ما الخطوة التالية لخدمة تحويل الأموال في شركة كريم؟
لا تزال شركة كريم من أكبر النجاحات التي تحققت في منطقة الشرق الأوسط، فهي مصدر إلهام لمجموعة كبيرة من رواد الأعمال، وتعمل على تكوين واحدة من أكبر "مافيات" الشركات الناشئة في المنطقة. ومنذ أن استحوذت عليها شركة أوبر في عام 2019، اتسعت بؤرة تركيز شركة كريم ولم تعد خدمات التنقل هي محورها، بل أصبحت أحد التطبيقات الفائقة (super app)، وهي استراتيجية بدأت في تطبيقها في عام 2020 بخطة استثمارية بقيمة 50 مليون دولار.
وعند إطلاق تلك الاستراتيجية، أوضح مدثر شيخة، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة كريم، أن التطبيق الفائق للشركة يقدم ثلاث خدمات رئيسية، هي: "نقل الأشخاص، ونقل الأشياء، ونقل الأموال".
وقد وجَّهت الشركة مواردها نحو جانب الأموال، مما زاد من خدمات التكنولوجيا المالية التي تقدمها لتصبح لاعبًا جادًا في هذا القطاع. وقد تغلبت مؤخرًا على إحدى عقباتها الرئيسية، بفتح محفظتها المغلقة بعد حصولها على موافقة تنظيمية من البنك المركزي في الإمارات العربية المتحدة. ومنذ شهر نيسان/ أبريل من عام 2022، يستطيع مستخدمو المنصة إجراء المعاملات المالية بين الأشخاص من خلال محفظة Careem Pay الرقمية باستخدام رقم هاتف أو رمز QR شخصي أو رابط دفع، وكل ذلك مع إمكانية السحب النقدي.
تقول مديحة ستّار، نائبة رئيس Careem Pay: "يستخدم الناس المحفظة لأغراض غير تقليدية ويُبدعون في ذلك، فيستخدمها أولياء أمور الطلاب لتجميع أموال الأنشطة المدرسية، ويستخدمها الأشخاص الذين يتقاسمون الوجبات الغذائية أو يشتركون في الإيجار، ويستخدمها أصحاب العمل الحر ومقدمو الخدمات. وهذا المنتج من المنتجات التي سنستثمر فيها، فهو من المنتجات التي تجذب المستخدمين وتساعد على تكرار استخدام المنصة".
وقد اختبرت الشركة عددًا كبيرًا من خدمات Careem Pay على سائقيها، المعروفين أيضا باسم الكباتن، وأتاحت مؤخرًا إمكانية تحويل الأموال بين الإمارات العربية المتحدة وباكستان بالشراكة مع شركة "لولو للصرافة"، ومن المنتظر إضافة قنوات أخرى لتحويل الأموال.
تقول مديحة: "[الكباتن] جمهور كبير، والغالبية العظمى منهم باكستانيون، والتحويلات المالية مهمة جدًا لهم. وقد بدأنا ندفع للكباتن أجورهم في محافظ Careem Pay مباشرةً، ومن خلال محافظهم يمكنهم تسديد فواتيرهم وتحويل الأموال". ومن المرجح أن تكون الخطوة التالية في Careem Pay هي تقديم خدمات مالية أخرى لكباتن الشركة، مثل القروض المتناهية الصغر والتأمين على السيارات وسُلف المرتبات.
وإلى جانب تحويل الأموال، تقدم أيضًا شركة كريم خدمة تسديد الفواتير وتوصيل مواد البقالة وتأجير السيارات وغير ذلك من الخدمات، وتأمل الشركة أن تكون محفظة Careem Pay هي الوسيلة الرئيسية لدفع رسوم تلك الخدمات.
وقالت مديحة: "بمرور الوقت، إذا كنت تترك مبلغًا من المال في المحفظة، فمن المرجح أن تنفقه على منصة شركة كريم، وما زلنا نحتاج إلى تسليط الضوء على رسالة محفظة Careem Pay وتبسيط استخدامها وزيادة معدل استخدامها من خلال تحسين تجربة المستخدم".
ويُعدّ تكرار الاستخدام أمرًا بالغ الأهمية لنجاح التطبيقات الفائقة التي غالبًا ما تكون مدعومة بشبكات تواصل اجتماعي وخدمات اللوجستيات والمدفوعات. وما إن يكتسب التطبيق قدرًا كافيًا من الزخم ويقدم عددًا كافيًا من الخدمات، فإن خطوته التالية تتمثل في إدراج خدمات من أطراف أخرى في منصته، وإدخال تلك الخدمات في بيئته الحاضنة. فيُعدّ التطبيق الفائق وسيلة لتهيئة بيئة حاضنة داخل الإنترنت تُقدَّم من خلالها مجموعة متنوعة من الخدمات التي تعمل معًا بسلاسة من أجل راحة المستخدمين عن طريق تسجيل الدخول مرة واحدة وإنشاء ملف شخصي واحد. كما أن التطبيقات الفائقة، مثل التطبيقين الصينيين WeChat وAlipay والتطبيق الإندونيسي Gojek، تسمح لمستخدميها بالتواصل والاطلاع على المحتوى وطلب مواد البقالة والوجبات الغذائية، فضلاً عن تقديم طلبات الحصول على قروض عقارية وتحويل الأموال.
