مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب: نموذج محلي لدعم الرياديين الشبان
من أبرز عوامل نجاح أيّ بلدٍ هو الاستثمار في فئة الشباب لتنمية قدراتهم على الصعيد الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي والاجتماعي. وهذا بالتحديد ما قامت به مؤسسة الإمارات في الإمارات العربية المتحدة.
تأسست مؤسسة الإمارات Emirates Foundation عام 2005 في أبو ظبي، بهدف ابتكار وسيلة للقطاع الخاص يستطيع من خلالها ردّ الجميل للمجتمع الإماراتي. وقد بنت مؤسسة الإمارات شراكة بين القطاعين العام والخاص في الإمارات العربية المتحدة، لتقدّم هباتٍ لمنظمات وأفراد المجتمع المدني، ولدعم مبادرات الشباب الإماراتي في مجموعة واسعة من المجالات.
غير أن المؤسسة غيرت مسار تركيزها منذ حوالى العامين ووجهته أكثر هذه المرة نحو الشباب. أما خلود النويس، رئيسة الاستدامة في مؤسسة الإمارات، وهي بنفسها ريادية إماراتية ومثالاً يحتذى به، فتقول في هذا الإطار: "لقد قمنا بعمل كبير مع الشباب، لذا كان من البديهي [خلال إعادة هيكلة الشركة] أن نركز على هذه الفئة في المرحلة الجديدة".
هوية أكثر وضوحاً
بعد اكتشاف نماذج مبادرات مشابهة مثل "شيل فاونديشن" Shell Foundation و"روكفيلير فاونديشن" Rockefeller Foundation، قرر فريق عمل مؤسسة الإمارات أن يصمِّم نموذجاً يتناسب أكثر مع الاحتياجات المحلية، وأعاد تسمية المنظمة لتصبح "مؤسسة الإمارات لتنمية الشباب" Emirates Foundation for Youth Development، منظمة باتت تتبع نموذج عمل خيري استثماري وتقوم باستثمارات اجتماعية تتمحور حول الشباب من خلال ستة برامج أساسية:
- تكاتف، برنامج اجتماعي لتعزيز ثقافة التطوع في أنحاء الإمارات العربية المتحدة.
- كفاءات، برنامج لتمكين الشباب، يدربهم على القيادة والمهارات الشخصية ويمكنّهم من الوصول إلى القطاع الخاص ويزيد وعيهم حول الفرص التي يقدمها هذا الأخير.
- "بالعلوم نفكر"، مسابقة تشجع الشباب على التخصص في مجال العلوم، بخاصة في قطاعات النفط والغاز، والطيران، وأشباه المواصلات semi-conductors التي تحتاج إلى موارد بشرية إماراتية.
- سانِد، منظمة تؤمّن متطوعين مدربين على الاستجابة في الحالات الطارئة، يساعدون السلطات المحلية والوطنية عند وقوع حوادث كبيرة.
- محو الأمية المالية، برنامج وطني يساعد الشباب على تعلّم كيفية إدارة أموالهم الخاصة، وديونهم بشكل خاصّ.
- كياني، برنامج يؤسس شركات اجتماعية مستدامة توفر فرص عمل للشباب ذوي الاحتياجات الخاصة.
إشراك الجيل الصاعد والقطاع الخاص
لاقت المبادرات الجديدة حتى الآن ردود فعل إيجابية جداً من الشباب، إذ أنّ 80% من أفراد مؤسسة الإمارات اليوم ينتمون إلى فئة الشباب كما أن أكثر من 28 ألف متطوع مسجّل في المؤسسة. ومع ذلك، تستمر هذه الأخيرة في بناء قدراتها وإجراء التحسينات لكي تصبح "صوت" الشباب بحسب النويس.
تعتمد مؤسسة الإمارات على الشراكات التي تبنيها مع القطاع الخاص، غير أنّها تتلقى أيضاً دعماً من الحكومة لتغطي مصاريفها الإدارية. وتفسّر في هذا الإطار النويس قائلةً: "منذ بضع سنوات، كان جمع الأموال أمراً صعباً، إذ لم يكن الناس يفهمون مبدأي الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية للشركات. لكنّ ذلك بدأ يتغير الآن".
وتعمل المؤسسة مع شركائها من خلال سلسلة منتديات خاصة بـ الاستثمار الاجتماعي Business Breakfast Social Investment التي تجمع ما بين القطاع الخاص وممثلين عن الدولة وقادة أكاديميين، لطرح مواضيع اجتماعية متعلقة بالشباب وفرص التعاون بين القطاعين العام والخاص. كما تساعد أيضاً الشباب لكي يصبحوا أكثر إدراكاً للفرص الجديدة، بما فيها إمكانية تأسيس شركات تجارية صغيرة أو التقدم بطلبات للمنظمات الداعمة أمثال صندوق خليفة.
وتقول النويس إنّ ما يساعد المؤسسة في قضيتها هو أنّ الدولة تضع تنمية الموارد البشرية الإماراتية على رأس قائمة أولوياتها، وتؤكد مضيفةً: "تحقق الإمارات العربية المتحدة منذ فترةٍ نجاحات كثيرة في ميادين عدة، والآن يزدهر قطاعنا بسرعة".