تحتاج الفنادق إلى الشركات الناشئة أكثر من أي وقت مضى
مع الاستعدادات الضخمة لاستقبال الفعاليات الكبرى القادمة مثل "إكسبو 2020"، من المقرر أن تضاعف دبي من عدد فنادقها.
تتطلّع شركة "هوسبيتاليتي مانجمنت هولدينجز Hospitality Management Holdings"، المتخصصة في إدارة الفنادق والكائنة في دبي، إلى مضاعفة محفظتها الاستثمارية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس القادمة، وذلك وفقا لما جاء في تقرير قطاع الفنادق والضيافة بدول مجلس التعاون الخليجي من إعداد "ألبن كابيتال Alpen Capital".
ومن المنتظر أن تنمو الاستثمارات الرأسمالية في القطاع إلى 5.4% سنوياً، حتى عام 2026، كما جاء في التقرير نفسه. ورغم أن هذا الرقم يبدو إيجابياً، إلا أنه يُعتبر الحد الأدنى من المتطلبات الأساسية لاقتصادات دول الخليج من أجل الوصول إلى الاستدامة وضمان بلوغ القدرة على الصمود، بمنأى عن الاعتماد على النفط.
ينبغي للفنادق الارتقاء بمعايير الخدمة
مع زيادة الطلب على الخدمات السكنية ترتفع توقعات نزلاء الفنادق، لتصبح أكثر تعقيداً وتطوراً. ومن هذا المنطلق، يجب أن تتنوع مستويات الابتكار وجوانبه لتلبية احتياجات مختلف النزلاء. ينبغي أن يطال الابتكار جميع جوانب تجربة الإقامة الفندقية، بدءاً من تسريع إجراءات تسجيل الوصول وتوفير التجهيزات المتطورة في الغرف وتطبيقات النزلاء والموظفين الآليين وحتى الغرف التي تعمل بنظام الأوامر الصوتية - كل ذلك وأكثر.
في الواقع، إن قطاع الفنادق يطرح ابتكارات على مستوى العالم أكثر من أي وقت مضى، وعلى الشركات الناشئة أن تؤدي دوراً بارزاً في منطقتنا العربية حيث تعتبر الحاجة إلى الابتكار مطلباً هاماً من النزلاء والفنادق على حدّ سواء.
ولحسن حظ الكثير من الشركات الناشئة في المنطقة العربية، قامت شركة ماريوت في الشرق الأوسط وأفريقيا بإطلاق برنامج "تيست بيد TestBed"، وهو برنامج تسريع أعمال يدعو الشركات الناشئة لاختبار حلولها في فنادق ماريوت بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة 10 أسابيع.
شركة "يونيفايد إنبوكس Unified Inbox" هي إحدى الشركات الناشئة التي التحقت مؤخراً بالبرنامج. "يونيفايد إنبوكس" هي منصة تسمح لنزلاء الفنادق بالتواصل عن طريق الأجهزة الذكية باستخدام تطبيقات المحادثة والدردشة المفضلة لديهم، وذلك عبر رسائل صوتية ونصية.
إن الاتجاه نحو المزيد من الابتكار سيساهم في دفع عجلة عملية الابتكار في الفنادق. وبحسب حسن حيدر، الشريك في "500 ستارت أبس 500 Startups": يعود السبب الرئيسي الذي يمنع قطاع الفنادق من إحراز التقدم بالسرعة المطلوبة إلى الوقت الطويل الذي يستغرقه إجراء عمليات الاختبارات والمبيعات. ويرجع ذلك بدوره إلى طول دورة المبيعات وصعوبة تفعيل استخدام المنتجات في الفنادق. وعلى الرغم من رغبتنا في رؤية المزيد من الاستثمارات في قطاع الفنادق بالمنطقة، إلا أن ذلك ليس في صميم مجال اهتماماتنا في الوقت الحالي».
كما سلّط تقرير "ألبن كابيتال" الضوء على أن ما يدعو الشركات الناشئة إلى الابتكار فعلاً هو ظهور "مسافري الألفية الجديدة"؛ وهم المسافرون الملمّون بالتقنية والذين اعتادوا قضاء مزيد من الوقت في الاطلاع على تقييمات الفنادق وملاحظات وتعقيبات نزلاء الفنادق وتوصياتهم قبل اتخاذ أي قرار بالحجز.إن مجموعة الفرص المتاحة أمام الشركات الناشئة كثيرة وعليها تغطية مختلف جوانب عمل الفنادق، بدءاً من تسهيل حجوزات العملاء في فنادق معينة وحصولاً إلى جعل تجربة الإقامة في الفندق ممتعة.
