مطور ألعاب يكافح للنجاح بالرغم من بروزه الدولي
سمعت في الأشهر القليلة الماضية قصصاً عديدةً عن مطوري ألعاب من المنطقة العربية وكل أنحاء أوروبا يسعون إلى استهداف المستهلكين الإقليميين. والقاسم المشترك بينهم أنّهم واجهوا كلهم نقصاً في موزعي الألعاب، وبخاصة في مجال ألعاب الهاتف، فيما نجحت شركات قليلة ومنها "ميس الورد" في الأردن على إبرام شراكات مع مطورين أجانب لديهم ألعاب رائجة مثل "شاك داون" ShaqDown باستخدام خبرتها لإضفاء طابع محلي على اللعبة.
غير أنّه بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة، يبقى التوزيع المحلي تحدياً. إذ يرى مطورون كثيرون السوق الإقليمية بمثابة مقامرة، حيث يخففون من مخاطر رهاناتهم عبر إمضاء وقت أقل على لعبة واحدة في سبيل إنتاج أكبر عدد ممكن من الألعاب.
وربمّا القليل من الظهور الدولي هو ما تحتاج إليه أي شركة ناشئة من المنطقة لإطلاق لعبة تحقق انتشاراً سريعاً، كما حصل مع الشركة الناشئة اللبنانية "أبجاترون" Abjatron.
بعد السفر إلى أمستردام للتعرف إلى بيئة الألعاب الأوروبية، انكبّ بول عتمة، الذي كان يعمل لدى "ويكسل ستوديوز"، على العمل على لعبته الجديدة "أب وورلد" Upworld التي أطلقها في 6 مارس/آذار.
هذه اللعبة التي هي كناية عن تكديسٍ للأحجار هي اللعبة الأولى التي طوّرتها الشركة الناشئة "أبجاترون"، والتي تحقق نجاحاً كبيراً بعدما فازت بالمنصب الأول في فعالية توزيع جائزة هولندا للألعاب Netherlands Game Award، خلال "آلت سيتي" في بيروت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقد حيث تبارت الفرق تحت رعاية السفارة الهولندية في بيروت بأفكار ألعاب جديدة سلطت الضوء على مهاراتهم الفردية.
وفي حفل توزيع الجوائز، كانت الجائزة الأولى من نصيب عتمة وشريكه المؤسس ميشال أيوب عن إصدار "أب وولرد" الأول، ما أدى إلى اختيار لعبتهما للمشاركة مع 99 لعبةً أخرى في مسابقة "إندي برايز" Indie Prize من "كاجول كونكت" Casual Connect.
وذهب الشريكان في فبراير/شباط في بعثة تضمنت مطوري ألعاب لبنانيين آخرين ذهبوا إلى أمستردام للقاء أبرز اللاعبين في ساحة الألعاب الأوروبية وتشارك رؤاهم والاطلاع على التحديات والفرص التي يقدمها مجال تطوير الألعاب المستقلة حول العالم.
ويقول عتمة معلقاً على الرحلة: "كانت تجربة مفيدة فعلاً. فقد تسنت لنا فرصة لقاء أفضل الأشخاص في هذا المجال، كما وشرف مناقشة رؤيتنا معهم والإطلاع على كيفية عملهم على مستوى الجماعة ككل لدفع عجلة صناعة الألعاب إلى الأمام".
تتطلب لعبة "أب وورلد" من "أبجاترون" من اللاعبين إسقاط قطع أحجار على برج يتمايل من دون السماح للبناء بكامله بالانهيار. فكرة اللعبة مألوفة، لكنّ تصميمها المرح وتأثيراتها الصوتية تجعلك تدمن عليها. كما تتخلل اللعبة المجانية مراحل إضافية مجانية تفرض تحديات أخرى في اللعبة وتسمح لك برؤية الأبراج التي بناها أصدقاؤك في خلفية شاشة لعبتك. وعندما تبني أعلى من بنائهم، يصلهم تنبيه يحثّهم على بناء أبنية أعلى.
ومع أنّ اللعبة غير متوفرة إلا على أجهزة "أندرويد"، ينوي الفريق إطلاقها على نظام "أي أو إس" أيضاً في الشهر القادم، وهو يجني العائدات منها من خلال الإعلانات، في محاولةٍ لجذب المستخدمين بإمكانية اللعب مجاناً.
نشر الخبر
مع كل هذا التأييد المحلي والبروز الدولي الذي تلقته "أب وورلد"، لِمَ لم تحظَ حتى الآن سوى بألف تنزيل منذ إطلاقها منذ أربعة أشهر؟ قد تكمن الإجابة في الصراع الذي واجهته غيرها من الشركات في المنطقة: نقص المعرفة لدى مسوّقي الألعاب.
بحثت "أبجاترون" في البدء عن موزّع في المنطقة ولكن، من دون جدوى. الكثير من شركات التسويق في المنطقة تغيب عنها الخبرة في الهواتف المحمولة، وبالأخص في ألعاب الهواتف المحمولة وفقاً لعتمة. للتصدي لهذه المشكلة، يوجه عتمة دعوةً للجامعات المحلية لزيادة فرص التعلّم لمطوري الألعاب والمصممين والمسوقين المهتمين بالألعاب على وجه الخصوص.
ولسدّ ثغرة التسويق في المنطقة، بحث الثنائي هذه المرة على الصعيد الدولي، ما فرض عليهم تكاليف باهظة كانت عائقاً كبيراً أمام هذه الشركة الممولة ذاتياً. وفي حين اعتقد الشريكان في البداية أنّهما بإمكانهما التسويق للعبة بنفسهما، يعرّب عتمة الآن عن ندمه لعدم استثماره في شركة تسويق خارجية مع انخفاض أعداد مرات التنزيل.
ولكن، على الرغم من التحديات، يبقى إيمان عتمة كبيراً بقوة تطوير الألعاب المستقلة في إنتاج بأمور ممتازة. فيقول: "قم بالأبحاث اللازمة وتعلّم الكثير وقم بالكثير من الدراسات. إبقَ على اطلاع على كل لعبة جديدة تصدر. ركّز على تطوير نفسك وستتمكن من النجاح. هذا المجال غني جداً وفريد ومليء بالتحديات. يمكنك النجاح بمفردك ولكن، عليك المحاولة بارتكاب الأخطاء أولاً".
أما الآن، فلدى "أبجاترون" بضع أفكار جديدة غير أنّ الوقت سيبيّن ما إذا كانت روح الاستقلالية هذه قادرة على تخطي تحديات التوزيع. وفي إشارةٍ إلى نجاح لعبة "أنجري بيردز" الجنوني من "روفيو" Rovio، أضاف: "وراء كل لعبة ناجحة هناك 51 محاولةً فاشلةً".