'بيتشيل' تجعل من الاستلقاء على الشاطئ منتِجاً للطاقة
من الطبيعي أن يشكل الشاطئ جزءًا أساسيًا من حياة مَن ترعرع في بلد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط وشكّل أساس أنشطته الصيفية، ولكنّ البعض يرى أنّ الشاطئ لا يجلب سوى الانزعاج والمتاعب.
بالنسبة لأنطوان صياح، الشاب اللبناني ابن الأربع وعشرين عامًا، فإنّ الانزعاج يعود للأسباب التالية: نفاذ بطارية الهاتف، وبلل فراش البحر، والشعور بألمٍ في الرقبة بسبب الجلوس على كراسي الشاطئ غير المريحة، ناهيك عن عبوات الماء الباردة التي تسخن بسرعة، وعدم وجود أي مكان تضع فيه ممتلكاتك الثمينة إذا أردتَ مغادرة مكانك للغطس في الماء.
لذلك، قام صياح في عام 2014 وبمبادرةٍ من مشروعٍ جامعيّ، بتصميم فراش بحر صديقٍ للبيئة ومضادٍ للماء، مزوّدٍ بسبعة ألواح شمسية تولّد 7 واط لشحن الهواتف أو أيّ جهاز إلكتروني آخر، إلى جانب برّادٍ داخلي ليحافظ على برودة المشروبات في الحرّ الشديد. هذا الفراش الذي يحتوي على جيوب مضادة للماء لحفظ الممتلكات الشخصية، والذي يمكن طيّه وحمله كحقيبة كبيرة، أطلق عليه صياح اسم "بيتشيل" Beachill.
تكنولوجيا الشاطئ
على مرّ السنين، ظلّت التقنيات المبتكرة لتحسين التجربة على الشاطئ محدودة ولعل السبب في ذلك يعود لكثرة العوائق التي تقف في طريق أيّ ابتكار تقني على الشاطئ، مثل الشمس والبحر والرمل. وقد أدّى هذا الأمر أيضًا إلى افتقار التقنيات إلى الابتكار وحسّ الإبداع، حيث لم نسمع عن سماعات أو شواحن مضادة للماء أو مراوح تعمل على طاقة الهاتف أو مبرّدات يصاحبها موسيقى أو فراش بحر أو كراسي سهلة الحمل.
لهذا، لعلّ أكثر ما يميز فراش "بيتشيل" هو أنه يعتمد على تكنولوجيا الألواح الشمسية البسيطة والتصميم العملي، ومساهمته في تلبية حاجةٍ عالمية لمرتادي الشواطئ الذين يعشقون التكنولوجيا وفي الوقت نفسه يعشقون الاسترخاء على الشاطئ.
رائد أعمال عن طريق الصدفة
بدأ صياح بخطوات صغيرة مستخدمًا وسائل التواصل الاجتماعي "إنستجرام" و"فايسبوك" فقط للترويج لمنتجه، وبعد أن رأت إحدى الصحف الفرنسية المنتجَ ونشرت مقالاً كاملاً يتحدث عنه، لم يتوقّف المنتج عن كسب اهتمام الناس والإعلام ما رفع الطلب عليه أيضًا.
"من حيث الإنتاج، لم أستطع مجاراة الأمر في البداية. كنتُ بالكاد أتمكن من إكمال منتَجين في الأسبوع الواحد." يقولها صيّاح مضيفاً: "كنتُ أقوم بذلك لأجل المتعة، وبعدها بدأت تصلني طلباتٌ من حول العالم. وحتّى أنّ وكالة ’رويترز‘ أجرَت مقابلةً معي فانتشر المنتج عالميًا بشكل سريع ووصلني ما يزيد على 7 آلاف طلب".
يشرح صيّاح لـ"ومضة" أنّ الأمر "في تلك المرحلة قد أصبح صعباً بالنسبة لي كوني طالباً وصاحب عمل في الوقت نفسه. لقد دخلتُ إلى عالمٍ لم أفكّر أبداً بأنّني سأدخله".
نظرًا لغياب الدعم من أيّ جهة استثمارية من الخارج أو فريق عمل متخصص، أُجبِر صياح على دراسة كلّ تفاصيل وجوانب التصميم والمواد والإنتاج والشحن، لوحده. وفي بلدٍ مثل لبنان، كانت الصعوبات كثيرة ومتعبة.
التصنيع والشحن
لا يزال تصنيع "بيتشيل" يجري في لبنان، ما يشكل عائقاً أمام النجاح لأنّ المصانع اللبنانية لم تتمكّن من تصنيع سوى من ثماني إلى عشرة منتجات في اليوم، على حد قول صياح، ناهيك عن أنّ التصنيع هنا أكثر تكلفة من الخارج.
يتمّ تصنيع الفراش باستخدام نسيجٍ مستورد وخياطته يدويًا في لبنان، فترتفع بذلك الكلفة لأنّ أجرة اليد العاملة في لبنان مرتفعة بالمقارنة مع الهند والصين، كما أنّ الألواح الشمسية مستوردة أيضاً.
في المقابل، تكمن المشكلة الأكبر في الشحن، وخصوصًا عندما يتعلّق الأمر بالزبائن خارج لبنان.
يشير صياح إلى أنّه "من دون طلبات كافية، لا يمكنني استخدام حاوية للشحن إلى الخارج. إنّني مضطرٌ للعمل مع شركة ’دي إتش إل‘ DHL وهي خدمة مكلفة للغاية. فعلى سبيل المثال، أبيع المنتج [في لبنان] مقابل 150 دولاراً، ولكن إذا أردتُ شحنه إلى أمريكا مثلا يرتفع السعر إلى 330 دولاراً بسبب تكاليف الشحن".
أرسل صياح حتى الآن عدّة شحنات إلى دول في مختلف أنحاء العالم مثل أستراليا والولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة وحتى البرازيل، وفي بعض الحالات وصل سعر "بيتشيل" إلى 400 دولار بسبب تكاليف الشحن.
لا يزال صياح طالبًا، وهو الآن يبحث عن مستثمرين أو شركاء لمساعدته في نقل عملية تصنيع "بيتشيل" خارج لبنان لتخفيض التكاليف وتوسيع انتشارها حول العالم.
ومن الجدير بالذكر أنّه قام بتطوير محفظة صديقة للبيئة ومزودة بطاقة شمسية لتتماشى مع فراش الشاطئ.