حلولٍ اقتصادية لتطوير خدماتها لتتمكّن من الصمود أطول وقتٍ ممكنٍ قبل الشروع في طرق أبواب المستثمِرين.
وفي معظم الأحيان، لا يحاول رائد الأعمال جذب مستثمِرٍ قبل نضوج نموذج عمل مشروعه، لكي تصبح المهمّة أسهل.
محمد حماده، الرابع من اليسار، المركز الثالث في مسابقة "مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط"، قطر. (مصدر الصورة)
هذا ما فعله مؤسِّس "النوتة" Ennota، محمد حماده، بعد مرور أكثر من عامٍ ونصف على إطلاق تطبيقه لمراجعة حسابات المشروعات الصغيرة بطريقةٍ مبسّطةٍ وباللغة العربية، والذي يدعم التشغيل على شبكة الإنترنت ونظامَي "أندرويد" Android و"آي أو إس" iOS.
رحلة قصيرة لكنها غنية
بدأ حماده في شهر إبريل/نيسان 2014 بتمويلٍ ذاتيّ، ثمّ حصل على دعمٍ جرّاء التحاقه بمسرّعة الأعمال "فلات 6 لابز" Flat6Labs العام الماضي، التي منحَته 15 ألف دولارٍ مقابل حصّة نسبتها 15% في الشركة. وحصل تطبيق "النوتة" أيضاً على جائزةٍ ماليةٍ بلغَت 20 ألف دولار، بعدما تبوّأ المركز الثالث ضمن فعاليات "مؤتمر إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط" Enriching the Middle East’s Economic Future في الدوحة، مايو/أيار 2014.
هذه المبالغ مكنّت حماده من تطوير خوارزمية "النوتة" وتعديلها، بحيث أطلق الأسبوع الماضي نسخةً جديدةً من التطبيق حملَت مجموعةً من المزايا الإضافية، من بينها مستويات مختلفة لتكييف الميزانية وفقاً لنموذج العمل، وخاصّية لمتابعة القروض والأصول والمدفوعات الآجلة.
وبعدما انتهَت مرحلة النسخة التجريبية المجانية، قرّر مؤسِّس "النوتة" (بعد دراسة السوق) أن يتراوح سعر تحميل التطبيق (في نسخته الجديدة) بين خمسة وعشرة دولارات شهريًا. ومن المقرر تفعيل الدفع مطلع الشهر المقبل عبر بطاقات "ون كارد" OneCard، بالتعاون مع خدمة "فوري" Fawry للدفع الإلكتروني.
وبعد وضوح رؤية "النوتة" ونموذج العمل والنموذج الربحيّ، بدأ حماده رحلة جذب استثمارٍ مُخاطِرٍ يدعمه في خططه التوسّعية المستقبلية.
فريق عمل النوتة ضمن حفل تخريج الدفعة السابعة من "فلات6لابز". (مصدر الصورة)
هذا النجاح الذي يلقاه التطبيق لعلّه يعود أيضاً إلى خلفية مؤسِّسه التعليمية التي ساعدَته على تكوين رؤيةٍ واضحةٍ لإدارة مشروعه وتحديد أهدافه. فحماده يحمل ماجستير في هندسة الإلكترونيات من جامعة كاليفورنيا، وماجستير إدارة في أعمال تقنية من جامعة "ويستمينستر" Westminster College، بالإضافة إلى شهادة في ريادة الأعمال.
مزايا عملية أكثر
في البداية، "أردنا إطلاق تطبيقٍ يساعد على تنظيم الحسابات الشخصية؛ ولكنّنا وجدنا تطبيقاتٍ أخرى تقدم الخدمة، ووجدنا حاجةً ماسةً لدى أصحاب المشروعات الصغيرة إلى توفير حلولٍ رقميةٍ دقيقةٍ تساعدهم على ضبط الحسابات المالية التي كانوا يدوّنونها ورقياً وتفتقر إلى الدقّة؛ فقرّرنا تعديل نموذج العمل،" يقول حماده في حديثه مع "ومضة".
ونتيجةً لذلك، فإنّ من أهمّ مزايا "النوتة"، بحسب مؤسِّسه أنّه يساعد صاحب المشروع على التخطيط والتطوير واتّخاذ القرارات وبناء رؤية من شأنها تنمية معدّلات الأرباح، فـ"تدوين الحسابات ليس مُجدياً إلّا إذا ترافق مع حلولٍ ذكيّةٍ تواكب التطوّرات التقنية وتساعد على توفّر كشوفاتٍ محاسبيةٍ دقيقةٍ ومُحكمةٍ يمكن أن تسهّل عملية الاقتراض."
