هل يحلّ المتدرّبون مشكلة التوظيف في الشركات الناشئة؟
"على كلّ شركةٍ أن تفتح أبوابها للمواهب الشابّة وتضخّ دماءً جديدةً في شرايينها، مثل المتدرّبين والمتمرّنين (المتدرّبون الذين قد يصبحون موظّفين بدوامٍ كامل فيما بعد)، وينبغي ترك الأفكار القديمة القائلة بأنّ ‘الخبرة هي الأهمّ‘،" بحسب مؤسِّس "إنتيرنز مي" InternsME، جان-ميشال جوتييه، الذي أجاب عن سؤالٍ عن أهمّية شركته الناشئة.
إنّ توظيف المتدرّبين بدلاً من الموظّفين، قد يكون بديلاً مالياً ذكياً للشركات الناشئة. ويقول جوتييه، إنّه يجب على الشركات في دبي أن تدفع مقدّماً ثمن الضرائب والتأمين ورسوم تأشيرة الدخول إذا لزم الأمر، ممّا قد يجعل الموظّف الواحد يكلّف الشركة نحو 10 آلاف درهمٍ إماراتيٍّ (2,730 دولاراً أميركيّاً). وعن هذا الأمر يقول رائد الأعمال إنّه "بمثابة خطرٍ كبيرٍ الشركات الصغيرة والمتوسّطة وعلى الشركات الناشئة. فالتكلفة العالية عن كلّ موظّفٍ يمكن أن تؤدي إلى إفشال الشركة." من خلال توظيف المتدرّبين إذاً، يمكن تخطّي هذه النفقات.
بالنسبة إلى المتدرّبين، إنّ القيام بعملٍ مؤقّتٍ في شركةٍ ناشئةٍ يمكن أن يؤمّن لهم خبرةً كبيرة، سواء كانوا حديثين في مجال العمل أو ينتقلون من مجالٍ إلى آخر. ولكنّ كثيراً منهم لا يثقون بأنّ تكريس وقتهم في هذا العمل الحرّ لشركةٍ ما، قد يؤمّن لهم وظيفةً مدفوعة الأجر في نهاية فترة التدريب. ولهذا، تأمل "إنتيرنز مي" في تغيير هذا الأمر عبر إيلاء مزيدٍ من الاهتمام لعملية المطابقة بين المتدرِبين والشركات، حيث يمكن أن يحصل المتدرّبين على فرص عملٍ عند انتهاء فترات التدريب التي قضوها ضمن الشركات. ويشرح جوتييه قائلاً، "نحن لا ندعو الشركات لاستقبال المتدرّبين والخرّيجين الجدد وحسب، بل أيضاً لجذب الموهبة المناسبة والملائمة التي يبحثون عنها."
"من المهمّ جدّاً أن نُثبتَ أنّنا نهتمّ في الواقع"
تقوم "إنتيرنز مي" بالتدقيق بعنايةٍ في ملفّات المستخدِمين التي يتمّ رفعها على موقعها. وفي وقتٍ يتمّ استقبال 50 إلى 100 مرشّحٍ يومياً، يقوم الفريق بالتحدّث مباشرةً مع كلّ مرشّح مُضافٍ حديثاً إلى الموقع للتأكّد من تناسبه وللتعرّف أكثر إلى شخصيّته واهتماماته. وعن هذا الأمر يقول جوتييه، "إنّ الناس بمجرّد تسجيلهم على الموقع يظنّون أنّهم أضافوا سيرتهم الذاتية إلى سيَر كثيرةٍ أخرى وحسب، ولكن من المهمّ جدّاً أن نُثبتَ أنّنا تهتمّ في الواقع. فنحن نعلم أنّ هذا استثمارٌ يحتاج إلى الكثير من الوقت [لكلٍّ من ‘إنتيرنز مي‘ والمتدرّبين] ولكننّا نعلم أنّه يعمل بشكلٍ جيّد."
