من النساء إلى النساء: كيف تحدّ شقيقتان من نفقات مركز للتسوّق الالكتروني
حين دردشنا آخر مرة مع الشقيقتين كنعان، مؤسستي موقع "أناناسا" Ananasa.com، كانتا تواجهان مشكلة كلاسيكية بين العديد من الرياديين في المنطقة، ألا وهي العثور على المطوّر المناسب لنقل موقع المنتجات اليدوية الذي تديرانه إلى المستوى التالي.
اليوم، وبعد عام ونصف تقريباً، تواصل الشركة الناشئة نموها، فتوظف عضوين جديدين في الفريق وتطلق حملة تمويل جماعي على "يوريكا" في خطوة تتخذها العديد من الشركات الناشئة من أجل الحصول على التمويل، بعد صعوبة اقناع مؤسسات الاستثمار. وكشركة ناشئة في دبي تحاول معالجة المشكلة ذاتها التي تواجهها كبرى شركات التجارة الإلكترونية، تعطي مسيرة "أناناسا" كشركة ناشئة ممولة ذاتياً نظرة صادقة إلى المشاكل التي يحلّها الرياديون الشباب في دبي.
تحديات التمويل الذاتي لشركة تجارية إلكترونية في دبي
قبل عامين، أطلقت رانيا وزينة كنعان منصة في دبي تهدف إلى تزويد المصممين والحرفيين والفنانين من المنطقة العربية بمركز تسوّق إلكتروني، يمكّنهم من بيع أغراضهم لجمهور عالمي. واليوم، بعد عامين من العمل الجاد، استطاعتا تنمية "أناناسا" إلى 400 بائع و3000 منتج معروض للبيع بمعدل أسعار يبلغ 100 دولار.
ومن خلال التركيز على تجربة المستخدم لديهما وعلى التسويق، استطاعتا تطوير الموقع إلى قاعدة مخلصة للزبائن ولكن الأمر لم يكن سهلاً لأسباب عديدة.
أولاً، دبي مدينة باهظة الأسعار، فمع كلفة التسجيل المرتفعة والأجور العالية والإيجار المرتفع للمكاتب، فكرت الشقيقتان في الانتقال إلى الأردن لتخفيف التكاليف.
غير أن سمعة دبي كمركز، أقنعتهما بالبقاء. وتشرح رانيا قائلة إن "الشهرة التي تحظى بها الشركة الناشئة في دبي ليست موجودة في مدن أخرى". وهذا يمكن أن يكون طابعاً إيجابياً وسلبياً في الوقت ذاته، حيث قد تلهي كثرة الفعاليات فريقاً صغيراً مثل فريق "أناناسا". إلاّ أن الأخيرة استطاعت أن تنمو من خلال العثور على توازن بين المشاركة في الفعاليات والعمل.
ثمة تحدي آخر يواجهه المؤسسون الشباب، وهو التعامل مع غياب البنية التحتية المرتبطة بالدفع على الإنترنت. وتشرح كنعان أنه في نهاية كل شهر يشعر الفريق بالاكتئاب من تقييم الرسوم التي يحتاج لدفعها لتحويل المدفوعات على الإنترنت إلى حساباتهم المصرفية.
وكذلك واجهت الشركة صعوبات في التعامل مع الأمور اللوجستية عند التنسيق بين مجموعة متنوعة من الباعة والشحن للمشترين، غير أن الشقيقتين تأملان في تجاوز هذا التحدي من خلال القيام بالتوصيل ذاتياً.
زخم جديد
استطاعت الشقيقتان كنعان تجاوز معظم التحديات الأولية، ويعود جزء من الفضل في ذلك إلى بناء شبكة من الداعمين. وتقول رانيا إنه "من الصعب إعطاء نصيحة كل يوم في عملنا لأن المفهوم لا يزال حديث العهد ولكن لدينا مرشدينا يعطوننا دعماً مفيداً جداً بشكل عام".
ويُعتبر العثور على الموظفين المناسبين، جزءاً كبيراً من السير إلى الأمام. وقد وظّفت الشقيقتان كنعان مطوّرة برمجية بدوام كامل "شغوفة جداً بعملنا وتفهم ماهيته" تقول رانيا، ومسؤولة عن التسويق الرقمي أعطت الشركة زخماً جديداً ونظرة جديدة حول كيفية الوصول إلى مشترين دوليين في اليابان ونيوزيلندا والولايات المتحدة.
وللصدفة كان الموظفان من العنصر النسائي ما جعل "أناناسا" شركة تضم نساء فقط. وتشرح رانيا قائلة "بالصدفة التقينا بهما وتقريباً في الوقت ذاته، ولم نكن قد خططنا لهذا الأمر أبداً."
