مؤسسة بناء مشروعات تساعد شركات التقنيات الزراعية التي ترأسها سيدات على التوسع خارج الصحراء
يقترب نصيب الإناث من القوى العاملة في القطاع الزراعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 30 %، وهو ما يجعل هذا القطاع من بين أكبر القطاعات التي توظف النساء في جميع أنحاء المنطقة.
أما داخل القطاع التقني، فتظل الفجوة التاريخية بين عدد المؤسسين من الذكور والإناث كبيرة إلى حدٍ ما، لكن قطاع التقنيات الزراعية تبين أنه من أعلى القطاعات الجاذبة للنساء المؤسِّسات، وتجدر الإشارة إلى أن تزايد اهتمام السيدات ببدء مشروعات ريادية في مجال التقنيات الزراعية هو السبب الجوهري لإطلاق دانا جلوبال Dana Global، وهو استوديو مشروعات يركز أنشطته على الشركات التي تملكها سيدات في مجال تقنيات الصحراء.
"في منطقتنا، شركة واحدة من بين سبع شركات في قطاع التقنية يضم فريقها التأسيسي سيدة، أما في قطاع التقنيات الزراعية فشركة واحدة من بين أربع شركات ترأسها سيدة واحدة على الأقل"، هذا ما قالته كايتي واشسبرجر (الشريكة المؤسسة وكبيرة مسؤولي العمليات COO في دانا جلوبال) وتضيف: "قطاعنا به كثير من السيدات اللاتي بدأن مشروعاتهن الخاصة، وهن سيدات يتمتعن بروح ريادية ويعملن في أدوار ثقافية واجتماعية قد تكون أكثر قبولًا أو يسهل الإبداع فيها ثم ينطلقن من هذه الأدوار ويؤسسن أعمالًا تجارية من واقع مجالات خبراتهن".
واشسبرجر، وزادة حج الرئيس التنفيذي CEO، وشيرلي شاهار كبيرة مسؤولي الاستراتيجيات CSO شاركن في تأسيس دانا جلوبال بهدف تسريع وتيرة تطوير شركات التقنيات الزراعية المستدامة التي يشارك في تأسيسها سيدات وتوسيع نطاق أعمالها.
الزراعة هي إحدى أقدم الصناعات في المنطقة، ومن أهم الدعائم في الاقتصاد سواءً من ناحية الاستهلاك الداخلي أو الصادرات، وتمثل 13% من إجمالي الناتج المحلي GDP في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومع تزايد الجفاف يستمر الناتج الزراعي في الانخفاض، وهو ما يضع الأمن الغذائي في المنطقة بأكملها في وضع حرج.
وترى واشسبرجر أن فكرة دانا هي وليدة حاجة ملحة إلى وجود شركات تقنية زراعية تستطيع مواجهة تحديات المناخ عن طريق حلول محلية تتناسب مع إطار المنطقة.
وتوضح: "إن البقعة العمياء الكبيرة التي تعانيها البيئة الريادية في المنطقة تتمثل في الحلول المحلية، ونحن لدينا رؤوس أموال في المنطقة تكفي لشراء التقنية من أي مكان أو تشجيع الشركات ذات الرؤى المتطورة وتحفيزها على الانتقال إلى الإمارات لتكون موطنًا لمقراتها الرئيسية، لكن في نهاية المطاف كثير من هذه الحلول لا تتعامل مع عوامل المناخ التي نحتاج إلى معالجتها هنا في الصحراء بأسلوب مناسب، سواءً فيما يخص ندرة المياه أو ارتفاع مستويات الرطوبة أو المناطق القاحلة".
تسعى دانا إلى معالجة هذه "البقعة العمياء" عن طريق توفير استوديو مشروعات يلتزم بدعم الشركات في مراحل ما قبل البذرة والبذرة وصولًا إلى التسويق وجمع التمويل، وأخيرًا مساعدة مؤسسات رأس المال المخاطر على إيجاد شركات ناشئة جاهزة للاستثمار، وتقول: "أطلقنا نشاطنا في البداية بصفتنا مسرعة أعمال ثم سرعان ما أدركنا عدم جدوى ذلك لأن المؤسسين في منطقتنا يحتاجون إلى مزيد من المشاركة العملية، وليس تقديم مناهج تعليمية فقط، فهم يحتاجون إلى ما هو أكثر من مجرد الخبرة أو الأدوات التي تُقدَّم لهم، فهم في حاجة إلى شركاء في التسويق وشراكات في تصميم الشركات وهو أمر في غاية في الأهمية، وبصفتنا مساهمين، فإن نجاحنا يعتمد الآن على نجاح الشركات التي نستثمر فيها".
