فشلت وهذه حقيقتي ...
يبدو أن الفشل في عالم ريادة الأعمال خطوة لا مفر منها؛ حيث ينتهي مآل تسع مشروعات ريادة أعمال من أصل عشر مشروعات إلى الفشل. إنه درسٌ قاسٍ بالنسبة للكثير من روّاد الأعمال، ولكنه ضروري، وكم هو رحلة عصيبة يمرون بها! في هذا المقال يحكي أحد رواد الأعمال في الإمارات العربية المتحدة (يرغب في إخفاء هويته) عن الصعوبات التي واجهها عندما فشل مشروعه.
يبدو الأمر وكأنه إحدى جلسات مدمني الكحول المجهولين، فكل من هنا يعاني من إدمانٍ ما، ولكنه إدمان بعيد عن المخدرات أو الكحول ... إنه إدمان الشعور الدائم بالقدرة على بناء شيءٍ أفضل من أحدهم.
"مرحبًا! أنا داميان ... رائد أعمال".
لكلٍ منّا إدمانه الخاص، ربما الذكاء الاصطناعي، أو التكنولوجيا المالية، أو تكنولوجيا التعليم ... الخيارات لا نهاية لها. كلنا نهوى فيه بدون أدنى تفكير، باختصار لأن عالم ريادة الأعمال له سمعته وأبهته.
نظن أننا سنتحوّل إلى مليونيرات على الفور! رؤساء أنفسنا! أصحاب نفوذٍ لا يُضاهى!
لم يخبرني أحد الحقيقة قبل أن يبدأ كل هذا. لذا، لكل روّاد الأعمال الملهمين بالخارج ... هذه حقيقتي إليكم! لا تروا الأمر وكأني أضع عائقًا أمامكم، بل أرسم لكم خارطة طريقة تجعل منكم مبتكرين ... مبدعين ... روّاد أعمال.
بدأت قصتي منذ أربع سنوات، حينها لم أكد أطيق عالم الشركات، وغمرني شعورٌ بقدرتي على تحقيق شيءٍ ما وحدي.
ولذا، خضت الغمار!
تركت وظيفة مرتفعة الأجر من أجل أن يصبح دخلي صفرًا. قبل أن تخوض الغمار، عليك أن تستعد لعالمٍ دائمٍ من التذبذب المالي؛ حيث لا تعرف متى ستحصل على المال من جديد، وهل سيغطي احتياجاتك الأساسية أم لا، وكل ما يتعلّق بذلك من صعوبات.
كنت قد اعتدت على مرتبي المضمون من الشركة؛ وإذ فجأة يتحوّل توقعك الدائم على الحصول على رسالةٍ يوم الخامس والعشرين من كل شهر يخبرك البنك فيها أن راتبك قد أودع إلى حوارٍ كابوسي مع شركائك المؤسسين/موظفينك بشأن عدم قدرتك على سداد رواتبهم ذلك الشهر (أو التالي حتى).
اعتاد مستشارنا الأول على أن يسأل موظفينا المحتملين سؤالًا واحدًا: "هل لديكم ما يغطي احتياجاتكم المادية لمدة عام على الأقل؟" فإذا كانت الإجابة لا، تكون تلك نهاية حوارنا. نصيحة غالية ... فهمتها متأخرًا!
بدأت أرى أصدقائي يستمتعون بحياتهم، فيما قضيت حياتي كراهب ... أضطر لرفض أشياءٍ كثيرة. ستبحث كثيرًا كثيرًا لتعرف من صديقك الحقيقي ... بل وحبك الحقيقي أحيانًا (قد أكون مبتذلًا – أعرف هذا – ولكن الأمر حقيقي فعلًا).
لكي تصبح رائد أعمال حقيقي، عليك أن تهم بقراءة والاشتراك في مدوّنات على موقع ميديام ومقالات عن عالم ريادة الأعمال والتكنولوجيا. لا يتحدث أحد روّاد الأعمال في أي من تلك المقالات عن الفشل وما يفعله بسلامتك النفسية. أقول لكم أني خضت غمار مشروعي بالحماس ذاته ... مثل بقيتكم تمامًا! نعرف أننا نبني شيئًا عظيمًا! حتى أننا بدأنا نحصل على جوائز، وكم كانت البروباجاندا عظيمة! ولكن لا شيء هناك يجعلك مستعدًا لأول فشل، ولا لسلسلة الفشل التي تليها!
