شابة بحرينينة تطلق مجلة ناجحة في لندن وتنقلها إلى ديارها
التقيتُ وفاء عبيدات لأول مرة في فعالية "تيدكس للشباب" TEDxYouth في البحرين. وقد أدهشني كيف كانت هذه الشابة التي لا تتجاوز الثالثة والعشرين من العمر تدير عمليات مجلة سكتشبوك Sketchbook Magazine من شقتها الصغيرة في "نوتينغ هيل" في لندن، مع حوالي 400 مساهماً ومتطوعاً يعملون مجاناً.
ومنذ أيامها الأولى في لندن، أسست عبيدات وكالتها الإبداعية الخاصة، وحققت النجاح في لندن ونقلت شركتها إلى البحرين. إليكم كيف فعلت ذلك، وبعض الدروس التي تعلّمتها خلال مسيرتها.
كيف فعلت ذلك؟
بصفتها خريجة من كلية "تشلسي" للفنون والتصميم، عملت عبيدات مع "فوغ نيبون" Vogue Nippon ومصممين من أمثال ليزا بروس وماركو ماتيسيك من مجلة "بيج شو" Big Show Magazine.
ولدت فكرة "سكتشبوك" من رغبة عبيدات في بناء منصة لدعم الفنانين والمصممين الناشئين. وركزت في البداية، على المملكة المتحدة قبل أن تتوسع لاحقاً إلى العالم العربي، و"سكتشبوك" مجلة إلكترونية تبدو وكأنها طبعت على مسودات حقيقية، تفرد مساحات لفنانين مغمورين في مجالات الموضة والفن والرسم التوضيحي والتصوير والتصميم. ومن دون تمويل أو إعلانات، تسلّحت عبيدات فقط بشغفها للتصميم وسحرها في الإقناع.
وتقول عن ذلك "كان الأمر في غاية الصعوبة في البداية. فحين بدأت ألتقي بالناس لإقناعهم بالمشاركة، كانوا يهربون بمجرّد أن يعرفوا أني في الثانية والعشرين. ولكن كان عليّ بالفعل أن أروّج لمفهوم المجلة عبر البريد الإلكتروني لذلك أمضيت 5 إلى 6 ساعات وأنا أوجه الرسائل إلى الرسامين والمصممين والكتّاب لكي أقنعهم بالمساهمة في المجلة عبر أعمالهم".
وعن سبب انجذاب الناس إلى مهمتها، تشير عبيدات إلى أنه "في نهاية المطاف، كنت أؤمّن ملاذًا ليعبّر المصممون الشباب عن إبداعاتهم. ووثقت بالكثير من الشباب من أصحاب المسؤوليات الكبيرة وتشاركت مساحة منصتنا معهم كي يكتبوا ويصمموا ويقدموا مراجعات للفعاليات والمشاريع والمعارض".
وبعد إطلاق "سكتشبوك"، حصلت عبيدات على فرصة لتكون محررة موقع "ديا بوتيك" Dia Boutique، الذي كان الموقع الأول لبيع منتجات رفاهية على الإنترنت في الشرق الأوسط في ذلك الوقت. وكانت تكتب لـ"هاي لايف دبي" High Life Dubai و"بوردرلاين" Borderline ومجلة "بريم" Prim Magazine في نيويورك كمراسلة موضة ومساهمة.
وعندها قررت أن تطلق وكالتها الخاصة "عبي وهيل" Obai & Hill، لتقدم خدمات حسب الطلب وحلولاً في مجال التصميم والعلاقات العامة والتسويق والمجال الرقمي.
شملت مشاريعها الأخرى في لندن تصميم مساحات منبثقة في شارع "كارنابي" الشهير ومعرض الأزياء في حي "ايرلز كورت". وفي البحرين، تضمنت لائحة زبائنها "ماكدونالدز" و"فابيانو" وماركات محلية مثل "بحرين فلور ميل" Bahrain Flour Mill و"غرين داياموند" Green Diamond.
