هل فشل تشخيص الأمراض عبر الإنترنت؟
هل يمكن لتطبيقٍ على الأجهزة الذكية أن يحلّ محلّ الطبيب في فحص العوارض المرَضية؟ (الصورة من iStock)
أظهرَت مراجعةٌ قامَ بها قبل الباحثون في كلّية الطبّ بجامعة هارفارد Harvard Medical School، أنّ تشخيص العوارض المرَضية عبر الإنترنت غير دقيقٍ وسيئ.
هذه الدراسة التي شملت لاعبين أساسيين في هذا القطاع مثل "إيزابيل" Isabel، و"مايو كلينيك"Mayo Clinic و"ويب أم دي" WebMD، خلصَت إلى أنّه "بالرغم من تنوّع البرامج في دقة التشخيص والنصائح المختارة، إلّا أنّها بشكلٍ عامّ كانت غير دقيقةٍ." وقد تراوحَت دقّة البرامج بين 71% و29%.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يوجد بعض الأنظمة المماثلة (اطّلع على "مشخص الأعراض" TebChecker و"الطبّي" AlTibbi)، ولكن لم يتمّ القيام بأيّ دراسةٍ مماثلةٍ لقياس مدى دقّتها في التشخيص.
تبدو هذه النتائج مثيرةً للقلق، وربّما تشكّل خطراً على هذا القطاع، خصوصاً وأنّ الرعاية الصحّية الرقمية تمرّ في عصرها الذهبيّ كما يُقال. ولذلك، فإنّ الامر يستحقّ التمهّل والنظر إلى النتائج من زوايا مختلفة.
الخطأ في التشخيص لا يُعدّ مأزقاً للنظم العاملة على الانترنت وحسب، إذ أنّ أفضل الأطباء قد يخطئون حتّى. هل ستكون أنظمة تشخيص الأعراض مفيدةً للأطبّاء كما يُفترَض أن تكون للمرضى؟ إذا كان الأمر كذلك، كيف سيتأثّر نموذج الأعمال إذاً؟
الأطبّاء الحقيقيّون يخطئون في التشخيص أيضاً: في عالم الطبّ، يُعتقَد أنّ الخطأ في التشخيص أن تؤثر على 10 إلى 20 في المئة من الحالات. ووفقاً لهذه المقالة، فإنّ 12 مليون أميركيٍّ يتعرّضون لخطأ في التشخيص كلّ عام، ونصف هذه الحالات يمكن أن ينتج عنها ضررٌ شديد للمرضى.
وبحيث أنّ التشخيصات التي يقوم بها الأطبّاء الحقيقيّون لا يمكن أن تخلو من الأخطاء تماماً، فهذا لا يعني ان نقبل التشخيص الخاطئ على الإنترنت. بل هذا يعني أنّ المعرفة المطلقة يصعب تحقيقها من قبل نظامٍ واحد فقط.
أنظمة تشخيص الأعراض على الإنترنت لا تحلّ محلّ الأطبّاء: بدلاً من النظر إلى تلك الأنظمة كبدائل محتملة للأطبّاء والتباكي على أدائها المنخفض، لمَ لا يتمّ اعتبارها كجسرٍ بين المرضى المجهولين والأطبّاء؟ فالمريض الذي يحصل على التشخيص عبر الإنترنت قد يتمّ إطلاعه على حالته بشكلٍ أفضل، ويكون في وضعٍ يمكّنه من إجراء مناقشةٍ بنّاءةٍ أكثر مع طبيبه.
بالإضافة إلى ذلك، ماذا لو استخدم الأطبّاء أنظمة التدقيق في العوارض المرَية كأداةٍ للمساعدة في التشخيص؟ ويمكن أن يستكمل هذا من خلال العناصر البشرية التي تتفوّق على الأنظمة الآلية بالإحساس الفطريّ، أي الشعور الفطريّ بأنّ هناك شيئاً صحيحاً أو خاطئاً.
نموذج عمل جديد، تصميم جديد: قد يكون أوّل اعتراضٍ على الاقتراح السابق أنّ الأطبّاء مثقلون لتوّهم بمختلف أنواع الأنظمة. ومن جهةٍ ثانية، لا يمتلك الأطبّاء الكثير من الوقت لإجراء محادثاتٍ مع المرضى، وهم ليسوا بحاجةٍ إلى ما يلهيهم أيضاً. ولذلك، فهذا يُعتبَر سبباً إضافياً لإخضاع الأنظمة إلى عملية إصلاحٍ شاملةٍ للتصميم الرئيسي.
تُصمَّم بعض الأنظمة لتتلاءم مع المرضى وحسب، ولكن ربّما ينبغي على الجيل القادم من أنظمة تشخيص العوارض المرضية عبر الإنترنت أن تُصمَّم للمرضى ومقدِّمي الخدمات على حدِّ سواء.
التكنولوجيا في تطوّرٍ مستمرّ: في حين نعيش في عصر الذكاء الاصطناعيّ والآلات القابلة للتعلّم مسبقاً، يوجد احتمالاتٌ بأن يصبح التشخيص عبر الإنترنت أكثر ذكاءً ودقّة.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التقارب بين التقنيّات المتعدّدة التي قد تُستخدَم في أنظمة التشخيص وترفدها بمزيدٍ من الأفكار الجديدة، هو أمرٌ مثيرٌ للاهتمام ويجب مراقبته جيّداً.
الاقتصاد: لا تنسَ السؤال الذي يساوي مليار دولار في مجال الرعاية الصحّيّة: مَن سيقوم بالدفع؟
تصميم نظامٍ جيّدٍ يقلّل من نسبة الأخطاء في التشخيص ويكون مقبولاً من قبل الأطبّاء، لا يكفي، إذ ينبغي أن يتحمّل أحدٌ تكلفة هذا النظام إلّا إذا كنتَ تريد تقديمه بالمجّان. من ناحيةٍ أخرى، لا يسمح نظام الدفع الحالي للمستشفيات باسترداد النفقات المتعلّقة بتشخيص العوارض المرَضية. وقبل أن يتغيّر هذا الواقع، فإنّه لا يُتوقَّع أن يتمّ اعتماد مثل هذه الأنظمة على نطاقٍ واسعٍ قريباً.
ولكن بالتأكيد توجد طرق مختلفة لمقاربة هذا الأمر، فما رأيك أنت؟