وكما نوّه حسين السقاف، الرئيس التنفيذي لشركة جو إجازة Go Ejaza، موقع إلكتروني يقدم عروض رحلات السفر: «إن المجال واسع أمام الذكاء الاصطناعي وإدماج المزيد من التكنولوجيا لرفع مستوى تجربة النزلاء الفندقية ولزيادة عائدات الفنادق. ولدى الشركات الناشئة رؤية واضحة حول كيفية الاستفادة من دمج وتنفيذ التكنولوجيات الحديثة في تحسين مستوى تجربة النزلاء بالفنادق. واليوم يستطيع الناس إيجاد خدمات السكن والإقامة بأسعار مناسبة وببدائل متوفرة، بدءاً من تجربة النزلاء والتفاعل مع الفنادق، وخدمة الخادم الشخصي، وتحسين وأتمتة إجراءات تسجيل الوصول في الفنادق، وزيادة ولاء العملاء وسبل اتصالهم، وتقديم خدمات قيمة أثناء استضافة النزلاء، وتقليل الحاجة إلى الاتصال بموظفي الاستقبال أو مراجعتهم». كما أشار حسين السقاف في معرض حديثه إلى أحد المنتجات غير المعلنة والذي سيتم إطلاقه للفنادق في عام 2018.
يُعتبر أيضاً نظام ثلاجات "الميني بار" في الفنادق أحد عناصر الابتكار. هل تساءلت يوماً أثناء قيامك بإجراءات المغادرة من الفندق كيف تعرف الفنادق تلقائياً إن كنت قد أخذت شيئاً من الثلاجة؟ فالكثير من الفنادق حول العالم تستخدم نظم مؤتمتة مزودة بأجهزة استشعار يمكنها اكتشاف تغيير مكان أي غرض خلال 60 ثانية، ثم تقوم بحسم سعره مباشرة من البطاقة الائتمانية للنزيل. لكن هذا النظام غير مؤتمت بصورة كلية إذ يمكن للنزيل أن يأخذ أحد الأغراض دون إعادته، وذلك يستدعي حضور أحد الموظفين لفحص الأغراض يدوياً. ولعل التوصل إلى حلول لمثل هذه المشكلة سيكون فرصة سانحة للشركات الناشئة المحلية.
يُعتبر تحليل البيانات عنصراً أساسياً لعمل الفنادق. ويساعد استخدام الفنادق للمدخلات التي تحصل عليها من النزلاء على فهم كيفية الحفاظ على ولاء النزلاء واستمرارهم في زيارتها، رغم وجود البدائل الأخرى المغرية.
"توايستار Twistar" عبارة عن جهاز يستخدم ويحلل أصوات نزلاء الفندق لاستخلاص أفكار مفيدة في الوقت الحقيقي. وتجدر الإشارة إلى أن الشركة المُطوّرة للجهاز هي إحدى الشركات الناشئة الثلاث التي انضمت إلى برنامج ماريوت "تيست بيد".
أخد صبحي فرح أيضاً على عاتقه هذا التحدي، واعتمد على ملاحظات وتعقيبات العملاء لتحسين الخدمة المقدمة لهم. وصبحي فرج هو الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كناري Kanari الناشئة المعنية بجمع ملاحظات وتعقيبات العملاء في الوقت الحقيقي. تتعاون شركة صبحي فرح مع الفنادق لجمع معلومات التغذية الراجعة عن الأغذية والمشروبات في الفنادق وفعاليات الأعمال التجارية. وقد اختار صبحي فرح حلاً يتناسب مع مجال خبرته بدلا من أن يستهدف بخدماته شريحة من العملاء يحتكرها اللاعبون الكبار في هذا المجال. وفي هذا الصدد صرّح صبحي فرح في حديثه مع "ومضة": «لدى اللاعبين الكبار رؤى متعمقة تركز على هذا القطاع، ويقدمون إمكانات ذات معايير مرجعية عالمية، كما يندمجون بشكل مباشر مع نظم حجز الفنادق المختلفة. ولذ، ينبغي لنا التركيز على القطاعات والشرائح التي لا تحظى بخدمات كافية بدلا من التنافس مع الشركات الشهيرة أو الراسخة في المجال».
أما السبب الآخر الذي يدعو صبحي فرح للابتعاد عن فئة الفنادق الضخمة، فهو أن سلاسل الفنادق تشتري برمجيات الكمبيوتر من فئة الشركات. ويوضح مقصده قائلاً: «يشتري مكتب فنادق ماريوت الرئيسي برامج كمبيوتر لمراجعة بيانات الإقامة بفنادقهم يشمل جميع منشآتهم حول العالم. وبناءً على ذلك، سيكون علينا أن نبيع خدماتنا إلى مكاتب شركاتهم، وهو ما يصعب القيام به من هنا في دبي». في الوقت الحالي تركز "كناري" على الفعاليات وخدمات الأغذية والمشروبات لأنها «تُدار محلياً ولأن سلاسل الفنادق نادراً ما تستخدم نظم شاملة تغطي هذا الجانب، فهذه ليست من الوظائف الأساسية في عملها».
