موقع Babelmdina للتجارة الإلكترونية يعيد إحياء قطاع الحرف اليدوية في المغرب
اعتاد أنس العموري وإيمان رديد، من مواليد المملكة المغربية، القيام بزيارة أسبوعية إلى المدينة القديمة في الدار البيضاء لاستكشاف أزقتها الضيقة وأسواقها القديمة التي يعود تاريخها لمئات السنين. وحالت الأزمة الصحية العالمية دون مواصلة هذا التقليد، كما تسببت بإغلاق العديد من المتاجر وهجرة الحرفيين المحليين الذين كانوا يعملون بها لكسب لقمة العيش بالعمل في مهن أخرى. ولم يؤثر ذلك على شغف الثنائي العموري ورديد بالفنون التقليدية والحرف اليدوية، مما دفعهم لإطلاق منصة إلكترونية للمساعدة على إعادة إحياء هذا القطاع.
وتأسست المنصة، التي حملت اسم Babelmdina ومعناها باب المدينة، في عام 2021 على يد العموري ورديد ليتم إطلاقها أخيراً في نهاية عام 2022 لتوفر مساحة مخصصة للفنانين لاستعراض منتجاتهم والتسويق لها وبيعها في الفضاء الرقمي، مما يتيح لهم فرصة توسيع قاعدة عملائهم على المستويين المحلي والعالمي. ويستمد المشروع الناشئ أرباحه من كسب نسبة محددة بعد إتمام كل عملية بيع، حيث تتعاون المنصة حالياً مع أكثر من 1200 فنان يقدمون حوالي 12000 منتج من خلالها.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال العموري: "أغلقت العديد من المتاجر أبوابها في المغرب خلال الأزمة الصحية العالمية، ولم يكن بوسعنا زيارتها بعد ذلك، مما دفعنا للبحث عن منصات إلكترونية تعرض منتجات هذه المتاجر، ولكننا لم نعثر على أي متجر إلكتروني يوفر نفس تجربة التسوق في المتاجر الفعلية. ومن هنا ولدت فكرة منصة Babelmdina".
وينضم الثنائي المغربي من خلال تأسيس هذا المشروع إلى عدد متزايد من رواد الأعمال في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا والتي شهد قطاع الشركات الناشئة فيها نمواً ملحوظاً في أعقاب أزمة كوفيد-19، حيث حصدت الشركات الناشئة المغربية العام الماضي 30 مليون دولار أمريكي، وهي أعلى نسبة تحصدها المملكة في تاريخها مع مساهمة قطاع التجارة الإلكترونية بنسبة 20 بالمئة من إجمالي الشركات الناشئة في المملكة، تلاها قطاع النقل بنسبة 14 بالمئة وفقاً لتقرير منظومة الشركات الناشئة في المغرب. وحصدت الشركات الناشئة في المملكة المغربية خلال الربع الأول من العام الجاري 9.5 مليون دولار أمريكي. وبينما يشهد حجم الاستثمارات العالمية تباطؤاً ملحوظاً، يحظى قطاع الشركات الناشئة في المغرب بنسبة متزايدة من المستثمرين وحاضنات ومسرعات الأعمال.
ويؤدي قطاع الحرف اليدوية في المملكة دوراً أساسياً في دفع عجلة الاقتصاد بصفته أحد أهم مصادر فرص العمل، مساهماً بنسبة 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني و20% من القوى العاملة التي تشكل السيدات نسبة كبيرة منها، مع توقعات المؤسسين أن تصل القيمة الإجمالية للقطاع إلى 40 مليار دولار أمريكي في المستقبل.
وتهدف الشركة الناشئة الجديدة إلى تشكيل حلقة وصل بين صانعي الحرف اليدوية والأسواق العالمية، بما يمكّن الفنانين من التوسع خارج السوق المغربية وبيع منتجاتهم في مختلف أنحاء العالم. ويشكل العملاء من الصين وأستراليا النسبة الأكبر على الموقع، في حين تبقى الخدمات اللوجستية العائق الأكبر الذي تواجهه المنصة بسبب محدودية خيارات النقل وارتفاع تكاليف الشحن.
وأضاف العموري: "يتمتع قطاع الحرف اليدوية بمكانة رائدة هنا، إذ يشتهر السجاد والمنتجات النحاسية المغربية في مختلف أنحاء العالم، إلا أن التحدي لا يكمن في إنتاج هذه القطع الفنية وصناعتها بل في الجانب اللوجستي، إذ تقتصر خيارات النقل على DHL وFedEx التي تفرض رسوماً عالية جداً. لذلك، تبقى المشكلة الأكبر التي يواجهها القطاع حالياً في العثور على طريقة أفضل لبيع هذه المنتجات وإيصالها إلى مختلف أنحاء العالم".
توقعات العملاء
تتطور توقعات العملاء باستمرار، مما يجعل من إقناعهم بحاجتهم للقطع الحرفية في حياتهم اليومية الجزء الأصعب من إدارة السوق الإلكترونية.
وحصدت منصة Babelmdina، خلال مشاركتها في النسخة المحلية من برنامج Shark Tank في وقتٍ سابق من هذا العام، 20 ألف دولار أمريكي بهدف إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي والوقع المعزز في عمليات المنصة لتعزيز مزاياها التفاعلية وقدرتها على تقديم تجارب مخصصة للعملاء.
وأوضح العموري: "تشكل تصورات المشترين التحدي الأول في هذا القطاع، فعندما تشتري قطعة حرفية أو منتج مصنوع يدوياً، من الصعب جداً تخيل حجمها وشكلها وتفاصيلها أو كيف ستبدو في غرفة معيشتك أو غرفة نومك. أما عندما تشتري شاحن أو وصلة للهاتف من أمازون أو أي سوق إلكتروني آخر على سبيل المثال، فإنك تدرك مسبقاً شكل المنتج الذي ستحصل عليه ومزاياه والهدف منه. لذلك، يساعدنا اعتماد تقنيات الواقع المعزز على تطوير السوق واستقطاب المزيد من المشترين".
وتخطط الشركة الناشئة مع التمويل الجديد لتوسيع حضورها تدريجياً في دول القارة الأفريقية، حيث اختتم العموري بالقول: "أفريقيا هي أرض الحرف التقليدية والمنتجات المصنوعة يدوياً، لذلك لا أرى لم علينا الانتظار حتى تقرر منصات مثل Etsy عرض هذه المنتجات للعالم إذا كان بوسعنا فعل ذلك بأنفسنا".