كيف تعالج التكنولوجيا مشكلة البطالة في المنطقة العربية؟
يمكن للمستثمرين في التكنولوجيا وروّاد الأعمال، أن يساعدوا في التقليل من تأثير الانفجار المتوَقّع في معدّل البطالة بين الشباب في المنطقة العربية. وإذا استمرّت الزيادة في عدد المواليد بالمعدل الحالي، يمكن أن يصل عدد السكان في العالم العربيّ إلى 598 مليون نسمة بحلول عام 2050، من ضمنها 149.5 مليون شابٍّ عاطلٍ عن العمل. ولهذا يجب أن يُخفّض معدّل البطالة الحاليّ الذي يبلغ 25.1% بين هذه المجموعة، ويمكن أن يتمّ ذلك من خلال زيادة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا. فإيجاد حلقةٍ جيّدةٍ من الاستثمار في شركات التكنولوجيا الناشئة، له تأثيرٌ إيجابيٌّ بشكلٍ كبيرٍ على مستقبل المنطقة العربية اقتصاديّاً واجتماعيّاً.
البطالة بين الشباب
تمتلك المنطقة العربية نسبة بطالةٍ تصل إلى 25% بين الشباب، وهي النسبة الأعلى في العالم.
ولذلك يجب زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، على المستويَين الخاصّ والرسميّ، بهدف التخفيف من المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المرتبطة بالبطالة بين الشباب. كما أنّ هذه الاستثمارات، ستساعد في خلق فرص عملٍ أكثر وذات جودةٍ عالية.
أما المنطقة العربية اليوم، فهي متأخرة جدّاً عن بقية العالم من حيث رأس المال المُخاطِر السنويّ، حيث يُقدَّر بـ 10 أضعافٍ أقلّ من الهند و15 ضعفاً من الصين و35 ضعفاً من أوروبا و200 ضعفٍ من الولايات المتّحدة الأمريكية. وهذا ما يُظهِر بالتالي عدم حصول الشركات الناشئة في المنطقة على التمويل الكافي.
بدورها، بذلت حكومات المنطقة والشركات الكبيرة جهداً كبيراً لخلق فرص عملٍ للشباب في المنطقة.
فَسَدّ الفجوة مع بقيّة العالم وزيادة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا من خلال دعم الشركات وصناديق التمويل وحاضنات الأعمال والتربويين الذين يمكنهم الاستثمار، إضافةً إلى التدريب ودعم وفتح آفاق جديدة، كلّها أمورٌ من شأنها خلق فرص عمل ذات قيمة والمساهمة في تحسين الحياة والإنسانية في منطقتنا.
التكنولوجيا
توجد إمكاناتٌ هائلةٌ لمساهمة التكنولوجيا في العمالة وفي نموّ الناتج المحلّي الإجماليّ على المستوى الوطني. على سبيل المثال، إنّ مدينة كامبردج في المملكة المتحدة، المشهورة نسبةً لجامعتها، قرّرَت قبل أقلّ من عقدٍ من الزمن فتح أبوابها لروّاد الأعمال التقنيين والمستثمِرين. واليوم، توظّف المدينة 57 ألف شخصٍ في شركات التكنولوجيا التي تملك مشاريع بقيمة ما يقارب 50 مليار دولار. ولكي نوضّح أكثر، فإنّ شركةً صناعيةً تقليديةً كبيرةً (دون ذكر اسمها) مع 50 ألف شخصٍ من الموظّفين، تملك قيمةً سوقيةً تُقدَّر بنحو 20 مليار دولار.
أما هنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فأكبر 10 شركات تقنيةٍ مجتمعةٍ لا تتعدّى مواردها البشرية حوالي 2600 موظّف (وتنمو بنسبة 100٪ في السنة)، وتدير مشاريع بأكثر من 2.5 مليار دولار أمريكي، وتولّد أكثر من 800 مليون دولار من العائدات سنوياً. وهذه الشركات إمّا أنّها لم تكن موجودةً قبل خمس سنوات، وإمّا تواجدَت ولكنّها كانت عبارةً عن شركاتٍ حديثة الولادة أو ناشئةٍ تضمّ عدداً قليلاً جدّاً من الموظّفين وتولّد عائداتٍ قليلةً جدّاً. وبالتالي فإنّ قطاع التكنولوجيا يُعتَبَر واحداً من القطاعات القليلة التي يمكن أن توجِد رأس المال وكذلك الوظائف القيّمة والمحفِّزة فكرياً، حيث يتمّ ذلك بسرعةٍ وبمَبالغ متواضعةٍ من رأس المال.
شركات التكنولوجيا هذه ينتج عنها فوائد تراكميةٍ للاقتصاد، وهذه ميزةٌ فريدةٌ يختصّ بها قطاع التكنولوجيا. وبالرغم من أنّها يمكن أن تكون مدمّرةً في بعض الأحيان، إلّا أنّها في الغالب توجِد قيمةً مضافةً جديدةً عجزَت الأعمال التقليدية عن تحقيقها.
من جهةٍ ثانية، إنّ الوظائف الإدارية تولّد متوسط راتبٍ يتراوح بين 5 و10 أضعاف الراتب الذي ينتج عن الوظيفة التي يشغلها العمّال. وهذا يعني أنّ 2600 عاملٍ في أكبر 10 شركات تكنولوجيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يكسبون أكثر ممّا يكسبه ما يعادل 10 آلاف إلى 20 ألف موظّفٍ يشغلون وظائف في النظام الاقتصادي القديم في قطاعات الصناعة والتجارة والبناء. وبالإضافة إلى أنّهم يتمتّعون بقدرةٍ شرائيةٍ مرتفعةٍ من شأنها تقوية اقتصاد المنطقة، فإنّ الأكثر أهميةً يكمن في شعورهم بأنّهم متمكّنين في وظائف تثير التحدّي الفكري، وهذا كلّ ما يرغب به الشباب العربي.
في المحصّلة، يتعيّن على الحكومات الإقليمية على وجه الخصوص وكذلك مؤسَّسات الاستثمار والمستثمرين الكبار، أن يستثمروا في أفضل الجامعات التقنية وحاضنات الأعمال ومسرِّعات النموّ ومستثمري رأس مال المُخاطِر. كما ينبغي عليهم ضخّ المال إلى جميع المساهمين في سلسلة القيمة، بالإضافة إلى تقديم مكافآتٍ للأشخاص الذين يوفّرون فرص عملٍ وعائداتٍ على الاستثمار.