تقول مديحة: "عندما أطلقنا التطبيق الفائق، وجدنا أننا نتعلم بعض الدروس المهمة من اتخاذ التطبيقات الفائقة العالمية مقياسًا مرجعيًّا. وعادة ما تكون لتلك التطبيقات بعض عوامل الجذب المشتركة التي يتمثل بعضها في شبكة التواصل الاجتماعي والدردشة والمدفوعات. والمدفوعات هي الأقرب لخدماتنا من بين هذه العوامل الثلاثة. ويتطلب دعم المدفوعات أمورًا كثيرة، ابتداء من الإدماج في بوابات الدفع، وصولًا إلى الصفقات اللازمة للتفاوض على خفض الرسوم، وقبول الأموال النقدية، والمدفوعات الرقمية. ولأن لدينا سنوات من الخبرة والبنية التحتية اللازمة لتحصيل الرسوم، كان ذلك هو الأقرب إلينا من الدردشة أو التواصل الاجتماعي".
وهناك عميل من كل ثلاثة عملاء في الإمارات العربية المتحدة يدفع فاتورة واحدة على الأقل من فواتيره الشهرية من خلال Careem Pay، وتُستخدم المنصة لدفع فواتير وشحن رصيد بأكثر من 10 ملايين دولار شهريًّا. والمحفظة من أسرع قطاعات المنصة نموًا، بعد طلبات السيارات وتوصيل الطعام، وتسعى الشركة الآن إلى جعل تطبيقها الفائق أكثر ملاءمة وذا طابع شخصي أكبر في المستقبل القريب.
تقول مديحة: "نقوم في الوقت الحالي بتقسيم المستخدمين إلى شرائح، ولكن ذلك التقسيم ليس متطورا للغاية. فقد ترى عرضًا جديدًا لتوصيل الطعام مُقدَّمًا إلى شخص لم يستخدم تلك الخدمة من قبل، فنعمل على تقسيم المستخدمين إلى شرائح باستخدام ما لدينا من بيانات لتوفير تجربة تناسب احتياجات المستخدم".
ورغم أن دولة الإمارات لا تزال أكبر أسواق شركة كريم، خصوصًا لتطبيقها الفائق، فإن الشركة ستزيد من تركيزها على المملكة العربية السعودية حيث يجري تطبيق قوانين جديدة بشأن الخدمات المصرفية المفتوحة، وهذه القوانين "ستسهل على [الشركة] خفض تكاليفها"، على حد تعبير مديحة.
وأضافت مديحة: "علينا توخي الحيطة والحذر بشأن طريقة إنفاق مواردنا وأماكن إنفاقها. وسنبدأ بالمملكة العربية السعودية، وسنحاول تكرار النجاح الذي حققناه في دولة الإمارات. لقد تعلمنا مع Careem Pay أن الشراكات مهمة جدًا للخدمات المالية، وليس من السهل إقامة شراكات مع البنوك، فذلك يتطلب كثيرًا من الموارد والوقت والمشاركة الرفيعة المستوى".
وهذه هي قوة التفاوض والمساومة التي تعتمد عليها شركة كريم لجذب مزيد من مقدمي الخدمات إلى منصتها.
وذكرت مديحة: "لا نعتقد أن الجميع يجب أن يمروا بنفس المعاناة التي مررنا بها. فنريد استخدام ذلك لتمكين المجتمع، لقد تفاوضنا على أسعار مخفضة مع البوابات الإلكترونية، ويمكننا نقل بعض هذه المزايا إلى الآخرين".
ويتمثل أحد الانتقادات التي تُوجَّه في الغالب إلى التطبيقات الفائقة في خطر ممارساتها للاحتكار في مرحلة لاحقة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالوصول إلى الأسواق والعملاء، مما يصنع سياجًا دائريًّا يمنع الشركات الناشئة الأخرى من منافسة الشركات الموجودة على المنصة. وترد مديحة على ذلك بأنها تعتقد أن المنصة يمكن أن تفتح أبوابها للجميع.
وتقول: "ما الذي قد يضطر الجميع إلى بناء ذلك من الصفر –الخدمات اللوجستية والعناوين والمدفوعات– هذا شيء يمكن لشركة كريم تحقيق دخل منه، وحتى لو كنت تعمل خارج التطبيق الفائق، ينبغي أن تكون قادرًا على استخدام هذه الخدمات والاستفادة منها".