الصين .. المحطة القادمة لرواد الأعمال في الشرق الأوسط
بقلم: كيث جيه. فرنانديز لمبادرة حوار الشرق الأوسط
يتطلع محمد علي المدفعي بحماس شديد إلي فرصة السوق الصينية الواعدة، ويأمل رائد الأعمال الإماراتي أن تحوز منتجاته من القهوة المحمصة على إعجاب العملاء الصينيين.
يقول المدفعي "من الواضح أن الصينيين لديهم طقوس وعادات مفضلة في احتساء القهوة مشابهة لعاداتنا، وسوف نسعى لإثراء هذه الطقوس ومزجها بما لدينا من عادات وتقاليد. ولقد شجعنا الشباب الصينيين على الإقدام على تلك الخطوة حيث أنهم يفضلون احتساء القهوة مخلوطة بالشاي ولا مانع لديهم من تجربة واستكشاف كل ما هو جديد. وهذا من شأنه أن يفتح آفاقاً عديدة لفرص جديدة وواعدة، بعدما أصبحنا على دراية بالشريحة المستهدفة من العملاء وحجم السوق التي يمكننا العمل فيها.”
وقد تم تدشين شركة البن الإماراتية في 2018 بهدف استيراد البن من أكثر من 40 دولة، ثم تأتي مرحلة تحميصها بجودة عالية، إلى أن تنتهي الشركة بتسويقها على أكثر من 250 مقهى في العديد من بلدان المنطقة. وتتنوع منتجات الشركة ما بين حبوب القهوة التقليدية والعضوية، بالإضافة إلى القهوة سريعة التحضير وكبسولات القهوة ويأتي هذا التنوع في إطار سعي الشركة لتلبية احتياجات عملائها من الأفراد والشركات. وتعمل شركة البن الإماراتية في المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تحت أسماء تجارية عدة مثل نو ويير و هاي سترييت. ويقول المدفعي "لقد حققت الشركة نمواً هائلاً نسبته 300% بفضل الموقع الإلكتروني الجديد والذي تم إطلاقه في مارس الماضي خلال أشهر ذروة جائحة فيروس كورونا.
ويصوب المدفعي حالياً جل اهتماماته صوب الصين، فوفقا لما ذكرته المنظمة الدولية للبن فقد ارتفع معدل الاستهلاك السنوي للبن بمتوسط 16% سنوياً على مدار العقد المنصرم، ومن المتوقع أن تصل حجم وقيمة تجارة البن 42.3 مليار دولار خلال هذا العام على المستوى العالمي.
وأضاف قائلاً: "نتبادل الآراء ووجهات النظر مع الصينيين، فنحن حريصون على التوسع في الصين بنفس الآلية والكيفية التي نتبعها هنا، ونثق بقدرتنا على تحقيق نجاحات كبيرة في السوق الصينية."
يشق المدفعي - وغيره من رجال الأعمال - طريقهم في الوصول إلى المستهلكين الصينيين بمساعدة شركة "هلا الصين.” تلك الشركة التي أنشئت منذ عامين بهدف مساعدة المؤسسات الإقليمية في مد جسور العلاقات التجارية والثقافية مع نظرائهم الصينيين. وقد نظمت الشركة معرضاً تجارياً افتراضياً مبتكراً بين الإمارات والصين، في صيف 2020. ولقد كان من بين أبرز ما تم عرضه في هذا المعرض هي إمكانية وصول المشاركين إلى منصة مجانية للتقنيات ثلاثية الأبعاد لعرض منتجاتهم للجمهور بجودة رؤية بانورامية تجعلهم يشعرون وكأنهم على أرض الواقع.
