'تكامل القابضة': ضمانة مشتركة للشركات الناشئة والمستثمرين في السعودية
يشتكي معظم الرياديين في السعودية من قلّة الاستثمار والاستثمار المخاطر في الشركات الناشئة، فيما يشير المستثمرون إلى عدم معرفتهم بالمشاريع التكنولوجية الواعدة؛ ولكن يبدو أنّ هذا في طريقه إلى الحلّ.
تشكّل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية نحو 99% من إجمالي المنشآت الخاصة في المملكة، ولكنها لا تشارك في أكثر من 20% من الناتج المحلي و4% من التوظيف.
والأهمّ من كلّ ذلك أنّ هذه المنشآت تجد صعوبة في الحصول على التمويل، فمعظم الاستثمارات تصبّ في قطاع العقارات واستثمارات الأسهم الخاصّة"، وفقاً لفراس الموحسن، محلّل الأعمال في "تكامل القابضة" Takamol Holding، الشركة السعودية شبه الحكومية.
لذلك، أطلقت "تكامل القابضة"، برنامجي "مشاركة" Musharaka و"دليل الصفقات" Deal Directory، بحيث يسعى الأول إلى تخفيف مخاطر الاستثمار ويهدف الثاني إلى ربط المستثمرين بشركات جاهزة لتلقّي استثمار.
"مشاركة" المستثمرين... في المخاطرة
انطلق صندوق "مشاركة" في حزيران/يونيو 2014 مع 1.5 مليار ريال (نحو 400 مليون دولار أميركي)، بهدف تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطّة وتوفير الفرص الوظيفية. وذلك من خلال تشجيع الاستثمار في هذه المنشآت في مراحلها الأولى عبر التخفيف من مخاطر المستثمرين.
ويشرح الموحسن لـ"ومضة" أنّه إذا كنت تريد استثمار 50 مليون ريال في شركة صغيرة أو متوسطة، سيستثمر "مشاركة" بـ50 مليوناً أخرى إلى جانبك. وبالتالي يحصل المستثمر على هذا التمويل المتساوي من "مشاركة" على شكل قرض إنّما من دون أيّ أعباء.
ولكن دون ذلك مسارٌ لا بدّ من خوضه، إذ يقول محلّل الأعمال في "تكامل القابضة" إنّه بعدما يتقدّم المستثمرون بطلباتٍ للحصول على ضمانة "مشاركة"، "ندعوهم ليتدرّبوا على الاستثمار وإجراء الدراسات الإعدادية due diligence". وتضع "مشاركة" معايير لقبول المستثمرين، مثل عدد الوظائف التي قد تنتج عن هذا الاستثمار، والقطاعات التي يركّزون عليها، والمرحلة التي تكون فيها الشركة الناشئة التي يراد الاستثمار فيها.
تشمل قائمة المستثمرين الذين يمكنهم الالتحاق بالبرنامج مختلف صناديق الاستثمار (مثل صناديق الاستثمار المخاطر، وصناديق الأسهم الخاصة، وصناديق الاستثمار متوسّط المخاطر mezzanine)، بالإضافة إلى الشركات الاستثمارية ودور الاستثمار العائلية والشركات القابضة التي تستثمر في المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
أطلقت "مشاركة" الدفعة الأولى في السنة الماضية فتقدّم 14 صندوق استثمار قُبل منها سبعة. وفي هذا العام، انطلقت الدفعة الثانية في 8 آذار/مارس، فوصل عدد الطلبات إلى 16 طلباً حتى الآن ومن المرجّح أن يرتفع العدد حتى انتهاء المهلة في 18 نيسان/أبريل.
نتج عن الدفعة الأولى صفقة ناجحة وثلاث صفقات أخرى قيد التحضير، إلّا أنّ الموحسن لم يفصح عن مزيدٍ من التفاصيل كون المستثمرين لم يعلنوا عن الصفقات بعد.
برنامج ألهم برنامجاً
اتّضح خلال العمل على برنامج "مشاركة" أنّ المستثمرين يشتكون من قلّة الشركات الناشئة المؤهّلة للاستثمار، "ولكنّ الواقع أنّ هناك الكثير منها إنّما لا يعرف المستثمرون بوجودها"، بحسب الموحسن.