من جهةٍ أخرى، فإنّ هذه الشركة الناشئة تعتمد كثيراً على المعارض المخصّصة للتوظيف وتحافظ على وجودٍ قويٍّ ضمن الجامعات، كما أنّها تنظّم فعالياتها الخاصّة لجذب أفضل المتدرّبين. ففعالية "ذي تالينت هانت"The Talent Hunt (صيد المواهب) التي كانت من أولى الفعاليات التي نظّمها الفريق، عرفَت نجاحاً غير متوقّع. وهي كانت معرضاً للتوظيف فريداً من نوعه وفعاليةً لاكتشاف الميول المشتركة، حيث سمحت للمرشّحين أن يجلسوا مع أصحاب القرار في الشركات وأن يسوّقوا أنفسهم. كما أتاحَت هذه الفعالية أمام أرباب العمل الذين عادةً ما يقومون بعمليات التوظيف عبر الإنترنت، الفرصةَ في لقاء المرشّحين للوظائف وجهاً لوجه. ويقول جوتييه، إنّ المزيد من الفعاليات المشابهة في طور الإنجاز.
استقبلَت الفعالية بداية الأمر مجموعةً مختارةً من 240 خرّيجٍ جديدٍ و15 من أرباب العمل، ولكنّها انتهَت بما يزيد عن 400 "مرشّحٍ حظوا بفرصة مقابلة شركاتٍ تريد التوظيف مثل ‘سيفورا‘ Sephora و‘إنتل‘ intel و‘إليفيزيون‘ Elevision و‘شوب جو‘ Shopgo و‘ومضة‘،" وفقاً لجوتييه. كما يضيف أنّهم سيعملون على تنظيم المزيد من هذه الفعاليات، ولكنّها ستكون أكبر ومنظّمةً بشكلٍ أفضل.
واضعةً المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR بعين الاعتبار، قرّرت شركة "إنتيرنز مي" أن لا تُلزم المرشّحين بدفع أيّ بدلٍ مادّي "لأنّنا نعمل لأجلهم ولمساعدتهم،" كما يشرح جوتييه. بل إنّ الشركات التي تبحث عن مرشّحين للوظائف الشاغرة التي لديها، هي التي تقوم بالدفع مقابل الخدمات. ومن أجل أن تميّز نفسها عن المواقع الإلكترونية الأخرى للتوظيف، تعمل "إنتيرنز مي" على نموذج شراكة، حيث تقوم الشركات بالاشتراك لكي تصبح عضواً في هذه الشبكة. إذ تقوم كلّ شركةٍ بتعيين مدير حساباتٍ، وبدوره يقوم الفريق بإضافة لمسته الخاصّة على العلاقة.
كيف يمكن لأرباب العمل جذب المواهب المناسبة ومن ثمّ المحافظة عليها؟
إذا لم تكن مستعدّاً بعد للاستعانة بخدمات "إنتيرنز مي"، فإنّ جوتييه يقدّم لك بعض الخطوات التي تساعدك في جذب مرشّحين أفضل.
1. أنشر توصيفاً مميّزاً للوظيفة. لا يتعلّق الأمر بالراتب وحسب؛ يجب أن توجّه حديثك للجماعة التي تحاول جذبها. يجب أن تسوّق رؤيتك وأن تكون ملهماً، لكي تتمكّن من جذب المواهب الشابّة. حاول الإجابة عن هذا السؤال: لمَ يجب أن يعملوا معك؟ استخدم الأمور التي تشكّل حافزاً مثل حقيقة أنّهم قد ينتقلون من كونهم متدرّبين مؤقّتين، ليصبحوا أعضاءً في الفريق بدوامٍ كامل.
ويقول جوتييه، "هناك شركةٌ ناشئةٌ في دبي [نشرَتْ توصيفاً وظيفياً مميزاً]، فتمّ التجاوب معها بشكلٍ هائلٍ حيث تقدّم 250 شخصاً لفترة تدريبٍ في وظيفة تطوير الأعمال. من جهةٍ أخرى، قامَت شركةٌ متعدّدة الجنسيات بنشر توصيفٍ وظيفيٍّ بسيطٍ نسبياً، فحصلَت على عددٍ من المتقدِّمين لم يتجاوز نصف ما حصلَت عليه الشركة الناشئة."
