تقنّية سورية قد تسعفك حين يخذلك الإنترنت وشبكات الإتصال
حين ابتكرت "فايسبوك" Facebook خاصّية "Mark as safe" لطمأنة الأصدقاء في حال حدوث تفجير أو كارثة طبيعية، افترضت وجود تغطية إنترنت في مكان الحادث؛ ولكن ماذا لو كان الشخص الناجي من تفجير على سبيل المثال غير متّصل بالإنترنت أو تعذّر عليه الاتصال بالشبكة نتيجة الضغط الكبير عليها مثلما هي الحال بعد التفجيرات أو خلال الكوارث بشكل عام.
في سوريا مثلاً، تعوّدت العائلات أن تنتظر قرابة الثلاثين دقيقة قبل التمكّن من التواصل مع الأقارب والأصدقاء بعد وقوع انفجار أو سقوط قذيفة، وهذا ينطبق حتى على الأقارب الذين يبعدون عن بعضهم البعض حياً أو حيين فقط. ثلاثون دقيقة تمر وكأنّها ساعات، يقول الشاب السوري عبد الرحمن الأشرف المُقيم في ألمانيا، في مقابلة مع "ومضة".
يشعر الأشرف وهو مُهندس برمجيّات سوري، بالاستياء من عدم قدرتنا على استخدام وسائل الاتصال حين نكون في أمسّ الحاجة إليها. لذلك ابتكر "فري كوم" Freecom وهو برنامج يُمكّن الأشخاص من الاتصال ببعضهم البعض من دون الاعتماد على الإنترنت، بل عبر شبكة شعريّة (mesh network) تعتمد على الأجهزة المُتواجدة ضمن حدود جغرافية مُعيّنة، في غضون ثوان.
كان مشروع الأشرف أحد المشاريع الثلاثة عشر التي فازت بـ"الجائزة الأوروبية للشباب" European Youth Award لعام 2016 من أصل 167 مشروع، وكان فوزه عن فئة المواطنة الفعالة.
ونجح الريادي في تطوير نموذج أولي ولا يزال في طور تطوير النسخة النهائية منه.
يشار إلى أن "فري كوم" ليست الأوّلى التي تقدّم وسيلة بديلة للاتصالات، فثمة شركات دولية في هذا المجال بينها "فاير تشات" Fire Chat و"سيرفال ميش" Serval Mesh.
"ومضة": كيف تعمل تقنية "فري كوم"؟
الأشرف: يقوم المبدأ الأساسي حول استبدال أبراج الاتصال بالأجهزة الخلوية المُتواجدة في منطقة مُعيّنة، فبدل الاعتماد على الاتصال بالشبكة يصبح التركيز على التواصل مع أقرب جهاز محمول عبر تقنيّات مُختلفة منها "البلوتوث" Bluetooth، وموجات الراديو، والموجات فوق الصوتية، والتي بدورها تؤدي دور البرج. على سبيل المثال إذا أراد المُرسل "أ" في ظل غياب الشبكة، أن يبعث رسالة إلى المتلقّي "د" ستُنقل الرسالة عبر الأجهزة "ب" و"ج" بحكم قربهما إلى "أ".
إذاً يعتمد النموذج على وجود سلسلة بشرية تنقل المعلومة إلى المستهدف بالتواتر وإن كانت السلسلة قصيرة، سيتم نقل الرسالة حالما تتصل إحدى الأجهزة الوسيطة بالشبكة. أمّا البُعد الجغرافي بين الأجهزة فيجب ألّا يتعدّى البُعد بين بنايتين.
رغم أنّ النموذج الأوّلي لـ"فري كوم" يوفّر خاصّية التواصل عبر الرسائل النصية فحسب، إلّا أنّ المُنتج المستقبلي سيشمل أنواعاً أخرى من المعلومات كالصور، والفيديوهات والصوت، وحتى تطبيقات الإنترنت.
"ومضة": ماذا عن احتمال حصول خروقات أمنية عند تنقّل الرسائل عبر الأجهزة الوسيطة؟
الأشرف: يتم تشفير الرسائل قبل نقلها إلى الأجهزة الوسيطة ممّا يحمي المُرسل والمُتلقي. أمّا احتمال فك التشفير فهو وارد ولكنّني لم أبتكر أسلوب تشفير خاص، بل اعتمدت على أسس برمجية موجودة ومُستخدمة من قبل تطبيقات أخرى، ولذلك فإن تقنية "فري كوم" معرّضة للمخاطر ذاتها التي يتعرّض لها "واتساب" أو تطبيقات أخرى.
"ومضة": هل سيتم استخدام البرنامج عن طريق تطبيق؟
الأشرف: نعم حالياً التطبيق هو الوسيلة الوحيدة المُتوفرّة. ولكنني أطمح إلى الخروج من هذا الإطار. فبدلاً من إجبار جميع من يريد استخدام الخدمة على تنزيل التطبيق، سأسعى إلى دمج الخاصّية في جميع الهواتف الذكية. وآمل من أن أتمكّن من إدراج "فري كوم" كأحد تطبيقات الجيل الخامس لا سيّما أن الاتصال المرن بالإنترنت هو أحد الأعمدة الرئيسية للجيل الجديد من هذه التقنيات للعام 2020.
وفي الوقت ذاته، أرى أنّ تضمين "فري كوم" في نظام الهواتف الذكية مثل الـ"واي فاي" Wi Fi، يجبر شركات الاتصالات على قبول البرنامج حتى لو أضرّ بعائداتها.
"ومضة": كيف تنوي تحقيق الاستدامة؟
الأشرف: لا أنوي جني الربح من المشروع، فالهدف بالنسبة لي إنساني، لا غير. ولكنّي أتطلّع في المُستقبل القريب إلى تأسيس مشاريع منفصلة صغيرة تبغي الربح للمساعدة في تحقيق الاستدامة لـ"فري كوم". وأتطلّع إلى إقامة شراكات مع مُنظمات إنسانية مهتمّة بالخدمة التي أوّفرها.
الصورة الرئيسية عبر "بيكسلز" Pexels.