أربع وسائل لمعالجة مشكلة التوظيف في المنطقة
تم نشر هذا المقال أساسًا على موقع "هافينجتون بوست" Huffington Post يوم 9 تموز/ يوليو 2013.
ما من شكّ أن عملية التوظيف في المنطقة العربية تعاني من مشكلة كبيرة.
تتجلى هذه المشكلة أكثر في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، حيث تستمر المنطقة في قيادة العالم على أساس نسبة الشباب لا على أساس تحقيق مسيرة مهنية مستقرة. ويشير القادة والشخصيات العامة في المنطقة غالباً إلى الريادة على أنها امتلاك القدرة على التأثير بشكل جذري في خطط خلق الوظائف في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فالاعتقاد السائد هو أن الرياديين بعملهم على تلبية حاجات ورغبات الزبائن إقليمياً وعالمياً، سيخلقون وظائف أيضًا نتيجة هذا العمل. غير أن المزيد من الرياديين في المنطقة يعالجون مسألة التوظيف بشكل مباشر ما يجعل خلق الوظائف مقياساً رئيسياً لنموذج شركاتهم.
خطرت لفادي سواقدي لأول مرة فكرة إنشاء موقع "شباب جوبز" Shabab Jobs عام 2010 حين فازت فكرته بالمركز الثاني في قمة "عرب نت" الرقمية الإقليمية. فقد لاحظ سواقدي غياباً واضحاً للتركيز في مجال توفيق الوظائف، على العدد الكبير للشباب العربي الأقل حظوة وغير المتعلم الذي "ليس لديه حتى سيرة ذاتية". وكان غياب التمويل الاستثماري سبباً لتأخير إطلاق الموقع على الإنترنت حتى مطلع العام الجاري غير أن الرد من أصحاب الوظائف والباحثين عن الوظائف كان إيجابياً جداً وبدأت الشركة في تحقيق العائدات.
ومع تركيز مماثل على الشباب، تأسست شركة "جرادبيري" Gradberry ومقرها دبي، عام 2011 انطلاقاً من إدراك المؤسِّسة الشريكة إباء مسعود بأن معظم الوظائف المعلن عنها عبر القنوات الشعبية تركز على المرشحين أصحاب الخبرة في العمل، تاركة الخريجين الجدد يهتمون بأنفسهم لوحدهم. وتشجعت مسعود وشريكها أحمد سيّد، بفضل ردود الفعل الإيجابية على المنصة التي تركز على باحثين عن عمل لديهم خبرة في العمل من صفر إلى عامين، على إطلاق قسم جديد في الموقع باسم أكاديمية "جرادبيري"، يركز على تزويد الشبان الباحثين عن عمل على الإنترنت بالمهارات الضرورية.
وبالطبع ليس الشباب وحدهم من يواجهون صعوبة في العثور على عمل. فمفهومنا الكامل للتوظيف يحتاج إلى تغيير إذا أردنا أن نعالج تحديات البطالة التي تواجه المنطقة. وقد أطلقت سعاد أبو سرور "ستاي لينكد" StayLinked (أي ابقَ على تواصل) في رام الله، في وقت سابق هذا العام مع عدة شركاء. ويعمل الموقع على جلب مفهوم "العمل المصغّر" microwork إلى فلسطين آملاً بـ"تعزيز المواهب الفلسطينية لتخدم المنطقة والعالم". واستلهمت سرور "ستاي لينكد" حين تخرجت بإجازة في الأنظمة المعلوماتية وأدركت أن معظم نظيراتها، بالرغم من تشكيلهن نصف المخرجين، غالباً ما أجبرن على البقاء في المنزل من دون عمل بسبب مسائل تتعلق بالتنقل وصعوبات أخرى. ومن خلال الحصول على تمويل من مستثمر تأسيسي، استطاعت "ستاي لينكد" أن تلعب دور وسيط بين أصحاب العمل والموظفين المستقلين، مع إضافة دور المنسق والأهم تأمين الجودة. والموظفين الفلسطينيين على "ستاي لينكد" خدموا حتى الآن زبائن من البحرين حتى الولايات المتحدة.
هذه ليست الشركات الوحيدة الناشئة التي تعالج تحدي البطالة بشكل مباشر، فالكثير من الشركات الناشئة الإقليمية مثل "نبّش" Nabbesh و"غلو وورك"Glowork تعالج هذا الإشكال من زوايا مختلفة. وبعد الحديث إلى هذه الشركات الناشئة أصبح واضحاً أن هناك أربع خطوات مهمة على الأقل لدعم الشركات الناشئة التي تعمل في هذا المجال.
أولاً يجب على المشرعين أن يظهروا جديّة في حلّ تحدي البطالة من خلال إزالة التنظيمات التي تحيط بالعمل الحرّ، وخلق تأشيرات خاصة للبرامج التدريبية التي تقدم للباحثين عن عمل إقليميًّا خبرة عمل ضرورية للغاية. وفي حال بقيت هذه التنظيمات، يجب أن تبسّط وأن توضّح للناس تفاديًا لأي التباس.
ثانياً كل نقلة ثقافية وتعليمية تساهم في تطبيع برامج التدريب في الكثير من المجالات، يجب أن تتغيّر مع تغيّر التشريعات. وحتى حين يسمح القانون بذلك، لا تزال الكثير من شركاتنا الصغيرة والمتوسطة وحتى الشركات الكبرى، لا تعرف كيفية خلق دورات تدريب مفيدة لجميع الأطراف المعنية. وقد تكون الحملات التعليمية العامة والإعفاءات الضريبية للمتدربين نقاط بداية محتملة.
ثالثاً، مثل جميع الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا وأحياناً في العالم، تعاني الشركات الناشئة في مجال البطالة، من غياب الاستثمار في نماذج عمل مثبتة، بخاصة بعد تلقي تمويل من مستثمر تأسيسي وقبل استقطاب اهتمام المستثمرين المخاطرين. وقد بدأت منظمات دولية مثل البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية في الاهتمام بهذا المجال ولكن هذه مجرد بداية.
رابعًا وأخيرًا، يعتبر غياب البيانات الشفافة والواضحة حول التعليم والتوظيف في المنطقة عقبة حقيقية أمام الشركات الناشئة التي تحاول القيام بتغيير مسارها في هذا المجال. لذلك تحتاج الحكومات الإقليمية إلى المزيد من الشفافية في البيانات التي تجمعها (على افتراض أنها تجمع البيانات المطلوبة) كي يتمكن الرياديون من تأدية دور أكثر فعالية في مساعدتها على مواجهة التحديات.