أكاديمية التحرير تكسر نمط التعليم التقليدي في مصر
كما شكلت ثورة الاتصالات والتكنولوجيا مساحة للشباب العربي للتعبير عن امالهم المستقبلية ومناقشة تحديات الواقع ولعب دور ملحوظ في ثورات الربيع العربي، شكلت كذلك مساحة لاطلاق العديد من المبادرات من اجل التغيير المجتمعي مثل "أكاديمية التحرير" Tahrir Academy في مصر التي انشئت تحت شعار "ثورتنا على المعرفة التقليدية".
أكاديمية التحرير هي "فيديو-بيديا" Videopedia أو مكتبة فيديو معرفية غير هادفة للربح تسعى ان تكون موسوعة معرفية، ووجهة للتعلم غير التقليدي القائم على حشد الموارد المجتمعية ( Crowdsourcing). وهي تعتمد على المجتمع ومتطوعين من مختلف الفئات العمرية والخلفيات التعليمية في اعداد ومراجعة وتقديم المحتوى والاداء الصوتي وكذلك التصوير.
ويتشارك فريق أكاديمية التحرير في الرؤية بأن الطريقة التقليدية للتعليم التي تنتج نسخ متشابهة من الاشخاص ذوي اهداف ورؤى نمطية والتي تعتمد على احادية المنهج "قد عفى عليها الزمن" على حد تعبير سيف أبو زيد المدير التنفيذي لأكاديمية التحرير، فتلك الطريقة لا تفسح بالمجال للاختلاف والابداع والتعددية في الاهداف والتوجهات للمتعلمين، وكذلك ملائمة قدراتهم ومهاراتهم واحتياجاتهم التي تختلف من شخص لأخر.
وتهدف أكاديمية التحرير الى تقديم بديل لطرق ورؤى المعرفة التقليدية والتصدي لمشكلة المعرفة في مصر بشكل عام وخاصة التعليم. من حيث الاتاحة وجودة المعلومة وتقبل المستقبل لها وبما في ذلك الاسس التي تنبني عليها العملية التعليمية من المعلم والطالب والبيئة التعلمية والمنهجية والمنهج التعليمي نفسه.
واستلهمت المبادرة اسمها من ميدان التحرير حيث الابداع المجتمعي مع وحدة الهدف واسهام كل فرد بقدراته. وكذلك فالاكاديمية تسعى لتحرير المعرفة وتحرير طلاب المعرفة من الطرق التقليدية للوصول اليها.
البداية
انطلق نشاط الاكاديمية في شباط/فبراير 2012، واصدرت حتى الان اكثر من مائة فيديو معرفي عن علوم مثل الفيزياء وعلم الفلك والنحو وبعض المهارات الاساسية، وكذلك سلسلة لشرح التجارب الكيميائية تحت اسم "معمل العلوم" لطلبة التعليم الاعدادي والثانوي، لان غالبا لا يتاح لهم اداء تلك التجارب عمليا في المدارس.
وتتميز الفيديوهات بقصر مدتها وشموليتها مع توضيح المادة العلمية باستخدام ادوات بسيطة. وبالفعل خلال السنة الاولى حصل انتاج الاكاديمية على اكثر من 2.5 مليون مشاهدة عبر قناتهم على يوتيوب، ما يطمح الفريق الى تحقيق ما يفوقه خلال 2013.
ورؤية الاكاديمية للتعليم لا تنحصر في التعليم الالكتروني عن بعد، الذي يعتمد على الحصول على التجربة التعليمية كاملة على الانترنت وانما يؤمن الفريق ان التجربة وتنفيذ افكار جديدة والتواصل بين المعلم والطلاب من الاركان الاساسية لعملية التعلم وذلك باستخدام ادوات جديدة مثل الفيديو لتيسير التعلم، وهو ما يعني امكانية استخدام انتاج الاكاديمية خلال الفصول التعليمية من قبل المعلمين سواء في التعليم النظامي، او طلاب مستقلين او حتى تحولها الى قناة تلفزيونية مستقبلا مع الابقاء على المحتوى الالكتروني لحرية الاختيار.