الاختلاف الثقافي
على الرغم من نجاح "عبي وهيل" في إحدى أكثر المدن تنافسية في العالم، لم يكن الانتقال إلى البحرين سهلاً. وتقول عبيدات عن انتقالها "استغرقت سنة كاملة كي أتآلف مع المنظمات ومع ثقافة الأعمال ولأفهم كيف تجري الأمور ومن يمثل ماذا.
وعلمتني التجربة أنك حين تقرر التوسّع إلى مدينة أو بلد آخر، تحتاج إلى الوقت لفهم السوق جيداً". ومن بين الأمور الأخرى التي صدمتها كانت القيود التي تواجه تسجيل الشركة ومتطلبات المساحة المكتبية والشروط المسبقة الذي يجب استيفاؤها للحصول على رأسمال كبير".
وتقول عبيدات مقارنة تجربتها في المملكة المتحدة مع تجربتها في البحرين إنه "في لندن، كان بإمكاني العمل من شقتي من دون أن أضطر للتعامل مع مسائل التسجيل والرسوم، بل كل ما كنت أحتاجه هو مساحة صغيرة وكمبيوتر محمول".
وتتابع "صدمت أيضاً حين اكتشفت أنه إذا أردت أن أنشر مجلة في البحرين، عليّ أن أقدم إثباتاً لوزارة التجارة بأنّ لديّ 132 ألف دولار في حسابي المصرفي وخمسة شركاء بحرينيين. للأسف بعض قوانيننا قديمة الطراز وتعرقل الإنتاجية والإبداع". وهذا طبعاً ليس رأيها وحدها بل رأي الكثير من رواد الأعمال المستقرين في البحرين.
ما الذي تتمنّى لو أنها عرفته
بدأت عبيدات عملياتها في البحرين مع مصمم ومحاسب ومدير حسابات، ووظفتهم واحداً تلو الآخر كلما ضمنت مشاريع جديدة. واليوم يتألف فريقها من 9 نساء في العشرينات من العمر ورجل واحد يعتبرون أنفسهم أصحاب الحلول الخلاقة لرفع قيمة علامات زبائنهم التجارية.
وتقول عبيدات عن تجربتها "أتمنّى لو أنّي عرفت مسبقًا أنه علي أولاً توظيف محاسب. بصفتي شخص مبدع، يعتبر غياب الانضباط مشكلة ولقد أسأت إدارة الأموال التي حصلت عليها من الخدمات ومزجتها مع حساباتي الشخصية. وبدأنا بعدها بتسجيل مشاريع مقابل أتعاب وهو ما سمح لي بخلق ميزانيات للعام التالي والتخطيط للتوظيف التالي".
والعقبة الأخرى التي واجهتها عبيدات كانت الوصول إلى الرأسمال ـ رغم أرقام النمو العالية التي حققتها عبي وهيل (233% في السنة الأولى و70% في السنة التالية). وتقول "شارفت على إبرام صفقتيْ استثمار ولكن كان عليّ أن أتراجع بسبب غياب المهنية لدى شركائي المحتملين. لا نزال نحتاج إلى تعليم المستثمرين كيفية الاستثمار في شركات ناشئة والشركات الناشئة كيفية التعامل مع المستثمرين. أعتقد أن هناك فجوة كبيرة في العملية التعليمية في هذا المجال".
تلتقي عبيدات حالياً بمستثمرين محتملين لإنشاء مركز للإبداع المشترك لرواد الأعمال ولكن تحديد المستثمرين المناسبين يبدو أمراً صعباً.
وتقول "أتطلع إلى مستثمر لديه شغف لإحداث فرق والاستثمار في الناس عبر المنصة التي تبنيها. أتطلع إلى شخص لديه رؤية بعيدة المدى ويكون صادقاً في أهدافه ونواياه عند الاستثمار".