نحو رقمنة أكبر للشرق الأوسط [رأي]
يتوقّع الخبراء أنّ يغيّر مجال إنترنت الأشياء طبيعة التفاعل بين الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم. وقد بدأت تكنولوجيا إنترنت الأشياء بغزو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تتصدر الإمارات عملية التكيّف مع هذه الظاهرة العابرة للشبكات.
ويتوقّع تقرير صادر عن "مؤسسة البيانات الدولية" International Data Corporation أن تبلغ قيمة سوق إنترنت الأشياء العالمية 1.71 تريليون بحلول نهاية العام 2020، وأن تبلغ حصة الشرق الأوسط وأفريقيا منها 6.6 مليارات.
تشكّل الحكومة الإماراتية أحد أهمّ داعمي تكنولوجيا إنترنت الأشياء، وقد اعتمدت وكالات كثيرة مدعومة من هذه الحكومة منهجيّات إنترنت الأشياء، إلى جانب تحليلات البيانات والسحابة الإلكترونية.
ويشرح عاصم الخليلي، نائب الرئيس التنفيذي للخدمات الصناعية في "سيمنز" Siemens في الشرق الأوسط، أنّ أوساط المصنّعين الخبراء بمن فيهم المدعومين من الحكومة، تركّز على الرقمنة. ويضيف أنّ "غالبية البلدان التي لم تتحل بقاعدة تصنيع قويّة تسعى إلى تغيير ذلك".
أطلق "معهد ماكينزي العالمي" McKinsey Global Institute مؤشّر الرقمنة الصناعية Industry Digitization Index في كلّ أنحاء العالم للمساعدة على فهم التطوّر التكنولوجي. وسجّلت منطقة الشرق الأوسط أرقاماً بارزة في النهضة الرقمية. فبعد زيادة انتشار الهواتف الذكية واستخدامات وسائل التواصل الاجتماعي، باتت اقتصاديات البحرين وقطر والإمارات صديقة للرقمنة.
وقد اختبر ذلك عن قرب رئيس شركة البرمجيات متعددة الجنسيات "أوتوديسك" Autodesk في الشرق الأوسط، لؤي دهمش. ويقول الأخير إنّ "الشرق الأوسط قد أدرك المنافع الكبيرة لإنترنت الأشياء. وبالفعل، تشير دراسة حديثة من ’مؤسسة البيانات الدولية‘ إلى أنّه من المتوقّع زيادة إيرادات إنترنت الأشياء في المنطقة باطّراد بنسبة 21% سنوياً، لتصل إلى أكثر من 14.3 مليار دولار في العام 2020".
ويضيف أنّ "تكنولوجيا إنترنت الأشياء ستغيّر بشكل جذري تكاليف التشغيل اليومية في قطاع اللوجستيات. وقريباً مع اتصال المعدّات والآلات المتعددة بعضها ببعض، سيتمكّن النظام من تحديد أيّ منها تحتاج إلى صيانة ويقوم بالإجراءات اللازمة لتقليص الضرر المحتمل والوقت الضائع والتكاليف الإضافية للحرص على أن تكون العمليات مثمرة وفعّالة".
تتعدّد الأمثلة على الرقمنة في الحياة اليومية في الشرق الأوسط، فعلى سبيل المثال، ثمة أدوات للمساعدة على ركن السيارة في المساحات الفارغة أو نظام مترو دبي ذاتي القيادة. لذلك فإن الأجهزة الذكية في نهاية المطاف، ستفتح الباب أمام التحوّل الرقمي، وتحليلات أفضل للبيانات، واتصالات سلسلة.
إنترنت الأشياء في المدارس والمستشفيات
الرقمنة ليست بعيدة عن قطاع التعليم في الإمارات، حيث أغلب المدارس تعرف بوجود السبّورات الذكية والأجهزة اللوحية وخدمات السحابة الإلكترونية. كما يستخدم الأساتذة إنترنت الأشياء لبناء تجربة تعليم تفاعلية وعملية أكثر، وقد استفاد من ذلك بشكل خاص الطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة. فعلى سبيل المثال، يمكن لطالب ضعيف السمع أن يعتمد على سبّورة تقرأ النص بصوت عالٍ وتسمح بتعديل الصوت بسهولة.
يستخدم قطاع الرعاية الصحية في الإمارات إنترنت الأشياء بكثافة، ما جعل منه وجهة مفضّلة لطالبي الرعاية الصحية على المستوى العالمي. وفي الأعوام الأخيرة، فرضت إمارتا أبو ظبي ودبي على أرباب العمل بإدراج موظّفيهم في التأمين الصحي، ما سمح للبلاد بمتابعة معلومات المرضى والاحتفاظ بسجلات طبية باستخدام إنترنت الأشياء وتكنولوجيا السحابة الإلكترونية. وقد سمح ذلك للمراكز الطبية والمرضى بالاستفادة من تحليلات البيانات والنفاذ إليها عند الحاجة.
إحصاءات داعمة
يفترض أن تسجّل حصّة الشرق الأوسط وأفريقيا من سوق إنترنت الأشياء نمواً بنسبة 20% في العام 2017، بحسب "مؤسسة البيانات الدولية"، ما يساوي 6.6 مليارات دولار كما ذكر أعلاه. وقد توقّعت المؤسسة نفسها أن يصل إنفاق شركات التصنيع على إنترنت الأشياء 1.3 مليار دولار، ما يساوي 51% من مجموع الاستثمارات. كما يتوقّع أن ينفق قطاع النقل 1.3 مليار دولار على إنترنت الأشياء والسحابة الإلكترونية لتحسين تقنيات تحديد الموقع والتتبع ومراقبة الشحن والحمولة بتشارك المعلومات عبر السحابة.
في الخلاصة تشير هذه الأرقام إلى أنّ إنترنت الأشياء هو مستقبل الرقمنة.
يمكن القول إنّ أكبر إنجازات إنترنت الأشياء هو جعل البيانات والمعلومات متوفّرة عبر منصّة يسهل الوصول إليها كالسحابة الإلكترونية. فإذا وصل إلى شخص إشعار عبر هاتفه عن زحمة سير أو تأخير في وقت القطار بفضل أجهزة الاستشعار، يمكن لهذا الشخص تغيير مخططاته تبعاً لهذه المعلومات الجديدة. وبالتالي، تصبح الحياة أسهل لجميع المتصلين بهذه التكنولوجيا. وفي نهاية المطاف، ستغيّر تكنولوجيا إنترنت الأشياء وجه التجارة والتبادلات والعديد من النشاطات الأخرى في الشرق الأوسط.
الصورة الرئيسية من "ستوك فولت".