التسويق الجيد ليس مدفوع الثمن دائماً
يعوّل حماده في عملية التسويق على انتشار استخدام الهواتف الذكية في مصر، التي أصبحَت الدولة الأولى إفريقيًا من حيث هذا الانتشار. وهذا ما أكّده تقرير صادر (منذ أيام) عن "آب مايكر" AppMaker، لتطوير تطبيقات المحمول، يوضح أنّ حصّة الهواتف الذكية في مصر بلغت 67,8% من إجمالي الهواتف المستخدَمة محليّاً.
تلك الأرقام انعكسَت إيجاباً على خطوات "النوتة" على ما يبدو، إذ "شهد التطبيق 1500 تنزيل من شبكة الإنترنت قبل أن نخصّص ميزانيةً للتسويق. وبعد إطلاق النسخة الجديدة، بدأنا أوّل تجربة لنا مع التسويق المدفوع، حيث شهد التطبيق بالفعل حوالي 100 تحميلٍ يوميّاً على مدار الأسبوع الماضي"، على حدّ قول حماده.
يوضح حماده أنّه يعتبر المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر تشكّل أكبر سوقٍ له على الإطلاق، بالإضافة إلى وجود فرصةٍ جيّدةٍ لشراكاتٍ محتمَلة مع المؤسَّسات غير الربحية التي توفّر التمويل لتلك المشروعات: "وفقًا لدراستنا، تضمّ مصر نحو 15 مليون مشروعٍ صغير ومتناهي الصغر، ومليونَي قرضٍ لصالح مشروعاتٍ متناهية الصغر."
تطبيق "النوتة" على الويب: أرقام ورسومات بيانية.
هذا وبدأت "النوتة" برنامجًا تجريبياً لتدريب أصحاب المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر مع "جمعية رجال أعمال الإسكندرية" Alexandria Business Association، التي تمنح قروضًا لهذه الفئة من المشروعات. ويقول حماده إنّ "مِن أهداف هذه الجمعية والجمعيات الأخرى التي تمنح القروض لهذه الفئة هو تدريب روّاد الأعمال على الإدارة المالية والمحاسبية. بدأنا بالفعل نطرح فكرة تدريب أصحاب المشروعات على استخدام ‘النوتة‘، ولاقينا قبولاً من معظم الهيئات حتّى الآن."
خطط توسّعية متدرّجة
يستعدّ حماده للسفر إلى مدريد، في الثامن من حزيران/يونيو الجاري، لحضور فعاليات اليوم الختامي لمسابقة "المركز السعودي الإسباني للاقتصاد والتمويل" SCIEF، وذلك بعدما اختارَت لجنة التحكيم تطبيقَ "النوتة" ضمن أفضل 6 مشاريع ناشئة تدعم الاقتصاد العربي. وسيحصل كلّ مشروعٍ على فرصةٍ لاستعراض فكرته أمام الحضور، بالإضافة إلى ألفَي يورو.
وبعد عودته من مدريد، يسعى المؤسِّس إلى جذب استثمارٍ يمّكنه من إجراء بعض التحسينات الإضافية على النسخة الحالية من التطبيق. فهو يأمل أن يضيف خاصّية التوقّعات المالية للشركات لتُخبِر أصحابها عن أوضاعهم المحاسبية أوّلاً بأوّل، كما يخطّط لإضافة خاصيّاتٍ أخرى مثل إصدار الفواتير وكشوفات الرواتب الشهرية.
والاستثمار الجديد، سيمنح مؤسّسَ "النوتة" فرصةً لتعيين طاقم عملٍ بدوامٍ ثابت، وهوما يُعتَبر واحداً من أهمّ التحدّيات التي تواجهه الآن، إذ أنّ فريق العمل الحاليّ يضمّ ثلاثة متفرّغين فقط من أصل 8 موظّفين.
إذا تحقّقَت خطط حماده التوسّعية، يمكن أن يصبح منافساً قويّاً لعدّة تطبيقاتٍ عالميةٍ تركّز على رصد الوضع المالي للشركات الصغيرة في محاولةٍ لدعمها، فهل ينجح؟