يقول الشيخ ماجد المعلا، رئيس مجلس إدارة شركة هلا الصين "يحب المستهلكون الصينيون المنتجات التراثية المميزة في المنطقة العربية والإسلامية مثل البهارات - مثل الزعفران الذي يحظى بشعبية خاصة - وكذلك السجاد والعباءات والخيول العربية الأصيلة، إن الوصول إلى المستهلك الصيني له أبعاد عديدة أخرى تتخطي مسألة المنتجات. نتعامل مع سوق جديدة ولا تزال أمامنا الكثير من الجهود التي يجب أن نبذلها لنشر الوعي والتعريف بقيمة هذه المنتجات "العربية.” ويضيف "ما زلنا نتعلم كيفية تطوير وتعديل منتجاتنا لتناسب بيئة المستهلك الصيني."
وينظر الكثيرون إلى الصين على أنها دولة مصدرة تغزو جميع الأسواق، إلا أنها لا تزال أيضاً محط أنظار لكبرى شركات العالم. وقد احتلت الصين في 2018 المرتبة الثانية في تصنيف الدول المستوردة للسلع الاستهلاكية على مستوي العالم، حيث بلغت قيمة فاتورة استيرادها الإجمالية في هذا العام 1.6 تريليون دولار .
تحدي الوصول إلى المستهلك الصيني
على الرغم من كل الاضطرابات والتغييرات التجارية التي حدثت مؤخراً بالنسبة للصين ولكنها تبقى في صدارة القائمة العالمية للمستوردين لأنها سوق ضخم وهام للغاية.
يقول الشيخ ماجد: "لقد أحدثت تبعات جائحة كورونا طفرة هائلة في سوق التجارة الإلكترونية، حيث استحوذت بعض المجالات على اهتمام السوق وكانت في الصدارة مثل مجال التجارة الإلكترونية والزراعة الحديثة والسيارات والتجارة الإلكترونية عبر الحدود هذا الي جانب الشحن الجوي.”
ويؤكد الشيخ ماجد على أهمية وضع خطة طويلة الأجل ووجود رؤية واضحة لرجال الأعمال الذين يطمحون في الوصول إلى العملاء المستهدفين في الصين، ويرى أنه ينبغي أن يتمحور اهتمامنا حول دراسة وفهم التقاليد الصينية وانعكاس ذلك على مجال الأعمال التجارية من خلال معرفة الفوارق الدقيقة بين الشعب الصيني وغيره من الشعوب حيث ينظر الصينيون عادة إلى الأسواق الدولية في الغالب على أنها "سوق أجنبية" وغريبة عنهم وعن ثقافتهم. وقد يكون المنتج الذي حقق نجاحاً في أسواق أخرى غير قابل للتطبيق والنجاح في الصين بسبب اختلاف الثقافات، وذلك لأن كل سوق يتطلب منتجات مصممة خصيصاً لتلبية احتياجاته ومتطلباته."
أهم القطاعات في أسواقنا لشركات الاستثمار الصينية
على الجانب الآخر، فلقد جذبت الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط اهتمام أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين الصينين. وذلك في ظل نمو أعداد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط بنسبة وصلت إلى 60%، أي أكثر من 150 مليون مستخدم، مما أدى إلى تزايد الطلب على التجارة الإلكترونية والترفيه والتسلية والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والدفع الإلكتروني.
ويؤكد الشيخ ماجد "خلال العامين الماضيين، بدأت العديد من الشركات الصينية وكذلك الأفراد في التحول بشكل كبير إلى الاستثمار في أسواق الشرق الأوسط، آخذين في الاعتبار ما تقوم به الحكومة الصينية من جهود جبارة من أجل استكمال تنفيذ مشروع طريق الحرير. هذا كله إلى جانب الاهتمام المتزايد بالبنية التحتية والاستثمارات العقارية في جميع أرجاء المنطقة. ويرجع الدور الرئيسي والفاعل في عملية التحول الضخمة هذه إلى الاهتمام الصيني بالخارج بسبب ما خلفته جائحة كورونا من تبعات."
وختم قائلاً: عند وضع كل ما سبق في عين الاعتبار، فمن المهم العمل بشكل استراتيجي واستباقي في المناطق المتوقع أن تشهد تغييرات وتحولات سريعة.