سيدة الأعمال السعودية هذه تريد اتاحة المزيد من الكتب الصوتية العربية في المنطقة
تلتقي مي الحبشي مع منار سعود العميري، وهى سيدة أعمال سعودية قررت ترك عالم الشركات وبدء مشروع يروج ثقافة القراءة لسكان العالم العربي من الشباب والمولعين بالتكنولوجيا
لم تستطع منار سعود العميري، التي تم تشخيص إصابتها بعُسر القراءة كطفلة، الاستمتاع بالقراءة. بدلاً من ذلك، اعتادت الاستماع إلى الكتب الإنجليزية عبر الإنترنت. لكن عندما كان يتعلق الأمر بالمواضيع العربية، لم يكن هناك إلا القليل على الإنترنت. قادها ذلك إلى إنشائها موقع "ض" (Dhad)، وهو موقع إلكتروني يقدم كتباً صوتية باللغة العربية عبر الإنترنت لجيل الشباب الذي يعطي الأولوية للهواتف المحمولة في المنطقة.
تقول العميري: إن "الكتب الصوتية ليست مفهوماً جديداً، فهي تعود إلى الثمانينيات والتسعينيات عندما كنا نستمع إلى أشرطة [كاسيت] لأغراض تعليمية أو دينية أو ترفيهية. اليوم، كل شيء على الإنترنت، لذلك قررت تقديم كتب صوتية باللغة العربية على الإنترنت خاصة وأن المحتوى العربي محدود للغاية".
تأمل العميري من خلال تقديم كتب صوتية، تشجيع الشباب العربي على تقدير والاستماع إلى المزيد من الكتب بالإضافة إلى الترويج لثقافة الكتاب في المنطقة العربية. فوفقاً لمؤشر القراءة العربي الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2016 في دبي، يقرأ المواطن العربي العادي حوالي 35 ساعة و17 كتاباً سنوياً، مما يعني أن مستويات القراءة في المنطقة أعلى بكثير مما كان متوقعاً في الأصل.
ومع ذلك، هناك مجال للتحسين عندما يتعلق الأمر بمقارنة القراءة بالمجالات الأخرى من المعرفة، مثل التكنولوجيا.
وتضيف العميري: "في المنطقة العربية، تقدمنا وتطورنا في العديد من القطاعات بما في ذلك الخدمات المصرفية والبنية التحتية والتكنولوجيا على سبيل المثال لا الحصر، ولكن ليس بالقدر نفسه في القراءة. فنحن بحاجة إلى نقل هذا التقدم إلى الكتب لزيادة عدد القراء في المنطقة".
رحلة ريادية
بدأت العميري "ض" عندما كانت لا تزال في الجامعة، حيث كان جزءاً من مشروع ريادة الأعمال للتخرّج.
وتقول: "كان إنشاء الكتب الصوتية العربية على الإنترنت أول فكرة تبادرت إلى ذهني. وعندما بحثت عن ذلك، أدركت أن هذا قد يكون فكرة تجارية جيدة".
وعلى الرغم من أنها أطلقت "ض" بمفردها، انضمت لاحقاً إلى برنامج "بادر" لحاضنات التقنية والمُسَرِّعة غير الهادفة للربح "تسعة أعشار" للحصول على الدعم.
وتضيف: "ساعدني الانضمام إلى الحاضنات والمُسَرِّعات في التقدم بسرعة وتعلم أشياء لم أكن قد تعلمتها بمفردي".
وقد ساعد العميري التعرف على الموجّهين والمستثمرين وفهم ديناميكيات التشريعات الحكومية للشركات المبتدئة على أخذ "ض" من قوة إلى قوة. وفي عام 2016، فازت بجائزة "الإبداع لقضية" عن فكرتها إنشاء مكتبة عبر الإنترنت للكتب الصوتية العربية.
تحديات بيئة حاضنة حديثة
على الرغم من نجاحها، واجهت العميري بعض التحديات، وأكبرها هي البيئة الحاضنة الحديثة للريادة في المملكة العربية السعودية.
وتقول عن ذلك: "البيئة الحاضنة لا يزال في مهدها. والمستثمرون في مراحلهم المبكرة والقواعد واللوائح تتغير باستمرار".
بالنسبة لأصحاب الشركات المبتدئة، يشكل هذا تهديداً لأعمالهم الجديدة، كما توضح. فليس فقط عليهم أن يتعاملوا مع إطلاق أعمالهم، بل يجب أن يكونوا على دراية مستمرة بالقواعد واللوائح المتطورة.
وتقول العميري: "هذا يؤثر سلباً على الشركة الناشئة. يستغرق الأمر وقتاً لفهم القواعد الجديدة، وعادة ما يكون لدى الشركات المبتدئة فريق صغير مشغول بعدة أشياء. هذا يمكن في الواقع أن يدمر شركة مبتدئة".
وعلى الرغم من ذلك، فإنها مصممة على مواصلة السعي وراء شغفها، ناهيك عن امتنانها لكل الأمور التي علّمتها إياها هذه الرحلة الريادية. وتقول هي التي تصف نفسها بأنها خجولة وهادئة، إنها الآن أكثر ثقة وحزماً.
وتوضح: "لقد تعلمت أن أعبر عن نفسي، وأن أسعى وراء ما أريده وأعمل بكفاءة أكبر". وتضيف باسمة: "أنا الآن امرأة ألفا. أنا سعيدة حيث أكون اليوم وشاكرة حيث أخذتني الحياة".
وبينما قد تستغرق البيئة الحاضنة لريادة الأعمال في البلاد بعض الوقت للتطور، فإن وجود رواد أعمال أطلقوا بنجاح ونمّوا مشاريعهم الناشئة يوجّه رسالة واضحة مفادها أنّ التغيير آت. إلى جانب دعم الحكومة من خلال مبادرات جديدة، سرعان ما ستشهد المملكة العربية السعودية موجة جديدة من رجال وسيدات الأعمال الشباب الموهوبين.
تمثل مبادرة "حوار الشرق الأوسط" منصة لتبادل الأفكار والتطلعات والابتكارات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف تحفيز وتشجيع الحوار الصريح والشفاف والبنّاء حول قضايا التنمية في المنطقة في وقتنا الحاضر.
وقد تم إطلاق مبادرة "حوار الشرق الأوسط" كجهد مشترك بين مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس.