كيف تستفيد الأسواق الناشئة الجديدة من الخبرات الاستثمارية للشركات الصينية؟
بقلم جيسيكا وونغ المؤسس والشريك الإداري في "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال"
على مدى العقد الماضي، أتاحت التطورات التقنية طرقًا جديدة في مجالات الاتصالات والاستثمار والتجارة الإلكترونية والتقنيات المالية، وما إلى ذلك، ما أحدث ثورة هائلة في سبل تعامل البشر فيما بينهم. هذه التوجهات تؤثر في الحراك الاقتصادي العالمي وتساهم في تحوّل التركيز نحو الأسواق الناشئة بدلاً من القوى الاقتصادية التقليدية الأمريكية والأوروبية، في حين تتمثل توجهات النمو المستقبلية للمؤسسات ورواد الأعمال في الربط بين الاحتياجات المطلوبة والفرص السانحة ومَواطن القوة الكامنة في هذه الأسواق الجديدة. ومن هنا فقد تبلورت رؤية شركة "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال"، الخاصة ببناء منظومة رقمية محلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بدافع من شراكتها مع الشركات الصينية الرائدة في السوق، وتزويدها ببابة للعبور إلى المنطقة وتأسيس حضور راسخ فيها.
ونظرًا لأن الصين ظلّت على مدى العقدين الماضيين قوة دافعة كبيرة للاقتصاد العالمي، فقد تحوّلت من الإنتاج إلى تقديم الخدمات الراقية، وذلك في رحلة تقدّم دروسًا تستفيد منها الأسواق الجديدة التي تنطوي بدورها على فرص واعدة للشركات الصينية وشركات جنوب شرق آسيا من أجل تحقيق النمو وانتهاز فرص التوسّع في الأسواق الخارجية.
عندما نفكر في أسواق الشرق الأوسط، سرعان ما تتبادر إلى الذهن الموارد النفطية الغنية. ولكن نظرًا لأن مصير هذه الموارد آيل إلى النضوب، فإنه ينبغي لهذه الأسواق البدء في تطوير قطاعات الطاقة المتجددة استعدادًا للتحول المستقبلي المنتظر، وهذا من شأنه خلق فجوة يمكن للشركات الخبيرة من الصين وجنوب شرق آسيا سدّها بسرعة. إن هذه الأسواق قادرة على تحقيق التكافل بدل التنافس، وتأسيس علاقات جديدة تعود بالمنفعة المشتركة، التي يتفهم فيها الجميع، سواء من الشركات الخبيرة أو الأسواق الناشئة، احتياجاته.
إن رؤية المملكة 2030 تتيح منصة مثالية لبناء بيئة رقمية مستدامة وفعّالة، وتسهيل التطوّر السريع للاقتصاد الرقمي في المملكة والمنطقة برمّتها. ومن شأن المبادئ التي تقوم عليها هذه الرؤية تحقيق التميّز التشغيلي الحكومي، وتحسين عوامل التمكين الاقتصادية، وتحسين مستويات المعيشة من خلال تنفيذ البنية التحتية الرقمية وتطويرها.
ومن شأن الافتقار إلى منصة تتوافق مع الاحتياجات والتوقعات أن يشكّل حجر عَثرة في طريق التحالفات الاستراتيجية بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من جهة وجنوب شرق آسيا من الجهة المقابلة؛ فالمشهد الاستثماري في الصين يظلّ غير مألوف للشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يفرض الحاجة إلى "جسر مباشر" مبنيّة قواعده على الثقة، وبالمثل، فقد ترى الصين ودول جنوب شرق آسيا فرصًا سانحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما تظلّ عاجزة عن إيجاد "منصة هبوط" مناسبة تصل عبرها إلى المنطقة.
