المفهوم الجديد لخلق مشاريع استثمارية
أصبح الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر تعقيداً. فقد أدى النمو في عدد شركات وصناديق رأس المال الاستثماري (المجازف) التي تحرص على استهداف الشركات الناشئة الواعدة إلى زيادة المنافسة على طرح خطوط منتجات عالية الجودة.
وقد وضع هذا ضغطًا كبيرًا على المستثمرين كي يُساهموا بما هو أكثر من مجرد رأس مال، مما جعل بعض الشركات تتطور من شركات رأس مال استثماري إلى مؤسسي مشاريع تجارية.
وواحدة من هذه النماذج هي شركة ميلينيال كابيتال (MC) التي أسسها أندريا دانيلا عام 2016 وتتخذ من الإمارات مقرًا لها. ينصب تركيز الشركة على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتستثمر أموالها في صورة شراكة مع العلامات التجارية الناشئة حول العالم لمستحضرات التجميل في قطاع المستهلكين وتُطلق منتجاتها في المنطقة.
وهذا يُشبه نموذج مجموعة روكيت إنترنت الألمانية "Rocket Internet"، ولكن بدلاً من محاكاة نماذج الأعمال التي شهدت نجاحًا عالميًا، تأخذ شركة ميلينيال الشركات القائمة بالفعل وتشارك في الاستثمار معها لتحقيق الريادة في السوق المحلية. وتُقدّر قيمة الشركة بحوالي 10 ملايين دولار، وتتطلع إلى جذب 7 ملايين دولار أخرى من الاستثمارات لتسريع نموها.
كيف تختلف ميلينيال كابيتال عن نموذج رأس المال الاستثماري التقليدي؟
تُعدّ الشركة صندوق استثماري لإنشاء وإدارة المشاريع، وتتمثل استراتيجيتنا الأساسية في تطوير مشاريع محلية متميزة. فنعقد شراكات مع بعض من أكبر شركات المنتجات الاستهلاكية في جميع أنحاء العالم ونُطوّر الجهود المحلية. ويتولى فريقنا البحث عن الفرص وتطوير فريق العمل واختبار المفهوم ثم التأسيس. وتمثل تلك الشراكات نموذج العمل والتشغيل لمفهوم المشروع الاستثماري.
وقد اعتمدت شركة مستحضرات التجميل البرازيلية العملاقة "أو بوتيكاريو" استراتيجيتنا، وهي شركة تبلغ قيمتها 44 مليار دولار، حيث اختارت إطلاق جميع عملياتها وتطويرها في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد أسسنا قنوات تسويق عبر شبكة الإنترنت وخارجها، وقمنا بتطوير فريق إداري، وعمليات ومبيعات وخدمات لوجستية مستقلة بالكامل. ونبذل الآن قصارى جهدنا حقًا كي تُصبح واحدة من أفضل العلامات التجارية لمستحضرات التجميل في المنطقة. وقد طرحنا خطوط منتجات مخصصة للمنطقة، حيث نقوم بالتسويق المحلي واتباع النهج الرقمي.
الأمر يتعلق بمخاطر إدارة المشاريع الجديدة وقابلية التوسع في مناطق جديدة. وتتمثل خطة المبيعات لدينا في الاستفادة من بعض عناصر النجاح، وتطبيقها على المستوى المحلي والاستعانة بالتطور الرقمي من أجل تعجيل النمو. وتُعد إدارة معدل الفشل أمراً بالغ الأهمية؛ إذ يجب على شركات رأس المال أن تأتي وتدعم الأعمال التجارية بدلاً من توفير رأس المال فقط. ونريد تكرار هذا النموذج في العديد من المشاريع. وننظر الآن في الاستثمار في فئة ثانية وهي الملحقات الشخصية.
لماذا قررتم التركيز على قطاع التجميل؟
أردنا التركيز على مشاريع المنتجات الاستهلاكية فقط، لذلك انتقلنا إلى فئات فرعية. ونظرنا إلى الانتشار الجغرافي لشركة ميلينيال، والقوة الشرائية والفئات العمرية في دول مجلس التعاون الخليجي. وكان السوق الأكثر جاذبية للمستهلكين هو قطاع مستحضرات التجميل، والإكسسوارات الشخصية، وتقنيات التجميل، والرعاية الصحية.
