كيف يبدو مستقبل توفير رأس المال المٌخاطر للشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط؟
بقلم: كيث جيه. فرنانديز
قد يكون لأزمة نقص الموارد وتوسع قطاعات اقتصادية جديدة في أعقاب جائحة كورونا أثراً واضحاً على مسألة توفر رأس المال المُخاطر لتمويل رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط. ويرى الشريك المؤسس والإداري لشركة "إتش. أو. إف. كابيتال" العالمية للاستثمار التكنولوجي فادي يعقوب أنه حتى أثناء مواجهة الشركات الناشئة في المنطقة، كمثيلاتها في مختلف أنحاء العالم، لتحديات كبرى فيما يتعلق بجذب التمويل، فقد ظهرت العديد من القطاعات الاقتصادية الجديدة كنوع من الاستجابة لتحديات سوق الأعمال ونمط الحياة المترتب على جائحة كورونا.
ويوضح فادي قائلاً: "لقد فاقت نسبة مساهمات المستثمرين الداعمين للشركات الناشئة وأصحاب المشروعات العائلية من حصص رأس المال المستثمَر في المنطقة في عام 2019 كل التوقعات، ولكن جعلت جائحة كورونا هذا المصدر للتمويل الاستثماري كأن لم يكن. وعلى الرغم من أن ذلك الأمر هو نفس التوجه العام المُلاحظ في الخارج ، إلا أنه كان واضحاً أن المشروعات العائلية في المنطقة كانت تمثل - من الناحية التاريخية - نسبةً كبيرةً من السيولة الاستثمارية".
وقد أظهرت تقارير صادرة عن مؤسسة ستارت أب جينوم للأبحاث أن التمويل المقدم من شركات رأس المال المٌخاطرقد انخفض بنسبة 20٪ على الصعيد العالمي منذ بدء تفشي فيروس كورونا في ديسمبر من العام الماضي. ووفقا لشركة ماجنت فقد ارتفع التمويل الاستثماري المٌقدم للشركات الناشئة في منطقة الخليج العربي بنسبة 2٪ خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنةً بالعام الماضي، وذلك على الرغم من انخفاض عدد صفقات رأس المال المُخاطر بنسبة 22٪، ويرجع ذلك في الأساس إلى انخفاض التمويل بشكل حاد في شهر مارس.
ويضيف فادي: "نظراً لتوقف الخطط والجداول الزمنية للشركات، فإن شركات رأس المال المُخاطر قد خفضت بطبيعة الحال من أنشطتها الحالية، فمعظم رأس المال المٌخاطر في الوقت الحالي يتم إنفاقه على المشكلات، التي يجب حلها سريعاً، في الشركات المُدرجة ضمن حافظتها الحالية بدلاً من الدخول في استثمارات جديدة. ويمثل الحصول على تمويل رأس مال المٌخاطر في الوقت الراهن تحدياً كبيراً، حتى بالنسبة للشركات التي تتضاعف قيمتها السوقية مرتين أو ثلاثة أسبوعياً".
ويواصل فادي الحديث بقوله: "أصبحت الجولات الاستثمارية، التي كان يُغالى في أهميتها في الاكتتاب من قبل، تدفع المستثمرين إلى الانسحاب، وهو ما يجبر الشركات على خفض تقييماتها ورفع مستوياتها بمستويات أدنى للسهم مقارنةً بجولاتها السابقة. ولقد لاحظنا حدوث هذا الأمر مع عدد لا يُستهان به من الشركات".
حل مشكلات كبرى
تعاون رجل الأعمال المصري فادي يعقوب مع مواطنيه أنسي ساويرس وهشام الحداد لتأسيس شركة "إتش. أو. إف. كابيتال" العالمية للاستثمار التكنولوجي في 2016. ويُقدم الدعم لهذه الشركة أكثر من 70 عائلة ومؤسسة ذات ثقل كبير، من بينها علامات تجارية من الصف الأول مثل: مؤسسة مورجان ستانلي، وشركة طيران الاتحاد، وبنك بي. إن. بي. باريبا. كما يملك المستثمرون في هذه الشركة أصولاً خاضعة لإدارتهم بقيمة 350 مليار دولار. وتركز استثمارات شركة "إتش. أو. إف. كابيتال" على مجال التكنولوجيا الحديثة، التي قد تسهم في حل مشكلات كبيرة على المستوى المجتمعي، فنجدها تقدم الدعم لرواد الأعمال في العديد من المجالات مثل: البرمجيات المحلية للذكاء الاصطناعي، وتمويل الجيل القادم، وعلم الوراثة وعلم الأحياء الحاسوبي.