2. حدّد المسارات المهنية لأعضاء الفريق الحاليّين. بعض الشركات قد تكون مذنبةً لأنّها لا تفكّر بموظّفيها وبالمشاريع على المدى الطويل. ولذلك، احرَص على أن يكون لديك خطّةً لكلّ شخصٍ وكيف سيتطوّر وأين سيصبح خلال ثلاثة أو ستّة أو اثني عشر شهراً. وبهذه الطريقة فقط، حيث تفكّر بهذه الأمور باكراً، يمكنك تدفع أعضاء فريقك ليتطوّروا وليكونوا سعداء بمراكزهم الحالية والمستقبلية.
3. من الجيّد توظيف المتدرّبين للقيام بمهام قصيرة المدى. طالما يمكنك تقديم فرصةٍ مرضيةٍ للطرفَين، فمن الممكن توظيف شخصٍ ما لفترةٍ قصيرة، وبالأخصّ إذا كنتَ منفتحاً وشفّافاً وقادراً على جعل هذه الفترة ذات قيمةٍ مقارنةً بالوقت الذي يقضونه فيها. وعلى سبيل المثال، فإنّ فترات التدريب الصيفية يمكن أن تكون طريقةً ممتازةً لطلّاب الجامعات كي يكتسبوا الخبرة في العمل.
يستهدف الفريق حالياً الشركات من مختلف الأحجام بهدف الربح في المقام الأوّل، كما يراجعون نموذج التسعير الخاصّ بهم للتأكّد من أنّه يناسب مجموعةً واسعةً من الشركات.
ويتلخّص الهدف المباشر لشركة "أنتيرنز مي" في العمل على إدخال المواهب الجديدة من الإمارات ضمن الشركات التي تتّخذ من الإمارات مقرّاً لها، وفي العمل على إدخال المواهب من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن الشركات في هذه المنطقة. وبعدما يتمّ هذا الأمر، يريد الفريق أن يبدأ عملية تبادلٍ وتفاعلٍ بين المواهب في الإمارات والمنطقة. ويقول جوتييه، "كلّ سوقٍ تنمّي موهبةً مختلفة، وحتّى الآن لا يوجد نظامٌ سهلٌ لتنظيم فترات تدريبٍ عابرةٍ للحدود."
حتّى الآن، تملك "إنتيرنز مي" أكثر من 25 شراكة مع شركاتٍ تأتي جميعها من الإمارات العربية المتّحدة. كما يتواجد لديها 20 ألف مرشّحٍ للتدريب، 80% منهم يأتون من دولة الإمارات.
وفي الآونة الأخيرة، عقدَت "إنتيرنز مي" شراكةً مع "ستيب" STEP، مؤتمرٌ رياديٌّ إقليميّ ينعقد في شهر آذار المقبل، حيث ستعمد هذه الشركة الناشئة إلى اختيار 50 متدرّباً لإدارة هذا الحدث. ويقول جوتييه شارحاً، "سنشارك أيضاً في معسكر الشركات الناشئة الأساسيّ، وفي مسابقة عرض الأفكار حيث سنتطرّق إلى موضوع المواهب ضمن الشركات الناشئة، وسيكون لدينا خيمةً لـ‘إنتيرنز مي‘ في مكان الحدث."
كما تمكّن الفريق من توقيع اتّفاقيةٍ مماثلةٍ مع "مركز دبي للسلع المتعدّدة" DMCC، وأقام معرض الوظائف في الثاني عشر من شباط/فبراير الحالي. ولقد رعَت "إنتيرنز مي" هذه الفعالية إلى جانب "بيت.كوم" Bayt.com، بعدما روّجته ضمن قاعدة البيانات التي تملكها وتشمل كثيراً من الطلّاب والخرّيجين الجدد.
ويختتم جوتييه قائلاً، "إنّ شهر كانون الثاني/يناير كان ممتازاً بالنسبة لنا. والآن، أيّامٌ قليلةٌ تفصلنا عن إطلاق موقعنا الجديد. نأمل ذلك"