الاستفادة من التجارب والتعاون مع المبادرات الاخرى
قد يتبادر الى الذهن عدة اسماء لمنصات الكترونية تتيح فرصة التعلم عبر الانترنت ومن خلال الفيديو، و"أكاديمية خان" قد تكون المثال الاشهر عليها، لكن مع ذلك قامت اكاديمية التحرير بمقارنة جميع تلك المنصات وبناء الفريق على تقرير رؤيتهم الخاصة للتعليم وكونهم مقدمي "محتوى علمي" بالاساس وكذلك الاستفادة من تجارب تلك المنصات.
تتميز الاكاديمية بمحتواها العربي بالاساس والاهم من وجهة نظري، عملها على تقديم رؤى متوازنة خاصة بالنسبة للعلوم الانسانية مثل الاقتصاد او ريادة الاعمال وغيرهما حتى تسهم في تنمية القدرة التحليلية والنقدية للمتعلمين وترك المجال لهم لتحديد رؤيتهم تجاه مسألة معينة.
ويقول سيف ابو زيد ان الأكاديمية "تؤمن بانها جزء من الحل الذي تطرحه العديد من المبادرات والمؤسسات في مجال التعليم. وبالتالي فالتعاون امر هام." وهي رؤية ابو زيد لفكرة التعاون والتواصل مع المبادرات الاخرى. فالاكاديمية لديها القدرة والخبرة لتطويع المحتوى ليكون مناسب للفيديو ومختلف ويساعد على الفهم والتحليل والنقد ولذلك تتعاون مع مختلف الكيانات التي يتوافر لها محتوى علمي ومعرفي جيد.
وفي كورس الاقتصاد الذي ترتب الاكاديمية لصدوره في شهر نيسان/أبريل القادم تتعاون مع "بيت الحكمة للدراسات الاستراتيجية" و هي مؤسسة بحثية مصرية. وفي كورس ريادة الاعمال تتعاون مع انجاز مصر، وسبق وان تعاونوا مع الجامعة الامريكية في القاهرة في اعداد سلسلة الفيزياء.
التحديات
كثيرا ما يكون التمويل تحد اساسي لرواد الاعمال والرواد المجتمعيين خاصة للمبادرات التي لا تهدف للربح، فهو ركن مهم لضمان الاستمرارية والاستدامة. اعتمدت الاكاديمية في البداية على التمويل التأسيسسي seedfunding، وعملت لاحقا على تصميم نموذج اعمال يسمح لها بانتاج سلسلة من فيديوهات لمواد تعليمية كخدمة لبعض الشركات او المؤسسات في مقابل رعاية مالية، وتدرس الاكاديمية خيار التمويل الجماعي Crowdfunding مستقبلا للحصول على التمويل.
سينطلق عن الاكاديمية قريبا منصة الكترونية تخلق المساحة للمستخدمين بتحميل محتوى تعليمي من اعدادهم بالتنسيق مع أكاديمية التحرير ولجعل التعليم عن طريق استخدام الفيديو اكثر تفاعلا بين الطلاب والمعلمين وامكانية خلق نقاشات الكترونية عن المواد التعليمية واخذها الى الواقع ايضا. وهو ما يحقق رسالتها في الاعتماد على حشد الموارد والمتطوعين في انتاج فيديوهات ويشكل تحدي في حد ذاته لعمل فيديوهات ذات تقنية جيدة وكذلك ضمان ان الفيديوهات المنتجة تتناسب مع معايير اكاديمية التحرير وهو ما يحتاج الى التنسيق بين فريق الاكاديمية ومستخدمي المنصة.
سيكون عام 2013 معلم اساسي في مسيرة أكاديمية التحرير ونجاح الفريق خاصة مع السعي الى النمو وكذلك تقديم بديل حقيقي للتعليم في مصر، وهو الحال مع الرواد المجتمعيين حيث يرى سيف ابو زيد ان "الرواد المجتمعيون في حاجة الى الصبر حتى يبدأ المجتمع في التفاعل معهم وادراك التغيير المستهدف وما يحققوه من نجاح".