هل توجد فرصة لنجاح المطابخ السحابية في مصر؟
إن الازدهار السريع الذي يشهده قطاع المطابخ السحابية في الإمارات بدأ في الانتشار ووصل إلى أجزاء أخرى في الشرق الأوسط، حيث ظهرت مطابخ سحابية جديدة في أنحاء المنطقة بجانب الشركات الناشئة التي تقدم حلولًا تقنية لهذه المطابخ القائمة على توصيل الطلبات فقط على أمل تحقيق نفس النجاح الذي حققته شركات ناشئة مثل Ikcon في دبي والتي استحوذت عليها Reef Technologies، وشركة Kitopi التي حصلت على تمويل بقيمة 415 مليون دولار أمريكي في جولة تمويلية بقيادة Softbank.
في مصر حيث تسيطر شركتا Talabat وElmenus على المشهد في قطاع توصيل الطعام، تُعد المطابخ السحابية أحدث إضافة إلى قطاع تقنيات الطعام، إلا أن وتيرة النمو تسير بخطوات بطيئة إلى حدٍ ما يثقلها انعدام الوعي وانخفاض نسب انتشار طلب الطعام على الإنترنت.
شركة Food Nation هي الشركة الرائدة في مصر، أطلقت نشاطها في القاهرة في عام 2020 وأسست أول مطبخ سحابي لها يستوعب 35 علامة تجارية مختلفة. الشركة تعمل بدعم من Tivoli Dome وهي قاعة طعام في منطقة مصر الجديدة، وتقدم الشركة مساحات مطابخ ذكية مصممة خصيصًا للمطاعم القائمة على توصيل الطلبات فقط. تخطط الشركة تأسيس أكبر مطبخ سحابي في الدولة ومن المتوقع أن يضم أكثر من 41 مطبخًا.
وفقًا لما قاله أحمد النجار مدير المشروعات في Food Nation، تهدف الخطوة إلى زيادة الوعي وتشجيع مزيد من المطاعم على تحويل نشاطها إلى هذا النموذج الذي ينمو يومًا بعد يوم.
ويضيف: "تأتي هذه الخطوة بالتزامن مع التوجهات العالمية التي تؤثر على أعمال المطاعم، فقد أصبحت المطابخ السحابية هي القاعدة في العالم في قطاع الطعام والمشروبات بسبب تكلفتها وكفاءة تشغيلها. هذا هو مستقبل أعمال المطاعم في الخارج وفي مصر أيضًا، لكن على عكس الأسواق العالمية، نحن هنا نعاني من عدم وجود وعي بالمطابخ السحابية".
في محاولة لمساعدة مطابخها الافتراضية ودعم انتشار علامتها التجارية، تقدم الشركة خدمات تناول الطعام في إحدى مواقعها. ويوضح النجار قائلًا: "إن وجود أماكن لتناول الطعام ملحقة بالمطابخ السحابية سيلعب دورًا في بناء ثقة العميل في هذه العلامات التجارية الافتراضية مما سيؤدي إلى دعم تبني فكرة المطابخ السحابية".
إجمالًا، إن اهتمام رواد الأعمال المتزايد بالدخول إلى قطاع المطابخ السحابية نابع من الحاجة الملحة إلى تقديم حل بإمكانه مساعدة المطاعم على التعافي من تداعيات الجائحة في الدولة. ولذلك، يتبني أغلب مشغلي المطابخ السحابية في مصر نموذج "المطبخ كخدمة" KaaS وتوفير مساحات مؤجرة للعلامات التجارية والمطاعم.
مصطفى وهدان الشريك المؤسس في Chef House وهو مطبخ سحابي يعمل بنموذج المطبخ كخدمة KaaS والمسؤول عن تشغيل مجموعة من المطاعم الافتراضية يقول إن السبب الرئيسي وراء بدء عمله التجاري هو رغبته في مساعدة المطاعم على الاستمرار في العمل وتمكينها من التوسع في خدمات التوصيل والتوسع إلى مناطق جديدة.
يضيف وهدان: "تفشل 60% من المطاعم في العام الأول من التشغيل، وتغلق 80% من المطاعم أبوابها إلى أجل غير مسمى بعد مرور 5 سنوات على عملها. تكافح المطاعم من أجل الاستمرار وكثير منها يخسر ملايين الجنيهات (المصرية) كل عام. بدأنا هذه الشركة بغرض مساعدة أصحاب الأعمال التجارية على إعادة إحياء علاماتهم التجارية وبناء خندق في هذا السوق الذي تسيطر عليه استراتيجية المحيط الأحمر".
