زحمة السير والنقل الذكي: كيف تتغيّر طريقة تنقّلنا في المنطقة؟ [1]
الأربعاء، الساعة 10:45 صباحاً، هذه مناطق الزحمة والطرقات السالكة في القاهر، وفقاً لخريطة "وصلني".
هذه المقالة هي الأولى من بين مقالاتٍ تتحدّث عن النجاح والفشل وأبرز اللاعبين في قطاع النقل الذكيّ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يمتلك قطاع النقل الذكيّ قدرةً على تغيير الكثير من الأمور في نمط الحياة العصريّ، بدءاً من الطرق التي يستخدمها الناس كلّ يومٍ للوصول إلى أعمالهم وصولاً إلى الطريقة التي يتمّ فيها التخطيط للمدن بأكملها.
ولكن الاحتمالات محيّرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كم ستتحسّن الأمور على صعيد الاقتصاد في مصر إذا لم تستنزف مشاكل المرور في القاهرة 4% من الناتج المحلّي الإجمالي؟ هل كان ربع سكّان لبنان ليعيشون في بيروت الكبرى لو توفّرَت لهم وسائل أفضل؟ وفي أسوأ الاحتمالات، ماذا كان السعوديون الـ7,898 سيفعلون اليوم لو لم يموتوا في حوادث السير في عام 2013؟
يوجد دليلٌ في مختلف أرجاء المنطقة على أنّ النقل الذكيّ - المركبات والبنى التحتية المتصِّلة بالإنترنت - قد حان وقتُه. فبحسب ما يقوله إسماعيل زهدي لـ"ومضة"، التكنولوجيا موجودة ولكن ما ينقص هو التطبيق. ويذكر أنّ المشاكل الثلاث الرئيسية التي سيحلّها النقل الذكيّ هي مشاكل السلامة، والقدرة على التنقّل بسهولة (بحيث يستطيع المزيد من الماس السفر بوقتٍ أقلّ)، والمشاكل البيئية.
المشاكل الناجمة عن فشل أنظمة النقل أو عدم فعاليتها تطال مجالات كثيرة. (الصورة لـ رايتشل وليامسون)
نتعرّف في القسم الاول على المشكلة الأولى، فيما سنتطرّق إلى المشكلتَين الأخريَين في القسم الثاني من هذه المقالة.
القدرة على التنقّل بسهولة
يُعتبَر نقل السكّان المتنامية أعدادهم من نقطةٍ إلى أخرى من دون إرهاق البنى التحتية القائمة، مثل مترو الأنفاق في القاهرة، ومن دون زيادة الاختناقات المرورية، مسألةً يتمّ العمل عليها من قبل الحكومات والشركات الكبرى والشركات الناشئة في مختلف أنحاء المنطقة.
فمن حيث خدمات تشارك السيارات، وتشارك الباصات، وتبادل السيارات، وتشارك الدرّاجات الهوائية، يوجد الكثير من اللاعبين العالميين الكبار من دبي إلى المغرب.
لقد أظهرَت دراسةٌ صدرَت عن "جامعة كاليفورنيا" أنّ كلّ سيارةٍ يتمّ تشاركها تُغني الطريق عن 9 سيارات إلى 13 سيارةٍ أخرى. ولكن في حين لم يصدر مثل هذه الدراسة لبلدان المنطقة، فمِن غير المحتمَل أن يكون هذا هو الحال هنا، إذ ما زال امتلاك سيارةٍ يرمز إلى مكانة الأشخاص الذين يريدون التنقّل في المنطقة العربية وشمال أفريقيا.
وقد توقّعَت شركة الاستشارات العالمية "آي إتش إس أوتوموتيف" HIS Automotive في عام 2014 أنّ مبيعات السيارات الخفيفة في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها سيتضاعف عمّا هو عليه في كلٍّ من أوروبا الغربية والولايات المتحدة بحلول عام 2022، بعدما قارب 1.74 مليون سيارةٍ مُباعة في تلك السنة.
وفي وقتٍ يبلغ عدد سكّان جول مجلس التعاون الخليجي ما يزيد قليلاً عن 50 مليون نسمة، فإنّ مصر التي تضمّ 90 مليون نسمةٍ (بحسب إحصاءاتٍ غير رسميّة) والتي تُصَنّف بين أكبر أسواق السيارات الـ14 في العالم، وفقاً لشركة التأمين "سويس ري" Swiss Re، لا يمتلك سيّاراتٍ فيها سوى 12% من السكّان.
نتيجةٍ لذلك، وفي حالة مصر على الأقلّ، فإنّ الحاجة إلى النقل الذكيّ أكثر باتت أكثر إلحاحاً. في هذا الإطار، قال أشهر مهندسٍ للنقل الحضريّ في مصر، دايفيد سيمز، في عام 2014، إذا لم تتّخذ الحكومة المصرية أيّ إجراءٍ بهذا الخصوص، فإنّه بحلول عام 2025 ستُشلّ الممرّات المؤدّية إلى القاهرة وإنّ الضواحي سيكون من الصعب الوصول إليها.
من السهل أن ننسى أنّ الازدحام المروريّ هو عبءٌ اقتصاديّ، قبل أن نحاول الوصول إلى اجتماعَي عمل في يومٍ واحدٍ في القاهرة.
خدمات طلب السيارات وتشارك المركبات ليست إلّا البداية، بحسب زهدي الذي يضيف أنّ الباقي يأتي مع القرارات السياسية. وفي حين يتصوّر هذا الأخير مستقبلاً يتمّ فيه منع الشاحنات من سلوك بعض الطرق أو منعها من السير في أوقاتٍ معيّنة، فإنّ تطبيقات السير مثل "بيقولك" Bey2ollak تحثّ السائقين على التنقّل خارج ساعات الذروة من خلال اقتراح طرقاتٍ يمرّون فيها بمقاهيهم المفضّلة حيث يحصلون على خصوماتٍ على مشاريبهم ومأكولاتهم المفضّلة.
في القسم الثاني، سوف نتطرّق إلى مشاكل السلامة والبيئة.