شبكة مستثمرين ملائكيين تسعى لدعم الشركات الناشئة في العراق
ظلّ تمويل المرحلة المبكّرة مشكلةً تواجه الشركات الناشئة في الشرق الأوسط، ثم جاءت جائحة كوفيد-19 لتصعّب المشكلة وتجعل بعض المستثمرين أكثر حذرًا وإقبالًا على اللاعبين الثابتين ذوي السجلّات المؤكدة.
على الرغم من ذلك، بدأ مستثمرون آخرون منسجمون مع إمكانيات القطاع الرقمي في خوض الغمار، والكثيرون أسّسوا صناديق استثمارية منقذة لسد هذه الفجوة التمويلية والاستثمار في الشركات الناشئة ذات المراحل الأولية وقبل الأولية والتي من المحتمل أن تجذب حلولها الافتراضية السوق.
من بين تلك الشبكات التي تم إطلاقها مؤخرًا شبكة KAPITA القائمة بالعراق، والتي تُعد أول شبكة استثمار منقذة في العراق تهدف لدعم روّاد الأعمال الوطنيين وسط عالم أعمالٍ متعثّر.
المدير التنفيذي لشبكة KAPITA هو السيد/ مجاهد وايصي، أما مدير تمويل الشبكة فهو السيد/ علي الصهيل. تعد الشبكة المنقذة قطاعًا محايدًا في حد ذاته، ولكنه قادر على التمويل، ولذا ينبغي أن يكون للشركات الرائدة حلول مصمّمة خصيصًا لتلائم السوق العراقي.
هذا وقد صرّح وايصي أنه "لا توجد فرص تمويل للشركات الرائدة، ولا توجد مؤسسة أو مستثمرون مستعدون للاستثمار في الشركات الرائدة في ظل هذا الوضع الاقتصادي العالمي، بما في ذلك العراق". وأضاف قائلًا: "أغلب تلك الشركات الرائدة افتراضية في الأساس وليس لها مكان على الأرض، ولذا لا يمكنها الحصول على الاستثمار الضروري، وخصوصًا في مراحلها الباكرة".
إن فكرة إقامة شبكة استثمارية منقذة كانت في مخاضها بالفعل لمدة عام تقريبًا قبل جائحة كوفيد-19 كوسيلة لمساعدة النظام البيئي المحلي على النمو.
قال الصهيل: "بحثنا إنشاء صندوق تمويلي ثم الاستثمار من خلال هيكلٍ تمويلي للدول المتضرّرة من الحروب. تباحثنا مع البنك الدولي ومؤسسات أخرى بشأن تمويل رأس المالي الاستثماري. ولكن نظرًا للوضع الراهن للنظام البيئي العراقي، وجدنا أن إقامة شبكة منقذة هي الخيار الاستثماري الأفضل لروّاد الأعمال الصاعدين".
يبدو ظاهريًا أن الاقتصاد العراقي مزدهر، بناءً على كون العراق ثاني أكبر احتياطي نفط في العالم وصاحب ناتج محلي إجمالي قدره 224 مليار دولار أمريكي وتعداد سكّاني قدره 40 مليون نسمة نصفهم تقريبًا أقل من 19 عامًا. ولكن الفساد مستشرٍ، حيث يضع البنك الدولي العراق في المرتبة الـ170 من أصل 175 دولة في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، وفيما يمثّل قطاع النفط 90% من إيرادات الحكومة، فإنه لا يوظّف أكثر من 1% من السكّان. بالنسبة لأصحاب الأفكار ورأس المال، أثبتت ريادة الأعمال أنها وسيلة للهروب من معدلات البطالة المرتفعة، ولكن ما زال النظام البيئي ناشئًا ومتأخرًا.
يمكن لتأسيس شبكة مثل KAPITA أن يؤثًر كثيرًا على النظام البيئي. بالنسبة لـKAPITA، فإن مخططاتها تتعدّى الاستثمار وتركّز على تعزيز إمكانيات إقامة الشركات الناشئة. ستخضع فرق التأسيس من خلال هذه الشبكة لبرنامج حضانة استثمارية لمساعدتها على نقل شركاتها من المراحل الباكرة إلى مرحلة جني الإيرادات.
قال الصهيل: "كما ستعمل الشبكة كمكان يوفّر خدمات استشارية لروّاد الأعمال والمستثمرين، حيث تساعد المؤسسين والمستثمرين على تعزيز فهم الممارسات المختلفة من خلال النظام البيئي، وكذا توفير الفرصة للمستثمر لتعلم المزيد عن أفضل الممارسات الاستثمارية، حتى يتسنّى لهم امتلاك الثقة للاستثمار حتى خارج إطار الشبكة والبدء في التفكير في مجالات أفضل للاستثمار والإسهام في تطوير النظام البيئي".