قرأت ذلك المنشور على موقع ميديام يتكلّم عن حالة اليأس التي تصيب رائد الأعمال. ولكنك تظن أنك لن يصيبك ما أصابه، مثل أي شيءٍ آخر في الحياة! أسطر لكم هذه الكلمات وفي يدي الأخرى روشتة للقلق والاكتئاب. هذا حقيقي! وكل ما ستعرضون أنفسكم له حقيقي جدًا! إنها حياة الراهب! حياة رفض كل شيء! حياة الحرمان من كل شيء! حياة تأخذ منك ومن صحتك. هناك آثارٌ جانبية لريادة الأعمال؛ فبعضهم يعاني من أرقٍ لا ينام، والآخر من شهيةٍ لا تُفتح، وآخرون يعذبهم التعجّل، وهلم جرًا.
خطيئتي الكبرى أنني شخصنت كل شيء وأخطأت النظر إلى النجاح! ولكن، ما النجاح؟ أتعرفون، سألنا أحدهم في أول يومٍ لمشروعنا عن كيف سيكون آخر يومٍ لمشروعنا! لم نكن قد بدأنا بعد ويسألنا الناس عن كيفية إغلاقنا! هل أخبركم أحدهم صراحةً في السلسلة الأولى أن النجاح عبارة عن جمع الملايين؟ ماذا عن الخروج إلى شركةٍ في الغرب؟ نحن نعرف بوضوح ماذا يرى الإعلام، ولكن ماذا عن نجاحكم أنتم؟ عليكم أن تعرّفوا نجاحكم. يذكّرني هذا بقول: "الملياردير ليس ذلك الشخص الذي يمتلك مليار دولار، بل الشخص الذي غيّر مليار حياة". كنّا نعرّف أننا نمتلك القدرة على ذلك، ولكننا لم نضع خارطة طريق على المدى البعيد.
لا يغرنّكم عميلكم الأول، أو ذلك العميل الذي يأتي لكم للمرة الثانية. ركّزوا على الآراء السلبية؛ لأن من يكتبها يؤمن بمنتجكم للدرجة أن كلّف نفسه واكترث لأنه يريد المنتج أفضل. عندما تهمّون بالتركيز على أنفسكم، وانتصاراتكم، ومنتجكم، وعندما ينعكس هذا على الباقي، حينها سيكون كل شيء على ما يُرام. اعلموا أمرًا واحدًا؛ إن نجاحكم لا يقوم على نجاح شركتكم. وإذا فشلت شركتكم، فهذا لا يعني أنكم فشلتم أو أنكم فاشلون! لقد جرّبتم شيئًا لم يقدر عليه ملايين آخرون. ربما لا ترون الأمر كما أراه الآن (حتى أنا لا أراه أحيانًا)، ولكنكم سترونه حتمًا.
لذا، هناك اتجاهان لهذه القصة: إيجابي وسلبي. أحدهم يوحي بأن كل شيء على ما يُرام، والآخر بقايا زمن مضى، أو العكس تمامًا!
الإفلاس.
معضلة الدجاجة والبيضة.
زيارات لعيادة الطبيب.
انهيار علاقة العمل.
الانهيار الذاتي.
تلاشي الشغف.
دعونا لا نرَ الأمر كقصة فشل، ولكن كقبول وفهم للتوقيت المناسب للتخلّي والرضا. عليكم أن تكونوا – لا محيص – ناضجين بما يكفي لتروا الأمل في نهاية النفق الذي خلتموه بأنفسكم، بدءًا من آمال تكوين الملايين وانتهاءً بعروض الاستحواذ الفاشلة الواحدة تلو الأخرى. ستجدون أن كل الاحتمالات في غير صالحكم لدرجة تثير الشك في كل ما هو مبتكر وتأخذ منكم أكثر مما تعطيكم.
"تقبلوا الفشل وتعلموا الدرس. أدركوا مسؤولية نقل هذه التجربة إلى الآخرين" – ليتيشا جاسكا
والآن، هل ستقبلون هذه الشروط؟