دفع ذلك شركة "تكامل" إلى دراسة السوق واستطلاع ما يريده المستثمرون وصولاً إلى تأسيس منصّة "دليل الصفقات" لربط الشركات الناشئة بالمستثمرين في السعودية.
بعدما تسجّل الشركات الناشئة في "دليل الصفقات"، يُطلب منها تقديم معلومات عن مجال عملها ليقوم فريق الحلول المالية في "تسعة أعشار" بتقييمها والبحث عن سبل النموّ المحتملة والتحقّق من سجلّاتها المالية، وامتلاكها نموذج عمل مبتكر وعملاء، بالإضافة إلى إمكانية التوسّع.
و"تسعة أعشار" هي مسّرعة أعمال تابعة لشركة "تكامل"، ويشرف فريق الحلول المالية فيها على برنامجَي "مشاركة" و"دليل الصفقات".
أمّا في حال كانت الشركة غير مؤهّلة بعد للاستثمار المخاطر، فيشير الموحسن إلى أنّها "تُحوّل إلى الاستثمار التأسيسي، أو نحوّلها إلى مسرّعة الأعمال".
بعدما تُقبَل الشركة، تجري مطابقتها مع طلبات المستثمرين وفقاً للمعايير المحدّدة. أمّا إذا لم تحصل على استثمار، فتحرص المنصّة على أن تكون الشركة تعلمت شيئاً جديداً، مثل الجوانب التي تحتاج إلى التركيز عليها للحصول على استثمار مخاطر. فمنصة "دليل الصفقات" تقدّم للشركات الناشئة "ملاحظاتٍ قيّمة، ولدينا مستثمرون يقدّمون ملاحظات مميزة وجيدة"، على حدّ تعبير الموحسن.
يلفت الأخير إلى أنّ هناك "225 شركة مسجّلة على المنصّة ومن 30 إلى 35 مستثمراً. لم نتوقع أن يولي المستثمرون هذه الأهمية للشركات الناشئة في البداية، ولكن بعض المستثمرين أبدوا رغبة في ردّ الجميل للمجتمع ومساعدته على التطوّر".
بالإضافة إلى ذلك، "نريد جمع الكثير من الملاحظات والآراء في البيئة الريادية السعودية، لأنّ العناصر التعليمية مهمة جدّاً خصوصاً في بيئة كبيئتنا".
الشركة الأم
تأسّست "تكامل القابضة" على مبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، "للابتعاد عن البيروقراطية والعمل على تطوير مشاريع وتشغيلها بشكل أسرع"، كما يقول الموحسن.
تعتبر "تكامل" الذراع التمكيني لوزارة العمل من أجل تحسين سوق العمل وتوفير الوظائف، مع وحدات تركّز على مشاكل أو أقسام معينة.
ومن بين الوحدات العاملة في إطار "تكامل"، منصّة "دروب" التي تركّز على التعليم الرقمي بالشراكة مع "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا" MIT، وبرنامج "أجير" لحل مشاكل مكاتب العمالة، وبرنامج "مساند" لتسهيل إجراءات استقدام العمالة، وبرنامج "العمل عن بعد" للربط بين أصحاب الأعمال والباحثين عنها خصوصاً النساء وذوي الاحتياجات الخاصة.
يؤكّد الموحسن أنّ "تكامل" تهدف إلى توفير 14 ألف فرصة عمل خلال السنوات العشر المقبلة، وأنّها تقيس الأثر الذي تتركه من خلال عدد الوظائف الناتج عن مشاريعها. غير أنّه لا ينسى الإشارة إلى ازدياد مشاركة النساء السعوديات في التكنولوجيا "كما هي الحال في ’تكامل‘ التي توظّف الكثير من النساء، وكذلك في الشركات الناشئة". ويختم قائلاً: " نريد العمل على تفعيل دور النساء في قيادة الشركات الناشئة وليس المشاركة فيها وحسب".
الصورة الرئيسية من "تسعة أعشار".