إن الشركات المؤثرة في مجال الاستثمارات الخاصة، والتي تتمتع بصِلات قوية في الصين بالإضافة إلى سِجلّ حافل في المملكة العربية السعودية، كفيل بأن يعمل على جسر تلك الفجوة. وتُعدّ شركة "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال"، صندوق المشاريع الاستثمارية الرائد في مجال استثمارات مرحلة النمو، من أبرز تلك الشركات، ولها حضور قويّ في المملكة والصين من خلال مكاتب في كل من بكين والرياض، كما أن لديها استراتيجية استثمارية أساسية لنقل أحدث نماذج الأعمال والتقنيات التي أثبتت جدواها من الصين وآسيا لسدّ فجوة واضحة في سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إن تركيز "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال" منصبّ على قطاعات البنية التحتية الرقمية والتقنيات والمنصات الأساسية والخدمات الاستهلاكية والمؤسسية. وهي مدعومة بخبراء مختصين لديهم صِلات وثيقة بكبرى شركات التقنية العالمية في آسيا، ولا سيما في الصين. وباعتبارها شركة الصناديق الاستثمارية الصينية الوحيدة التي تأسست في المملكة العربية السعودية، وبوجود موظفين على الأرض يُكسبونها رؤى متعمقة قيّمة، فهي مهيّأة لمدّ تلك الجسور المنشودة بين الصين والمملكة، فضلاً عن الأسواق الناشئة الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كذلك فإن خبرتها المكتسبة من العمل في المملكة تساعدها على حلّ المشكلات التي تواجه توطين المنتجات والخدمات.
ونظرًا لكونها شركة حديثة العهد نسبيًا في السوق، فإنها تقدّم الكثير من الخيارات الاستثمارية المرنة، التي تتراوح بين رأس المال الاستثماري والأسهم الخاصة والمشاريع الاستثمارية المشتركة، علاوة على الاستراتيجيات الاستثمارية التي تساعد الشركات على فتح آفاق جديدة.
لقد أطلقت "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال" أول صندوق استثماري (الصندوق الأول) في العام 2019، بدعم من صندوق الثروة السيادية وصندوق الاستثمارات العامّة في المملكة، و"إي دبليو تي بي كابيتال" (مجموعة "علي بابا" ومجموعة "آنت فاينانس"). وفي غضون مدة قصيرة، استثمر هذا الصندوق، البالغة قيمته 400 مليون دولار، في 16 شركة على امتداد البنية التحتية الرقمية، والتقنيات والمنصات الأساسية، والخدمات الاستهلاكية والمؤسسية التي تشمل خدمات المؤسسات والخدمات السحابية والأمن السيبراني والتقنيات المالية وسلاسل التوريد العالمية والتجزئة الاستهلاكية والتجارة الإلكترونية والخدمات اللوجستية والترفيه الرقمي، وغيرها، وهي المجالات التي يجب أن تعمل وتنسجم معًا وتبني منظومة رقمية فريدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وثمّة حاليًا 13 شركة تنشط وتنمو في أسواق المنطقة من أصل الشركات الست عشرة التي استثمر فيها الصندوق، بينها استثمارات مشتركة مع "علي كلاود" ومجموعة الاتصالات السعودية، تمخضت عن تأسيس الشركة السعودية للحوسبة السحابية وشركة "جيه آند تي إكسبرس" للخدمات اللوجستية.
وفي فبراير 2022، شاركت "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال" أيضًا في استثمار عالمي في شركة Y.O.U. الخاصة بمنتجات التجميل، والتي لديها أكثر من 40,000 منفذ بيع في إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلاند. كذلك، وضمن مساعيها للحصول على التمويل لتعزيز قدرتها على الدخول إلى أسواق جديدة بينها الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، استفادت Y.O.U. من خبرة "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال" في مجال سلاسل التوريد وتطوير القنوات والتجارة الإلكترونية لإحراز تقدّم في جهودها الرامية إلى ترسيخ مكانة مرموقة لها في جنوب شرق آسيا.
إن "إي دبليو تي بي أريبيا كابيتال" تولي إقامة علاقات شراكة استراتيجية أهمية أكبر على حساب البحث عن الربح المادي وحده. كما أنها مستعدّة لوضع خطط طويلة الأجل وإتاحة خبراتها للمؤسسات في سنغافورة، باعتبارها العاصمة المالية لجنوب شرق آسيا، فضلًا عن الدول المحيطة بها.
وفي تطلعها نحو المستقبل، تبحث الشركة أيضًا عن إبرام علاقات شراكة استراتيجية في مناطق أوسع في آسيا المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا، تعزيزًا لنمو المنظومة الرقمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وفي هذا السياق، تعتزم الشركة إطلاق صندوق استثمارات ثانٍ للسماح لمزيد من الشراكات المنظورة بالانضمام إلى قوّة التغيير الفريدة هذه.