فشل وفشل ثانٍ وثالث ومن ثمّ وظيفة وبعدها نجاح مع 'بيو إنرجي مصر'
فشل مؤسّس "بيو إنيرجي مصر" Bio Energy Egypt، محمود جلال، ثلاث مرّات ثمّ عمل في وظيفة في شركة كبرى قبل أن يحقق النجاح في ريادة الأعمال.
وكلّ ما تطلبه لتحويل الأمور إلى صالح، هو بعض الحظّ، وصفقة كبيرة، وخبرة الفشل.
الفشل الأوّل: نباتات وَرد لنيل
بدـأ جلال مسيرته بفكرةٍ خطرت له في عام 2009 خلال مشروع دراسي كان يراقب فيه مياه المزارع السمكية في دمياط،: إعادة تدوير نباتات ورد النيل سميكة الساق (أو ياسنت الماء) التي تسدّ مجاري مياه الأنهر.
"ورد النيل سيئة للغاية، فهي تتطلّب الكثير من المياه وتنمو بسرعة، لذا كانت فكرتي أن نأخذ هذه النبتة ونجعل منها أعلافاً حيوانية. نجحتُ في صناعة نموذج أوّلي، غير أنني فشلت في التصنيع بكميّاتٍ كبيرة."
لكن السبب الفعلي لفشله - وهو أمرٌ لازمه في مشاريعه اللاحقة - يكمن في أنّه لم يتكلّم لغة السوق المحتملة، وهي في هذه الحالة المزارعين الصغار.
"تمّ تسويق هذا المنتج كأعلاف حيوانية للمزارعين الصغار الذين يمتلكون بقرة أو بقرتين؛ ولكن عندما رأونا نلبس سراويل الجينز ونتكلّم باللغة الإنجليزية، خافوا منّا."
الفشل الثاني: الغاز الحيوي
في عام 2011، بدأ جلال الذي تخرّج حديثاً بالعمل على مشروع جديد عن الغاز الحيوي، فنجح في إنتاج الغاز الحيوي بوحداتٍ صغيرة من المخلفات الزراعية وروث الدجاج وكافة أنواع المخلّفات.
لكنّه فشل مرّة أخرى للسبب نفسه: "لم نتحدّث لغتهم."
الفشل الثالث: الورق
في العام نفسه، بدأ جلال باختبار إعادة تدوير المخلفات الزراعية مثل قشّ الأرز وتحويلها إلى ورق.
"نجحنا في إعداد نموذج أوّلي، لكنّ تأسيس أعمال تجارية من نموذج أولّي أمر صعب جدّاً،" حسبما يقول، ويتابع مضيفاً أنّ "نوعية الورق كانت متدنيّة للغاية،" ولذلك فشل المشروع.
توقّف جلال عن المحاولة في عام 2012، إذ بعد أن أثقله فشله المتكرر وزادت حاجته لجني بعض المال، خضع لضغوط العائلة ووجد وظيفةً في شركة "بروكتر أند غامبل" Procter and Gamble.
التحوّل
"خضعتُ للضغوطات وانضممتُ إلى حياة الشركات الكبرى،" هكذا يصف الأمر، لافتاً إلى أنّه عمل "لستة أشهر فقط لأنّني لم أشعر بالراحة مع هذه الوظيفة."
خلال الأشهر الستّة هذه، التقى جلال الذي كان متشوّقاً للعودة إلى القيام بما يحبّه، بصديقٍ يعمل لشركة الإسمنت "إيتالسيمنتي" Italcementi Group.
في ذلك الوقت، كانت "إيتالسيمنتي" في المراحل الأولى من اختبار الغاز الحيوي كبديلٍ للغاز الطبيعي الذي تزوّده الحكومة.
وبعد أن أخبر جلال صديقه عن أفكاره حيال إنتاج الغاز الحيوي من المخلفات الزراعية، ساعده في الوصول إلى المدير المسؤول عن مشروع "إيتالسيمنتي". وبعد اجتماعين، وقّع جلال عقداً مقابل مليون جنيه مصري (113 ألف دولار) وودّع حياة الشركات الكبرى.
أخيّراً، النجاح الأوّل
تأسّست "دايرة" Dayra لإدارة المخلّفات وإعادة تدويرها، والتي تعرف الآن بـاسم "بايو إنيرجي مصر" في عام 2013، ويوجد لديها اليوم 11 موظّفاً، وتبتاع المخلّفات مثل قشّ الأرزّ مقابل 100 جنيه مصري (11 دولار أمريكي) للطنّ الواحد من أكثر من 700 مزارع صغير.
كما وتُنتِج الشركة حوالي 3 آلاف طن من الغاز في الشهر.
يقول جلال إنّه بعد ستّ سنوات من المحاولة، نجح في "تعلّم لغة" مزوّديه، كما أنّهم اكتشفوا قيمة المخلّفات التي يتخلّصون منها. ويضيف أنّ "الأمر يتطلّب وقتاً لأنّه مرتبط بالثقافة؛ فمنذ بضع سنوات لقّبونا بالمجانين... أمّا الآن فهم يعلمون قيمة هذه المخلّفات ويبيعونها."
إنّ الأمر كلّه يقوم على التجربة والخطأ trial and error؛ و"كلّ رائد أعمال يعلم ذلك؛ كلّما حاولت أكثر، كلّما جنيت أكثر."