نجح قطاع التقنيات الزراعية في اكتساب زخم في البيئة الحاضنة في المنطقة، وهو ما ينعكس في عدد الشركات الناشئة التي تظهر في هذا المجال، إضافةً إلى النمو النسبي في التمويل الموجه إلى شركات التقنيات الزراعية.
وفقًا لمختبر أبحاث ومضة، حصلت الشركات الناشئة في مجال التقنيات الزراعية على تمويل قيمته 203 مليون دولار أمريكي في 2022 حتى الآن، ويعود الفضل في ذلك إلى الشركة الإماراتية بيور هارفست Pure Harvest التي حصدت جولة تمويلية بقيمة 180 مليون دولار، والشركة السعودية ريد سي فرامز Red Sea Farms التي حصلت على تمويل قيمته 18.5 مليون دولار في أبريل الماضي، وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي المبالغ المستثمرة في هذا المجال ارتفعت بنسبة 38% مقارنةً بعام 2021، لكن مدى التقدم في القطاع لا يزال ضئيلًا بسبب المتاهة التنظيمية واهتمام المستثمرين المحدود.
تتوقع واشسبرجر احتمال زيادة التمويل المقدم من مؤسسات رأس المال المخاطر لشركات التقنيات الزراعية بسبب الجائحة وما نتج عنها من وعي متزايد تجاه عدم كفاية الإمدادات الغذائية، وهي مسألة تفاقمت بسبب الاضطرابات في سلاسل التوريد.
وتقول: "دفعت الجائحة دول مجلس التعاون الخليجي إلى حالة من الذعر، مع توفر مستوى معين من تفهم أهمية حل قضية الأمن الغذائي عن طريق التقنية وسلاسل التوريد والاستثمار، وبعد أن أصبحت أزمة المناخ حقيقة سنضطر جميعًا إلى التعامل معها يوميًّا، سنرى رؤوس الأموال تتحرك من عالم التقنيات المالية والعملات الرقمية والبرمجيات الذي يتميز بطابع غير ملموس إلى حدٍ ما إلى عالم آخر له طابع ملموس، وهو الاستثمار فيما هو ضروري للبقاء، والتقنية لها دور رائد في ذلك سواء في الزراعة الداخلية أو الزراعة المتجددة أو استصلاح الأراضي التي تعرضت للتصحر".
يتميز قطاع التقنيات الزراعية بإمكانية تقسيمه إلى قطاعات متعددة، وتستهدف دانا الشركات التي تدعم الاقتصاد الدائري وتعمل في مجالات متعددة، مثل تقنيات المياه وتقنيات الغذاء والتقنيات النظيفة.
عملت دانا حتى الآن مع سبع شركات من الإمارات وإسرائيل وفلسطين والمغرب والمملكة العربية السعودية، وبحسب ما ذكرته الشركة فهي تتسلم 10 طلبات من الشركات الناشئة كل شهر.
ومن أمثلة الشركات التي عملت معها دانا: ذا فوود إنجينير The Food Engineer، وهي شركة مغربية تعمل في تطوير أنظمة الزراعة الهوائية، وداتيس Datys وهي شركة ناشئة إسرائيلية تحول مخلفات شراب فاكهة التمر إلى مواد حافظة طبيعية للشركات المتخصصة في التعاملات فيما بين المؤسسات التجارية B2B، وإكو بريكس Eco Bricks، وهي شركة ناشئة فلسطينية تعمل في مواجهة تحديات إدارة المخلفات في الصناعة الحجرية في فلسطين عن طريق تطوير حل لاستخراج الرواسب الطينية من الطوب للحصول على مستوى عزل أعلى.