ويرى فادي وزملاؤه أن التراجع الحالي يمثل فرصة جيدة لإطلاق شركات رائدة في هذه المجالات، وأن الأوقات العصيبة تُظهر مشكلات وتحديات جديدة يجب العمل على إيجاد حل لها، وهو الأمر الذي يخلق آفاقاً جديدة في السوق.
ونظراً للتغيرات الكبيرة، التي شهدها أسلوب حياتنا، فإن فادي يتوقع نمو أربعة قطاعات في المستقبل وهي:
-
العمل عن بُعد: "بعيداً عن الأدوات اللازمة لتمكين العمل عن بُعد، فإننا متحمسون للكيفية التي قد يتطور بها هذا التوجه لتغيير خريطة توزيع المواهب التكنولوجية. وسوف تنشأ مجموعات تتجاوز فكرة المواقع المركزية المكلفة، ويتيح لها التواجد في أماكن توفر لها جودة حياة أفضل أو أقرب للبلد الأم بالنسبة للمغتربين حتى في المنطقة العربية".
-
الرياضات والألعاب الإلكترونية: باعتبارها بدائل للأحداث الرياضية المباشرة وغيرها من التجارب الشخصية، فقد شهدت الرياضات الإلكترونية وألعاب الفيديو إقبال مرتفع ومتزايد من جانب اللاعبين. ويرى فادي أن هناك مستقبل واعد لهذا القطاع، خاصة مع طرح إصدارات محلية باللغة العربية.
-
العلاج عن بُعد: ارتفعت المطالبات المتعلقة بالحصول على خدمات الرعاية الصحية عن بُعد في الولايات المتحدة بنسبة تتجاوز 4000٪ خلال الربع الأول فقط من عام 2020. "وقد تشهد دول أخرى نفس التوجه، وهو الأمر الذي مثل دافعاً بالنسبة لنا للاستثمار في شركة هيليوم هيلث. وشهدت كذلك خدمة العلاج عن بُعد نمواً سريعاً أثناء جائحة كورونا".
-
التجارة الإلكترونية: أجبرت إجراءات الإغلاق والتباعد الاجتماعي المستهلكين على التسوق عبر الإنترنت، ويأتي ذلك مع زيادة المنصات الإقليمية، مثل نون وسوق، للقوى العاملة بها حتى في ظل تسريح الموظفين في شركات تعمل في قطاعات أخرى. "لقد ازدهرت التجارة الإلكترونية بشكل عام و ملحوظ في دول مجلس التعاون الخليجي ومصر بمعدل نمو سنوي مٌركب بلغت نسبته 30٪.وسيحرص المستثمرون كذلك على الفوز بالحصص السوقية المستقبلية للتجارة الإلكترونية في المنطقة".
ومع توقع ظهور عدد من العوامل، التي قد تؤثر على إنفاق المستهلكين على المدى المتوسط، فإن التمويل من جانب شركات رأس المال المٌخاطر قد يتأثر كنتيجة لذلك. وإلى جانب هذه التطورات الكبرى،يقول فادي:"يتعين على مؤسسي الشركات أن يتوقعوا دورات أطول زمنيًا لجولاتهم التمويلية، لأن شركات رأس المال المٌخاطر سوف تتحقق بشكل أوثق من كافة جوانب نموذج أعمال الشركات، التي سوف تمولها وكذلك السوق المستهدفة".
ويختتم فادي الحديث قائلاً:"تنظر شركات رأس المال المٌخاطر في أمر مئات أو ربما الآلاف من الشركات الناشئة سنوياً. لذا، فإنه من الضروري الاهتمام بعامل التميّز عن الآخرين في ظل هذا العدد الهائل، وذلك عن طريق وجود فريق عمل على مستوى عالمي، وتقديم أفضل منتج أو تكنولوجيا على الإطلاق،والتحلي بقوة جذب رائدة في السوق، والقدرة على تقديم قصة مشروع مثيرة للاهتمام ومقنعة لجذب المستثمرين".