دردشة مع رئيس تنفيذي لشركة صغيرة افتراضية في السعودية
أن تكون رجل أعمال في السعودية أمر سهل نسبياً. فبحسب بيانات البنك الدولي الخاصة بمشاريع الأعمال للعام 2010، حلّت السعودية في المرتبة 13 من بين 183 دولة من حيث السهولة في البدء بمشروع. ولكن على الرغم من هذه المرتبة المثيرة للإعجاب، إلاّ أن الرياديين يواجهون العديد من التحديات عند اتخاذ قرار ببدء شركتهم الخاصة. ففي السنوات الثلاثة الأخيرة، قابلتُ العديد من الشباب السعوديين الذين استطاعوا بناء شركاتهم من الصفر وتحويلها إلى شركات ناجحة من دون مال عائلي وغالباً من دون دعم. وأتى جميع الرياديين من خلفيات وقطاعات مختلفة وكل منهم يعنى بمسائل معيّنة ويحمل خبرة مختلفة. وقد سمعت عن تحدياتهم، ونجاحاتهم وإخفاقاتهم وفوق كل ذلك سمعت عن فخرهم بالسير ضد التيار. وفي ما يلي تلخيص لهذه المحادثات.
التنصل (Disclaimer): لست سعودياً وهذه المقالة تستند إلى مراقبتي ومحادثات مع أصحاب شركات محلية لسنوات. وهذه الأحاديث لا تمثل مواقف أي شخص وقد تتفق وقد لا تتفق مع رأي بعض القرّاء.
ما هي بعض الأمور الجيدة حيال بدء شركة صغيرة في السعودية؟
إلى جانب حقيقة ان عملية بناء شركة هنا في السعودية هي أمر بسيط، فإن البيئة التنظيمية مشجعة جداً وهناك الكثير من خيارات التمويل للرياديين الشباب الذين يملكون موارد محدودة لبدء مشروعهم الخاص. وبدءاً بقروض البنوك التجارية وصولاً إلى برنامج التمويل التجاري العربي، وصندوق التنمية الصناعي السعودي وغيره من المؤسسات الائتمانية، يصبح أكثر سهولة العثور على تمويل في المملكة. ولدى الهيئة العامة للاستثمار صفحة مخصصة لهذه الموارد التي تعتبر نقطة بداية عظيمة لأي شخص يحتاج إلى تمويل.
إذا كنت تهتم بالجانب التقني، فإن صندوق البذور بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ، مصمم ليساعد الحالمين على أن يصبحوا رياديين. ويساعد التمويل على ردم الثغرة الأساسية في مرحلة فكرة التطوير وتأمين الدعم للرياديين الذين يريدون نقل ابتكاراتهم إلى السوق.
هناك أمر آخر عظيم وهو أن المستهلكين يشترون أكثر فأكثر من الشركات المحلية. وفقط قبل سنوات قليلة، كان الخيار المفضل هو دائماً الماركات الأجنبية وكان المستهلكون الذين يهتمون بالأسعار يشترون منتجات محلية. غير ان الأمور تتغيّر الآن، فمع تقديم الشركات الصغيرة نوعية أفضل وخدمة وأسعار أفضل، أخذ المستهلكون ينتقلون ولو ببطء إلى السوق المحلية.
ما هي بعض التحديات؟
إن أكبر التحديات التي واجهتها في البداية كانت غياب ثقافة تنظيم المشاريع في المملكة، فهناك العديد من السعوديين الذين أطلقوا مشاريع أعمال كعمل ثانوي ونادراً كمصدر رئيسي للدخل. وإذا قررت أن تسير عكس التيار، فهذا غالباً ما يعتبر في نظر الأغلبية مؤشر ضعف أو فشلاً في الحصول على عمل جيد. غير ان هذه الثقافة تصبح ببطء أكثر قبولاً للشركات الناشئة ورأيت عدداً من الشباب يبدأون وينجحون في مشاريع ضحك عليها الناس قبل خمس سنوات.
وهناك أيضاً التحدي المتمثل بعدم امتلاك الفرص الكافية للتنمية والتواصل، من حيث المعارض التجارية، والتعاون في الصناعة، والمؤتمرات. ولو كان هناك فقط منصات أكثر للتواصل، لما كان رجال الأعمال الشباب محبطين إلى هذا الحد.
فهناك بعض الأشخاص الملهمين جداً في المملكة الذين بنوا إمبراطورياتهم من الصفر ولكن رجال الأعمال الشباب لا يستطيعون الوصول إليهم أو ليس لديهم الطرق للتعلم من تجاربهم. وهذا يعني أساساً أن علينا أن نبني تجربتنا الخاصة والعديدون منا يرتكبون أخطاء يمكن تجنّبها بسهولة أو أسوأ من ذلك إنهاء الشركة مع أول بادرة فشل.
ما هي الأمور الثلاثة التي ترغب في تغييرها في ثقافة الشركات في السعودية؟
أولاً، يجب أن تكون الشركات أكثر شفافية. من المفهوم أن الشركات قد لا ترغب في الحديث عن فشلها، ولكنها قد لا ترغب حتى في التحدث عندما تنجح. ولا تقول للعالم ما الذي حقق لها الفعالية. وفي الغالب نرى ببساطة بياناً صحافياً، ربما يصوغه المسؤول عن العلاقات العامة المنفصل عن قيمته كخبر صحافي. وليس لدينا العديد من قصص النجاح ودراسات الحالات ونصائح من رجال أعمال مخضرمين.
ثانياً، أعتقد أن على الشركات أن تتكيّف وأن تتبع أساليب مبتكرة في التعامل مع التطورات الثقافية والاجتماعية. يجب أن نكون قادرين على رؤية المنتجات التي تتطور وتنمو بالتوازي مع الحاجات المتغيرة.
إن وجود بيئة قوية للشركات يحتاج إلى الاستجابة للفروقات الدقيقة في السوق بالإضافة إلى توفير منتجات وخدمات ذات جودة.
وأخيراً، أعتقد أنه من الضروري للشركات أن يكون لديها قواعد أخلاقية رسمية. والأمر الجيد في ثقافة الشركات السعودية هو أنها متأثرة بالتعاليم القرآنية والأحاديث النبوية التي تعتبر دليلاً للمسلمين عند تنفيذ مشاريعهم وإدارة شؤونهم العائلية. وكذلك تشجع الأسس الأخلاقية الإسلامية الشركات على أن يكون لديها حس الواجب تجاه حرفتها وتجاه بعضها البعض. وهذه القواعد الأخلاقية يمكن صياغتها في وثيقة رسمية كي يكون الامتثال بها مرمزاً، ويمكن لهذا أن يكون لديه تأثير كبير على الطريقة التي تدير بها الشركة مشاريعها.
ما هي نصيحتك للأشخاص الذين يفكرون في مشروع جديد؟
سيروا عكس التيار، اتبعوا شغفكم وحوّلوه إلى مشروع. قدموا الفرص لأشخاص مثلكم. واخلقوا أموراً لا تقاوم. أغروا المستهلكين كي يفضلوا المنتجات المحلية على المنتجات الأجنبية واجعلوا منتجكم رمزاً للفخر الوطني. الوقت المناسب هو الآن!