لقد ثبُت أن المطابخ السحابية تقدم حلًا مجديًا من الناحية الاقتصادية للكثير من المطاعم التي تسعى إلى التوسع الجغرافي دون الحاجة إلى بناء أماكن فعلية، إلا أن النموذج الذي يعتمد على توصيل الطلبات فقط يواجه مجموعة من التحديات أيضًا. فينبغي لمشغلي المطاعم إنفاق مبالغ طائلة على الاستراتيجيات التسويقية للحصول على العملاء، وهو ما يؤدي إلى عدم قدرة كثير من المطاعم الصغيرة على التحول إلى هذا النموذج، أو الاعتماد على المطابخ السحابية فقط بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف التسويق.
توصيل الطعام عبر الإنترنت
الوضع الأمثل هو أن تكون المطابخ السحابية مبنية حول تجربة التوصيل عبر الإنترنت، لكن ليس ضروريًا أن يكون هذا هو الحال في مصر حيث تتم أغلب طلبات توصيل الطعام عبر الهاتف بدلًا من الإنترنت. ولذلك، يتجه مشغلو المطابخ السحابية إلى تلبية احتياجات المستخدمين على الإنترنت وخارجه.
يقول وهدان: "توصيل الطعام عبر الإنترنت لا يزال في بداياته وليس من المتوقع أن يقفز قفزات كبيرة، على الأقل على المدى القصير، فالمستهلك المصري لم يتعود بعد على هذه الطريقة لعمل طلباته. نحن اخترنا تطبيق (استراتيجية) عبر الإنترنت في البداية لتكون إجراءات التشغيل جاهزة للعمل، فأنا شخصيًا لا يعنيني إن كان الطلب يتم على الإنترنت أو خارجه، سأذهب إلى العملاء أينما كانوا".
كون المبيعات على الإنترنت تمثل قرابة 6% من إجمالي مبيعات الطعام والمشروبات هو السبب في أن سوق المطابخ السحابية لا يزال يُعتبر في مرحلة مبكرة مع ضعف نشاط مؤسسات رأس المال المغامر. في الشهر الماضي، حصلت شركة Takery المصرية العاملة في مجال "تشغيل المراكز السحابية" على تمويل جولة ما قبل البذرة، مع وجود خطط لتأمين الحصول على مبلغ يصل إلى 3 مليون دولار في 2022. بعد هذه الجولة التمويلية، سيصبح Takery أول مشغل مطابخ سحابية في الدولة يحصل على تمويل رأس مال مغامر.
وفي نهاية المطاف، عندما تصبح المطابخ السحابية أكثر انتشارًا، سوف يتحول عدد أكبر من العملاء والأعمال التجارية إلى طلب الطعام عبر الإنترنت خصوصًا وأن معظم الشركات الناشئة التي تعمل بنموذج المطبخ كخدمة KaaS تقدم لعملاء مطاعمها فرصة التعاون مع منصات توصيل الطعام مثل Elmenus وTalabat.
أما مايكل أسعد مؤسس Toro للمطابخ السحابية يرى أن سبب تأخر المطابخ السحابية عن القطاعات الأخرى من حيث الشهرة هو انخفاض مستوى اللوجستيات في قطاع توصيل الطعام عن المستوى المطلوب.
ويقول: "عندما تصبح لوجستيات التوصيل أسرع وأكثر كفاءة، وقتها سيتغير فعلًا مسار اللعبة. تظل مرحلة التوصيل والتعبئة مرحلة تشوبها المشكلات للأعمال التجارية التي ترتكز على التوصيل، فالكثير من الأطعمة يصعب نقلها مما يؤدي إلى مرور الزبائن بتجربة محبطة".
كلما زادت توقعات العملاء، أصبحت النماذج التقليدية لخدمات التوصيل بحسب الطلب الموجودة حاليًا غير كافية وغير ملائمة للوفاء بالطلبات المتزايدة.
يضيف أسعد: "السوق يتباهى بوجود كثير من الأطراف الفاعلة في توصيل الطعام، لكن يجب علينا ابتكار نموذج بديل خاص بتوصيل الطعام والمطابخ السحابية أسرع وأكثر كفاءة".
إذا ما نظرنا إلى المستقبل سوف يخرج لنا سوق المطابخ السحابية بمزيد من الأطراف الفاعلة مع زيادة الطلب، وستزداد فرص إطلاق المطاعم الافتراضية وتفشل بسرعة. إن الاستثمارات المستمرة في الابتكارات التي ترتكز على العملاء ضرورية لضمان تحقيق نمو مستدام في هذا السوق في المستقبل.