اختراع تقني تونسي يبعث الأمل لمرضى الصرع
قال هارون مولى (25 عامًا)، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي للعمليات في شركة إبيليرت Epilert التونسية: "عادةً لا يعلم مرضى الصرع متى سيتعرضون لإحدى النوبات. يمكننا أن نلاحظ المشكلة بوضوح وأردنا استخدام التكنولوجيا لإيجاد حل". وتعاني شقيقة فراس رحيم –الشريك المؤسس للشركة أيضًا والبالغ من العمر 25 عامًا- مرض الصرع؛ مما ألهم الشابين وشريكهما المؤسس الثالث أمين رياحي (25 عامًا) لاتخاذ هذه الخطوة. إذ أطلقوا معًا شركة إبيليرت في منتصف عام 2017 ببضع مئات من الدولارات فقط، واستعانوا بمتطوعين من الخريجين والطلاب للعمل في الشركة مقابل حصولهم على حصة من أسهمها، في حين أقامت الشركة شراكة مع إحدى كليات الطب التونسية.
وتابع هارون قائلًا: "كان التحدي الأول لنا هو توعية مهندسي الشركة بالخلفية الطبية والعلمية لمرض الصرع حتى يتمكنوا من فهم المرض بشكل أفضل وبالتالي نتمكن من ابتكار حل مثالي. وتوصلنا من خلال أبحاثنا إلى ابتكار سوار؛ لأنه سهل الارتداء والاستخدام ولا يوصم المرضى".
وتعرض النوبة مريض الصرع للخطر، ليس بسبب النوبة فحسب، ولكن بسبب الأذى الذي قد يتعرض له إذا سقط: إذ يموت 1000 مريض بالصرع بسبب إحدى النوبات سنويًا، وفقًا لمؤسسة الصرع الأمريكية.
وقال مولى، وهو مهندس كمبيوتر: "تخيلوا لو حدثت النوبة في أثناء استحمام المريض أو إذا كان يقود دراجة".
طريقة عمل السوار
يراقب سوار إبيليرت دقات قلب المريض ودرجة حرارته ونشاطه العصبي وبياناته الفسيولوجية الأخرى. وسيكتشف السوار ما إذا كان مرتديه مصابًا بنوبة في غضون 30 ثانية من بدايتها، ويتصل تلقائيًا بالمقربين المسجلين في حساب المريض على التطبيق الخاص بالسوار.
وسيوفر السوار معلومات لهؤلاء المقربين مثل شدة النوبة، التي عادةً ما تُقاس بمدتها، بالإضافة إلى مكان المريض. ويمكن وصول التنبيهات عبر رسائل نصية قصيرة أو مكالمة هاتفية آلية.
ويمكن للسوار –الذي يتزامن مع هاتف مرتديه عبر تقنية البلوتوث- أن يتنبأ باحتمال حدوث النوبة.
وقال هارون: "إذا كان المريض قادرًا على التنبؤ بحدوث النوبة، فيمكنه التأكد من أنه في بيئة آمنة. تتمثل قيمتنا المضافة في المعالجة الرقمية للبيانات، وخاصةً البيانات العصبية، وهو ما لا يمكنكم إيجاده في الأجهزة الأخرى".
بالإضافة إلى جمع المعلومات الفسيولوجية (بما في ذلك أنماط نوم المريض) تلقائيًا، يمكن لمستخدمي السوار إضافة البيانات المهمة الأخرى إلى ملفاتهم الشخصية مثل السن والجنس والوزن والطول. كذلك يمكنهم تسجيل بيانات أخرى مثل آخر وجبة تناولوها –موعد الوجبة ونوعها- والحالة العاطفية، وجميعها عوامل يمكنها التأثير على احتمال حدوث النوبة وشدتها.
وأوضح هارون قائلًا: "الفكرة هي استخدام التطبيق كأداة توعية وأداة للمريض لمراقبة حالته وتسجيل بيانات مفصَّلة لمساعدة الخوارزميات والأطباء بشكل أفضل".
من ناحية أخرى، هناك حاجة ضرورية إلى توفير سوق هائلة لاستيعاب تقنية سوار إبيليرت. إذ لا تقدم 10 دول من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية البالغ عددها 22 دولة أي بيانات عامة عن مرض الصرع وفقًا لدراسة بحثية أُجريت عام 2016، لكن من بين الدول الـ 12 التي تقدم هذه البيانات، هناك 7.5 من كل 1000 شخص مصابون بالصرع. ويبلغ تعداد سكان أعضاء جامعة الدول العربية مجتمعةً نحو 420 مليون نسمة؛ مما يعني وفقًا للبيانات البحثية أن هناك نحو 3.15 مليون مصاب بالصرع في المنطقة.
وتجري شركة إبيليرت حاليًا تجارب ما قبل السريرية لسوارها، وتقدمت بطلب للحصول على الموافقات التنظيمية الأمريكية لبدء بيع السوار في الولايات المتحدة. ويتوقع هارون حصولهم على الموافقة بنهاية عام 2020.
وسيتمكن المرضى من شراء السوار مباشرةً من إبيليرت، ولكن الشركة تخطط أيضًا للتعاون مع الأطباء المتخصصين في علاج الصرع من أجل زيادة الوعي بالمنتج. وسيبلغ سعر السوار 150 دولارًا أمريكيًا، بينما تبلغ قيمة الاشتراك في خدمات إبيليرت 10 دولارات شهريًا.
تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.
وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.