'كول آوت' منصّة مناظرات للذين ملّوا المنصات الاجتماعية
"يشكّل استخدام البث الحي نقلة نوعيّة في التواصل، ويخلق فرصاً جديدة لتقارب الناس من بعضهم البعض"، هذا ما كتبه مارك زوكربيرج على حساب "فيسبوك" الخاص به عندما أُطلقت خاصيّة البث الحي العام الماضي.
رغم إيمانه بأهمية تكنولوجيا البث الحي، ما زال يزن مدانات من أشد منتقدي منصّات التواصل الاجتماعي. فهو يرى أنّها لا تزال ناقصة حتّى بعد إطلاق هذه الخاصية التي ساعدته في إبتكاره.
تعود فكرة مدانات لتأسيس منصة "مُناظرات حيّة" إلى العام 2014 عندما أظهرت الحرب على غزة عُيوب مواقع التواصل الاجتماعي في عدم تمثيلها لوجهات النظر المُختلفة.
"اتفق جميع أصدقائي على فيسبوك مع آرائي التي كنت أشاركها ولذلك لم أستطع أن أبدأ حواراً"، يقول مدانات خلال مقابلة مع "ومضة"، في إشارة منه إلى ما يعرف بـ"غرف الصدى" echo chambers التي تتشكّل على المنصّات الاجتماعية. يصف هذا المصطلح كيف ينقسم مستخدمو هذه المنصات إلى مجموعات تضم الأشخاص المتشابهين فكرياً، فتكون آراؤهم صدى لآراء بعضهم البعض وتلغي الآراء المضادة. وبالتالي بدلاً من تلاقي الأفكار نجد أن هذه المواقع تُشجع على الاستقطاب والتنافر.
ويُمكن للمستخدمين إمّا مُشاهدة مناظرة حيّة والتصويت لمصلحة الطرف الذي يتوافقون معه، أو بدء مناظرة خاصة بهم يدعون إليها مستخدمين آخرين. وقد تخضع المناظرة للإشراف حسب اختيار المُناظرين، أمّا مدّتها فلا تتعدّى 45 دقيقة.
الفيديو في مُجابهة النص المكتوب
"كول آوت" ليست الأولى في تقديم حلول لـ"غرف الصدى"، فلقد سبقتها مواقع مثل "Quora" و"debate.org" في تحقيق الهدف ذاته، ولكن ما يُميّز "كول آوت" هو الوسيلة المُستخدمة: الفيديو.
يوضح مدانات أنّ الوسيلة الأفضل للنقاش هي الفيديو لأنّ الكتابة تؤدي في الكثير من الأحيان إلى جدال عنيف غير هادف. "استخدام الفيديو يُقلّل من احتمال حصول مناظرات مسمومة"، يقول الريادي.
والسبب وراء ذلك هو أنّ الفيديو يُحمّل المُناظر مسؤولية كلامه، بينما قد يتغاضى عنها في الدردشة المكتوبة التي تسمح للمستخدمين أن يُخفوا هوياتهم وبالتالي التملّص من تحمل مسؤولية كلام بذيء أو أخبار كاذبة صدرت عنهم. أمّا الفيديو فلا يتيح الفرصة للمستخدم بأن ينتحل شخصية وهمية ولذلك يُحاول المُستخدم تلقائيّاً أن يتفادى ما قد يُشوّه سُمعته.
أمّا الخاصيّة الثانية التي تُميّز "كول آوت" عن المواقع الأخرى، فهي خاصية البث الحي. يعتقد مدانات أنّ البث الحيّ يهيّئ بيئة أفضل للمواجهة تجعل النقاش فعالاً أكثر. هذا هو الفارق الأهم بين "كول آوت" وموقع "مناظرة" الذي يُدير مُناظرات عبر تعليقات فيديو مُسجلّة.
أمّا أكثر المواضيع التي تثار على "كول آوت" فتتعلّق بالقضية الفلسطينية وكذلك بالسياسة الأميركية، وقد حظي وسم "ترامب" بجمهور كبير اهتم بمناقشة توجه الرئيس الأميركي بخصوص قراراته الأخيرة من ضمنها قرار منع السفر لمواطني عدد من الدول. ولكن لا تقتصر المواضيع على السياسة فقط، فالمسائل الاجتماعية والرياضية لها جمهورها أيضاً.
جني الربح من السجالات
غالباً ما تكون مشاريع التكنولوجيا المدنية المعنية بالترويج للديموقراطية والتفكير النقدي مثل "كول آوت" محصورة ضمن إطار المُبادرات الخيرية التي تتلقّى تمويلاً من مانحين أجانب، أمّا "كول آوت" فهي خارجة عن السائد.
تنوي الشركة جني الربح من مصادر مُتعددة، من ضمنها فرض رسوم لمسابقات رقمية ستقوم بتنظمها، وبيع التقنيّة للجامعات أو المؤسسات التي قد تستفيد منها، وتوفير اشتراكات مُميّزة مدفوعة الأجر.
وقد حصدت الشركة ما يُقارب نصف مليون دولار من مُستثمرين أفراد، بينهم ربيع عطايا مؤسّس "بيت.كوم".
في المُستقبل، يتطلّع مدانات إلى التوسّع إلى المنطقة العربية، وتركيا و الهند إذ أنّه يعتبر أن منتجه مطلوب في جميع الدول خاصة في الأوقات المشحونة التي نمر بها.
"نحن نعيش في زمن حرج أصبح فيه العالم مُنقسماً، ولذلك فالوقت مناسب الآن لسد هذه الفجوة الفكرية عن طريق توفير أدوات مناسبة تساعد على إجراء حوار بنّاء" قال مدانات.