خمس منصات عربيّة تُؤسّس لمفهوم التعليم الرقمي
نُشرت هذه المقالة سابقاً على منصة "نويت".
في عصر تطغى عليه الأجهزة المحمولة والكتب الإلكترونية، بدأ المُستخدمون يتوجّهون تدريجيا إلى المنصات الرقمية لتلقي العلم. وبالرغم من أنّ مفهوم التعليم الرقمي ليس بالأمر الجديد وقد شهدنا بداياته خلال التسعينات ومطلع القرن الجديد، إلا أنّ هذه السوق لم تزدهر فعليّاً إلا عندما أصبحت وسائل التعليم الرقمية أكثر تفاعلاً والأجهزة الإلكترونية أكثر توافراً وسهولة في الاستخدام.
عام 2016، قدّرت عائدات سوق التعليم الرقمي الذاتي حول العالم بـحوالي 51 مليار دولار أميركي، ومن المتوقّع أن تزداد هذه القيمة مع دخول تقنيات جديدة مثل الواقع الافتراضي الذي سيجعل عملية التعليم أكثر تفاعُليةً وتشويقاً.
يستمرّ قطاع التعليم الرقمي في منطقة الشرق الأوسط في تحقيق نموّ كبير بعد أن قُدرت قيمته عام 2016 بـ560 مليون دولار أميركي، مقارنة بـ433 مليون دولار في عام 2013، وفقاً لدراسة صادرة عن "دوسيبو" Docebo، الشركة العالمية المُتخصصة في أنظمة التعليم الرقمي عن بعد. وتُشير الدراسة ذاتها إلى أنّ هذا القطاع حقق مُعدّل نموّ سنوي قدره 9% بين عامي 2013 و2016. وجاءت عُمان في مُقدمة دول المنطقة من حيث مُعدل النمو في سوق وسائط التعليم الرقمي، بمُعدل نمو بلغ 19% في الفترة ذاتها، تلاها لبنان، والكويت، ثمّ قطر.
ساهمت المنصّات الإلكترونية التالية في تعزيز ثقافة التعليم الرقمي في المنطقة، وبدأت في تحقيق شعبية بين الشباب ممن يسعون إلى تنمية معارفهم ومهاراتهم. تعرّفوا عليها هنا:
تأسّست منصة "نفهم" في مصر عام 2012، بفريق يقوده أحمد الألفي وهو أحد أشهر المُستثمرين في مجال الشركات الناشئة في مصر والمُؤسّس لمساحة "جريك كامبس" Greek Campus في القاهرة، التي تحتضن بانتظام العشرات من الشركات الناشئة والفعاليات التقنية الريادية. تهدف المنصّة إلى تحويل المناهج التعليمية العامة إلى مقاطع فيديو بحيث يعمل مُعلمون ذوو خبرة على مساعدة الطلبة في فهم واستذكار المواد العلمية. توسّعت المنصة على مدار السنوات الخمس الماضية، وباتت تُقدم اليوم ما يُقارب الـ25 ألف مقطع فيديو تعليمي، تتراوح مدّة كلّ منها بين 5 دقائق و 30 دقيقة، وتخدم ما يزيد عن 500 ألف طالب. كما تُغطي المناهج الدراسية 5 دول من المنطقة هي السعودية، وسوريا، والجزائر، والكويت بالإضافة إلى مصر. حصلت "نفهم" على دعم مُجتمعي كبير من شركات تقنية كُبرى من بينها "إنتل" Intel و"تريند ميكرو" Trendmicro وغيرهما، وتعتمد بالأساس على المُشاركة المُجتمعية من المُعلمين في إضافة المزيد من المقاطع التعليمية إلى مكتبتها الهائلة، ما يجعلها إحدى المنصات التعليمية الأكثر تكاملاً في المنطقة.
تختلف منصة "إدراك" عن سابقتها كونها تستهدف فئة مختلفة من المتعلمين، وهي المهنيين الباحثين عن تطوير مهاراتهم عبر تقديم المساقات التعليمية مفتوحة المصدر. تحظى المنصة بدعم حكومي غير رسمي كبير حيث تأتي كجزء من "مبادرة الملكة رانيا للتعليم والتنمية"، وبدعم من "الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي" والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي. تُقدم "إدراك" مساقات تعليمية في مجالات مُتعددة تشمل مهارات خاصة بريادة الأعمال، وعُلوم الحاسوب، ولغات البرمجة، وتصميم الدارات الإلكترونية، ومجالات أُخرى عامة، بالإضافة إلى اللغويات. تُقدم "إدراك" بعضاً من تلك المقررات التعليمية، بينما تُشرف جهات تعليمية مُعتمدة على البعض الآخر وتمنح به شهادات إتمام، كما يحصل في "الجامعة الأميركية بالقاهرة"، و"جامعة عمان العربية"، و"المجلس الثقافي البريطاني" وغيرهم.
3. "رواق" Rwaq
تُخاطب منصة "رواق" قطاع التعليم الرقمي بمنظور يختلف عن المنصتين السابقتينـ لكنّها تتشابه مع منصة "إدراك" من حيث تقديم مساقات ومقررات تعليمية مجانية مُتخصصة تستهدف الكبار من مهنيين وعامة على السواء. ترتكز المساقات بالأساس على محاضرات ومواد تعليمية يُعدّها ويُشارك بها مُتخصّصون عرب مُستقلون. في الوقت الحالي، لا تقدّم المنصّة مقرّرات ثابتة من خلال جامعات تعليمية تتبنى برامج مُعتمدة باسمها، لكنّ هذا يبدو كهدف فعلي للمنصة رُبما مُستقبلاً. تأسّست المنصة بالاستثمارات والجهود الذاتية للصديقين السعوديين فؤاد الفرحان وسامي الحصين، وتسعى إلى تغطية كافة النواحي الأكاديمية والمعرفية دون تخصيص.
لا تستهدف منصة "نبراس" المُتعلمين مُباشرة، ولكن قائمة عُملائها تضمّ الشركات والمُؤسسات التي تسعى إلى تدريب مُوظفيها على مهارات جديدة للارتقاء بأدائهم، والحفاظ على ثقافة التدريب والتطوير المُستمر لديها. كذلك تُعد منصة "نبراس" مشروعاً يبغي الربح، مقارنة بالمنصات المجانية السابقة التي تحمل أهدافاً تنموية تطوعية. تُوفر "نبراس" مقاطع فيديو تعليمية تفاعُلية في مجالات الإدارة، التواصل، ومهارات استخدام التكنولوجيا في العمل وغيرها من المهارات التي تسعى الشركات إلى تنميتها لدى موظفيها.
لا ترتكز هذه المنصّة الكويتية بالأساس على تقديم الدروس التعليمية عبر الإنترنت، بل تُعنى أكثر بما يحتاج إليه الطالب من خدمات ومعلومات حول النهج التعليمي، وبخاصة في المرحلة الجامعية. تقدّم "ذهاب" مجموعة كبيرة من الخدمات من بينها عرض للجامعات المُتاحة بالكويت، وما تُقدمه تلك الجامعات من تخصصات ومُقررات تعليمية، بالإضافة إلى معلومات حول أعضاء هيئة التدريس، والأحداث والفعاليات التي تُعقد في كل جامعة. وتُتيح المنصة باقة إضافية من الخدمات من بينها تخفيضات على عدد من الخدمات التي يحتاج إليها الطُلاب، وكذلك سوق للوظائف المُؤقتة المُتاحة للطُلاب، وستقدّم مُستقبلا مساقات تعليمية عبر الإنترنت.
الصورة الرئيسية من "إدراك"