ينمو قطاع مستحضرات التجميل في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل نمو سنوي مركب 8.5 في المئة، وينمو بمعدل أسرع من الرعاية الصحية. كما أن معدل الإنفاق على مستحضرات التجميل يبلغ ثلاثة أضعافه في الشرق الأوسط مقارنة بباقي العالم، حيث يستخدم المستهلك السعودي ما يصل إلى ثمانية أضعاف من العطر أكثر من باقي دول العالم.
لذلك بدأنا في وضع نموذج لمفهوم مشروع – ميلينيال بيوتي. وأنشأنا قنوات تسويق على شبكة الإنترنت وخارجها، وطورنا فريق إدارة، وعمليات، ومبيعات، وخدمات لوجستية مستقلة.
غيرت الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي الصناعة الاستهلاكية، كيف أثر هذا على قطاع التجميل على وجه التحديد؟
الوقت الذي تستغرقه علامات تجارية مثل Huda Beauty وKylie Cosmetics لطرح أي منتج من مرحلة التصميم المبدئي وصولاً إلى المستهلك هو ستة أيام فقط. فهم يقومون بتطوير المنتج ثم تسويقه وعرضه على موقع انستغرام. وهذا الرقم لا يمكن لـعلامة تجارية مثل لوريال [مجموعة مستحضرات التجميل الفرنسية] أن تنافسه.
تتسم علامات التجميل الكبيرة بإنها مُنظمة للغاية، فهي لديها الكثير من السياسات ومراحل التصميم، وعندما يقومون بطرح أي منتج جديد يجب أن يخضع إلى دورة كاملة. وفي المستقبل، ستراهن صناعة مستحضرات التجميل تماماً على العلامات التجارية التي أسسها المؤثرون (Influencers) على مواقع التواصل الاجتماعي. نحن ننظر في قيام الجيل المقبل من المؤثرين بتطوير علاماتهم التجارية. وهذا هو المستقبل، فالمستهلكون لديهم متطلبات كثيرة، وليس لديهم وقت للانتظار حتى الموسم التالي، فهم يريدون ما يبحثون عنه الآن ويريدون رؤية المؤثرين يستخدمون تلك العلامات على مواقع التواصل الاجتماعي.
كيف أثرت مواقع التواصل الاجتماعي على اختيار المستهلك؟
إنها صناعة صعبة، وعلينا أنت نتحلى بالسرعة، فهي واحدة من أكثر الصناعات نشاطاً. تتغير الصيحات بسرعة كبيرة، وعلينا أن نوسع نطاق أعمالنا وأن تكون ميزانية التسويق لدينا ذكية للغاية. وإطلاق أي علامة تجارية اليوم يحتاج إلى قناة تسويق شاملة في مراكز التسوق الرئيسية. يأتي المتسوقون ويقومون بتجربة علاماتنا التجارية سواء من خلال الشراء من المتجر أو عبر شبكة الإنترنت. نعقد شراكات مع الأطراف الفاعلة في التجارة الإلكترونية وننظر أيضًا في نماذج التوزيع التقليدية. ولا نقول بأن مراكز التسوق سوف تختفي في المستقبل، لكنها سوف تتطور وتندمج مع الخيارات الأخرى، ليصبح أمام المستهلك خيار التسوق الإلكتروني "الضغط والاستلام لاحقاً" وكذلك التسوق داخل المتجر. ومواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لنا هي المفتاح، فهي تساعد في زيادة الوعي بالعلامة التجارية وفرص التسويق. ثلاثة وثمانون في المئة من جميع عمليات الشراء تتم في مراكز التسوق في الإمارات العربية المتحدة و73 في المئة من هذه المشتريات تتأثر بمواقع التواصل الاجتماعي.
التخصيص مهم للغاية أيضًا، فهو ضروري في الطريقة التي نبني بها نقاط الاتصال. لم يعد بإمكاننا الاعتماد على المتاجر ونموذج التسويق عبر الإنترنت فقط. نرى أنه من المهم للغاية إدخال التكنولوجيا في مفهوم البيع بالتجزئة.