إضافة إلى التحليلات في الوقت الحقيقي للعملاء التي تقدمها شركة كناري، يرى صبحي فرح أنه توجد فرصة سانحة للشركات الناشئة الأخرى لدعم الفنادق عن طريق تصميم واجهة لبرمجة التطبيقات وسوق للتطبيقات لمصلحة الأطراف الثالثة المعنية. ويشرح فكرته قائلاً: «ينبغي للشركة الناشئة المشاركة في القطاع وبناء حلول مناسبة وفي الوقت نفسه التفكير في المبيعات ولكن مع التركيز الحصري على الفنادق، ربما توجد شركة على هذا النحو، لكني لم أسمع بها حتى الآن».
تنسجم اللياقة البدنية مع حلول التكنولوجيا تماماً. وفي محاولة لتغيير الفكرة التقليدية المأخوذة عن الصالات الرياضية في الفنادق، تقوم شركة "فيت باس FittPass" الناشئة لتوفير العضويات الرياضية باستهداف الفنادق حيث تتيح لنزلائها الحصول على باقات عروضهم. وتتعاون "فيت باس" حالياً مع فنادق على مستوى ماريوت. من جانبها، تقول هبة الدليل، المؤسسة ونائبة الرئيس لشؤون المبيعات والتسويق في "فيت باس": «نشهد زيادة في أرقام العوائد ونبرم شراكات قوية مع النوادي الصحية، وسنواصل إضافة المزيد من الفنادق إلى منصتنا في المستقبل القريب. نتيح للمستخدمين شراء تصاريح دخول يومية وعضويات ومختلف الباقات المصممة حسب الاحتياجات الشخصية، وذلك في كل فندق من الفنادق في شبكتنا، بناءاً على أهداف المؤسسة واحتياجات العملاء التي نراها مناسبة».
وعلى صعيد الخدمات الفاخرة، فإن "بيتشيل Beachil" هي ثالث شركة ناشئة تنضم إلى برنامج "تيست بيد". وتطرح الشركة فراشاً للبحر صحيّاً وصديقاً للبيئة ويعمل بالطاقة الشمسية، كما يمكنه شحن الأجهزة المتنقلة، إلى جانب الحفاظ على برودة المشروبات في الجو الحار.
حلول أخرى مرتقبة
إذا كنت من المسافرين الدائمين، فلعلك لاحظت الوقت الطويل غير المبرر المستغرق في إجراءات تسجيل الوصول بالفندق. ونظراً لأن أكثر الفنادق لا يتوفر بها خدمة تسجيل الوصول أو المغادرة الذاتية كالتي تقدمها الشركة الأوروبية كلوك سوفتوير Clock Software، ينبغي لرواد الأعمال الآن التدخل لمساعدة الفنادق كي تصبح أكثر كفاءة وترشيداً للوقت. فقد تقدم الحلول المحلية المساعدة للفنادق على استقبال أعداد أكبر من الزوار، خاصة في وقت استضافة الفعاليات الكبيرة القادمة مثل إكسبو 2020.
يقول حسن حيدر: «هناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى تطوير في قطاع الفنادق والضيافة. فأنا أسافر كثيراً وأقضي ليلة واحدة على الأقل كل أسبوع في أحد الفنادق في المنطقة وحول العالم. وأجد أن عملية تسجيل الوصول تستغرق وقتاً أطول من اللازم وعتيقة بشكل ميؤوس منه في عصر التكنولوجيا الذي نشهده. وتُعتبر نظم التطبيقات على الأجهزة اللمسية تقدماً عظيماً في هذا المجال، إلا أن تنفيذها لا يتحقق بمعدلات ثابتة. ومرة أخرى، لا تكمن المسألة في معرفة المشكلة، بل في كيفية طرح منتجك في الفندق».
لا يتعين على الشركات الناشئة البدء من نقطة الصفر، بل تحتاج إلى تحديد الفجوات التي ينبغي سدها. وفي المقابل، على الفنادق إزالة العقبات أمام دخول الشركات الناشئة للقطاع. وأضاف حسن حيدر قائلا: «تسيطر بعض سلاسل الفنادق والعلامات التجارية الكبرى على القطاع، وتتسم دورة المبيعات لإدخال أي منتج إلى الفندق بالطول والمشقة بحيث يصعب على الشركات الناشئة التعامل معها في فترة وجيزة». ومع إطلاق المزيد من برامج مسرّعات الأعمال مثل "تيست بيد" برعاية ماريوت، ستستوعب الفنادق والشركات الناشئة في النهاية أهمية التعاون من أجل تحقيق الابتكار في تقديم الخدمات.