هل مصر مستعدّة لمبدأ تشارك الرحلات؟
مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود في مصر بعد تعويم الجنيه في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، لم تعد تعرفة "كريم" و"أوبر" في متناول الكثير من المصريين.
من غير المتوقع أن تتحسّن جودة النقل العام في مصر في أيّ وقت قريب. ومع تضاعف تعرفة مترو القاهرة في الشهر الماضي، يمكن القول إن السوق باتت جاهزة أخيراً لشركات ناشئة جديدة في مجال النقل تقدّم رحلات باص منخفضة الثمن بجودة عالية.
يقول أيمن عبد الحميد (كاتب، 28 عاماً)، إنّ "تعرفة ’كريم‘ و’أوبر‘ عادة أدنى من تعرفة التاكسي الأبيض [العادي]، لكنّ الارتفاع الأخير المطرد في الأسعار لم يترك لي خياراً إلاّ التوقف عن استخدامها، لأنّها كانت ثقلاً على ميزانيتي التي تأثرت سلبيّاً بالتعويم".
انطلقت "باصيت" Buseet في تمّوز/يوليو من العام الماضي، وتلتها "كلاكس" Kalax في شباط/فبراير و"سويفل" Swvl في أواخر آذار/مارس، وتقدّم كافة هذه الشركات بدائل عن طلب السيّارات أقرب إلى النقل العام.
تأمل هذه الشركات بأن تكون أكثر نجاحاً من تطبيقات تشارك الرحلات في الباصات والسيارات والتي ظهرت وتلاشت بسرعة في الأعوام التي تلت العام 2011، على غرار "كار تاج" Kartag ، و"باي رايد" Pie Ride و"توصيلة" Tawseela.
ولا تزال التطبيقات الأخرى لتشارك الرحلات تسعى إلى جذب اهتمام سوق تنافسية، ومنها "رايح" Raye7 و"جو جو كار" Go-Go Car و"ودّيني" Wadeeny الذي انطلق في العام 2011 كحلّ لتشارك الرحلات وانطلق مجدّداً منذ وقت قريب كتطبيق لمقارنة أسعار طلب السيارات.
منافسة كبيرة
تعدّ السوق المصرية للنقل المعتمد على التكنولوجيا من أكثر الأسواق تنافسية في المنطقة.
تغيّرت مخططات "أسطى"، الشركة المنافسة لـ"كريم" و"أوبر"، بسبب عدم رغبة المستثمرين في الاستثمار في سوق شديدة التنافسية.
نشأ تطبيق "كلاكس" في شباط/فبراير، رابطاً الناس بأقرب وسيلة نقل إليهم سواء كانت حافلة أم سيّارة أجرة. ولكنه توقّف بعد شهر من دخوله السوق. وأوضحت الشركة صاحبة التطبيق إنّها سوف تعود إلى السوق بعد ثلاثة أشهر بخطط توسّعية حيث تنوي ضمّ المدارس وتقديم خدمات النقل للشركات .
وجدت شركة "إي سمارت بريس" الشركة الأم لـ"كلاكس" أنّه نظراً إلى أن سوق النقل في مصر كبيرة ومنخفضة الكلفة، فهي تتسع لخدمات متنوعة أبعد من مجرد طلب السيارات، حسبما يشير محمد عبد الرحيم، مدير أحد المشاريع في "إي سمارت بريس".
ويضيف عبد الرحيم أنّ "نقطة القوة لدينا تكمن في أنّنا لن نتقاضى عمولة من السائقين عن كلّ رحلة، بل سنطلب منهم دفع اشتراك شهري بغض النظر عن عدد الرحلات التي يجرونها".
تخطط "كلاكس" التي تقدّم ميزة طلب سيارة أو سيارة أجرة أو باص أو توك توك أو شاحنة قطر، لتنمية أسطولها ليضمّ 15 ألف سيّارة بحلول نهاية العام 2017.
الحاجات والرغبات
يرى مصطفى قنديل، مؤسس "سويفل" الذي عمل سابقاً في فريق تنمية الأعمال في "كريم"، أنّ هناك فجوة كبيرة في سوق خدمات الحافلات الصغيرة في مصر التي تقدّم جودة أعلى من خدمات النقل العام ولا تكلّف أكثر بكثير. وقد برهنت هذه الحافلات الصغيرة شعبيتها.
تقول تسنيم محمد، مديرة الموارد البشرية في إحدى الشركات في القاهرة، إنّها تنفق ثلث ما كانت تنفقه عادةً على "أوبر" وأن الحافلات مجهّزة بشبكة "واي فاي" وشاحن للهواتف الذكية.
وتشرح محمد لـ"ومضة" أنّها "مستخدمة دائمة لـ’أوبر‘، لكنّ هذه الخدمة (الجديدة) أفضل بكثير من ’أوبر‘ و’كريم‘. فوجود أفراد آخرين في السيارة يشعرك بأمان أكثر من أن تكون في سيّارة بمفردك مع سائق على طريق سريع".
تقدّم هذه الشركة الناشئة حافلات تعتمد خطوطاً ثابتة ومحطّات مختلفة بين نقطة الانطلاق والوصول؛ ويمكن للركاب النزول في أيّ من المحطات. في أقلّ من أسبوع على انطلاقها، جذبت "سويفل" أكثر من 3 آلاف مستخدم مسجّل وأربعة خطوط ثابتة معتمدة تسلكها 200 حافلة صغيرة. وتخطط لبدء رحلات إلى منطقة الجونة البحرية في الغردقة وإلى الساحل الشمالي في أيار/مايو وحزيران/يونيو على التوالي.
خطوط الباصات الخاصة
يمكن استخدام خدمة "باصيت" التي تأسست قبل تسعة أشهر عبر الحاسوب أو الهواتف الذكية، وهي تقدّم سبعة خطوط للحافلات تبدأ في أوقات مختلفة خلال اليوم.
يقول مدير التسويق لديها، كريم خطّاب، إنّنا "نستهدف الشباب لأننا نعلم أنّهم معتادون على استخدام التكنولوجيا في حياتهم اليومية".
قبل انطلاقها، جمعت "باصيت" اقتراحات ركاب محتملين والخطوط المفضّلة لديهم ويشير خطّاب إلى أنّها حددت مواقع انطلاق الباصات وفقاً لذلك.
يمكن لكلّ رحلة استضافة 10 ركّاب كحد أقصى، ويمكن لمستخدمي "باصيت" حجز الرحلات في أيّ وقت من اليوم حتّى 30 دقيقة قبل موعد الانطلاق. تتراوح كلفة الرحلة بين 20 و30 جنيه مصري (1.11 إلى 1.67 دولار) حسب المسافة.
ويضيف خطّاب أنّ الشركة تستضيف في الوقت الحالي "100 راكب في اليوم، غير أنّ هذا المعدّل قليل بالنسبة إلينا، لذا، نعمل على تنمية ’باصيت‘ وتغيير خطوط رحلاتنا بشكل دوري".
اعتاد المصريون على عدم استخدام النقل التقليدي بفضل "أوبر" و"كريم" و"أسطى"، لذلك وعلى عكس أسلافهم لا يتوجّب على اللاعبين الجدد تعليم الناس كيفية استخدام منصّاتهم. ولكن في المقابل، عليهم تقديم جودة أكبر ورحلات أرخص للعملاء، وذلك لتحقيق النمو والاستقرار.
الصورة الرئيسية من "فليكر".