ومن أجل إعطاء دفعة للشراء، قررت أناناسا إضافة خاصّية المساومة إلى الموقع من أجل إعطاء الزبائن فرصة التفاوض على السعر. ورغم أن هذا الأمر يشبه نموذج "إي باي" eBay، للمزادات، إلاّ أن تأثيره جاء معاكساً، بحيث ساهم بتخفيض الأسعار بدلاً من رفعها.
وتقول كنعان إن "الناس يعتقدون أن الباعة سوف يتمردون على هذا الخيار، إلاّ أنه يزيد المبيعات. وتضيف أن "الناس يحبون المساومة ويحبون الفوز. وتستغل هذه الخاصية ذلك وتثبت أنها فعالة جداً. وبشكل مفاجئ، تزيد بشكل بطيء متوسط قيمة طلبياتنا لأن المشترين كانوا في السابق يبتعدون عن المنتجات ذات الأسعار المرتفعة إلاّ أنهم اليوم قادرون على الحصول عليها بسعر مقبول. كما أن الخاصّية هذه تزيد تبصّر الباعة وتحسّن معدلات التحويلات على المنصة".
وتكشف رانيا بأن حوالي 34% من الزوار يعودون إلى الموقع و10% من المشترين يعودون ليشتروا مرتين و20% من هؤلاء يعودون للشراء ثلاث مرات.
التوجه إلى الاستثمار الجماعي
اليوم، بعد عامين من التطوير، تتطلّع الشقيقتان إلى رفع شعبية العلامة التجارية، وتقول رانيا "نركّز على الحصول على آراء الناس من حولنا وعلى الطاقة منهم من أجل جعل أناناسا علامة أقوى وشركة تؤثر في حياة الناس".
وللقيام بذلك، أطلق الفريق حملة استثمار جماعي على يوريكا. وتقول رانيا "قررنا أن ندعو الجمهور إلى الاستثمار لأن أناناسا هي مركز تسوّق مصمم من الناس للناس ونريد أن نشمل الجمهور في جهودنا".
تشرح رانيا أن المستثمرين في أناناسا سيساعدون على توسيع الفرصة للنساء كي يبعن منتجاتهن إلى أسواق دولية. وتضيف "لدينا الكثير من الدعم من أشخاص يريدون رؤيتنا ننمو ويريدون الاستثمار في المفهوم وفي الفريق لذلك قررنا أن نعطي هذه الفرصة لمجتمعنا ولكل من يشعر بالشغف لمساعدتنا".
ويأمل الفريق جمع 65 ألف دولار في ثلاثة أشهر، والتخلّي عن 6.5% من الحصص والوصول إلى قيمة مليون دولار. ومن المقرر للتمويل ان يغطي الأجور وحملة تسويق الموسعة. فحتى الآن، لم تأخذ أناناسا التمويل سوى من الأصدقاء ومن العائلة. وحتى موعد نشر هذه المقالة كانت الحملة بلغت 1300 دولار ولكن المؤسستين متفائلتان.
نمو مراكز التسوّق الخاصة بالمنتجات اليدوية
ليس خافياً على أحد أن مراكز التسوّق المتخصصة يمكن أن تكون مشروعاً صعباً فحتى موقع "سوق" Souq، أول مركز تسوّق إلكتروني في المنطقة، ابتعد عن نموذج مركز التسوّق واتّجه إلى البيع بالتجزئة على الإنترنت حين قتل المزادات الإلكترونية وذلك من أجل بسط سيطرته على المخزون والأسعار.
إلاّ أن الشقيقتين كنعان، تتطلعان الى نجاح منصة "إتسي" Etsy، مركز التسوّق العالمي الخاص بالمنتجات اليدوية والقديمة. فبعد ثماني سنوات من انطلاقه، يحقق الأخير مليار دولار من المبيعات سنوياً وحوالي 500 مليون دولار من العائدات.
أحد الأسباب التي تدفع الشقيقتان إلى عدم الاعتقاد بأن لديهما منافسة إقليمية قوية في الشرق الأوسط هو أن معظم اللاعبين محدودين في أسواقهم المحلية. غير أن المنصة المصرية "سيركي" Cirqy، التي تحاكي نموذج "إيتسي"، لديها طموحات إقليمية كما أن "أوبن دايز" OpenDayz، التي تعرض منتجات مصرية فقط حتى الآن، تخطط للتوسّع الى العالمية في المستقبل القريب.
وتقول رانيا إن أناناسا كمنصة ترحب يالمنافسة. "لا نعتقد أن أحداً في السوق العربية يشبهنا بالضبط ولكن كلّما ظهر المزيد من هذه المواقع كلما نمت السوق، ما يجعلنا متحمسين للعمل للحصول على حصة أكبر".