تسيطر الشركات العائلية على القطاع الخاص العراقي، ومع بدء أخذ الجيل الثاني زمام الأمور، أصبح هناك اهتمامًا أكبر بالقطاع التقني ورغبة في تنويع الاستثمار. ومع ذلك، فإن المشكلة تمكن في أنهم "لا يعرفون بالضبط الآليات الصحيحة أو كيفية الاستثمار الملائم في القطاع".
تسبّبت جائحة كوفيد-19 في نصيبٍ من هذا الاهتمام بالشركات الناشئة في المجال التقني، ما ساهم في تعزيز اقتصاد العمل الحر في العراق.
قال وايصي: "تركّز أغلب الشركات الناشئة في المجال التقني على الخدمات المباشرة إلى المستهلك، وهناك نافذة كبيرة للكثير من الشركات الناشئة في مجال البرمجيات الخدمية فيما يتعلّق بتقديم خدمات المعاملات ما بين الشركات. هذا لأن أغلب الشركات العراقية الآن، وحتى شركات القطاع العام والخاص، تحتاج إلى رقمنة أعمالها في الحال".
تكتسب التجارة الإلكترونية والأسواق الافتراضية زخمًا نظرًا للجائحة، حيث يتحوّل الناس إلى منصات التواصل الاجتماعي لبيع المنتجات كوسيلة لتعزيز دخلهم.
قال وايصي: "ينمو اللاعبون الأساسيون الثابتون بسرعة كبيرة، وكذلك يفعل لاعبو التجارة الإلكترونية المتخصصون في الوقت ذاته. يرتبط هذا الاتجاه بثقافة بيع المنتجات عبر أسواق الفيسبوك، ويشمل هذا كل شيء من مستحضرات التجميل إلى المنتجات المتخصصة مثل قطع غيار السيّارات".
يشهد قطاع توصيل الميل الأخير نموًا هائلًا نتيجةً لما سبق. ومع ذلك، صارعت الشركات الناشئة في هذا القطاع مع الآثار المترتبة على حظر التجوال الذي فرضته الحكومة العراقية على أثر انتشار جائحة كوفيد-19 في البلاد.
أضاف وايصي: "يكافح لاعبو التجارة الإلكترونية للاستمرار في أعمالهم خلال حظر التجوال المُشدّد الذي فرضته الحكومة. لم يكونوا يمارسون أي أعمالٍ غير قانونية، ولكن كان لزامًا عليهم التفاوض مع وزارتي الصحة والداخلية لتخطّي حظر التجوال حتى يتسنّى لهم توصيل المنتجات إلى عملائهم. وهذه شهادة على أن السوق متعطّش لهذه الحلول الافتراضية الجديدة".
ما زال الدفع عند الاستلام مسيطرًا على معاملات التجارة الإلكترونية في ظل عدم امتلاك 80% من السكّان حساباتٍ بنكية. إن إنشاء بنيةٍ تحتية للسداد الإلكتروني أمرٌ حيوي لتمكين الشركات الإلكترونية الأخرى وتمهيد الطريق لشركاتٍ رائدة في مجال التكنولوجيا المالية.
أضاف وايصي: "ما زالت المصارف العراقية تعمل بطريقةٍ قديمة، وبالكاد بدأت ثقافة السداد الإلكترونية في الانتشار. إذا تحدثت مع أي منصةٍ تجارية، فإنهم لن يكلّفوا أنفسهم عناء مناقشة نسبة المبيعات إلكترونيًا، ذلك لأن كل شيء يتم بطريقة التوصيل التقليدي، وهو ما يفرض حملًا ثقيلًا على الشركات التي تقدّم خدمات إلكترونية لأنك لن تحصل على مالك عبر بوابةٍ إلكترونية. يخلق هذا مبيعات وطلباتٍ وهمية، المشكلة ذاتها التي تعاني منها الشركات الناشئة والشركات التقنية".
تنخرط شبكة KAPITA الآن في مباحثاتٍ مع البنك المركزي العراقي وماستر كارد لتأسيس بوابات سداد وتفعيل خدمات التكنولوجيا المالية للشركات التقنية الناشئة.
اختتم وايصي حديثه: "الآن حان الوقت لتشجيع الشركات الناشئة على الحصول على بوابات سداد لبدء تثقيف الناس بشأن استخدام السداد الإلكتروني".