'كريم' و'أوبر' إلى الحلبة من جديد
قد تكون مرونة "كريم" Careem في التعامل مع الحكومات ميزةً إضافيةً تتفوّق بها على "أوبر" Uber والشركات الجديدة مثل "أسطى" Ousta في مصر، وخير دليلٍ على ذلك إعلان "كريم" يوم الثلاثاء الفائت عن صفقة مع "هيئة الطرق والمواصلات" في دبي Dubai’s Road Transport Authority (RTA) لتقديم خدمات النقل بالسيارات الفاخرة وسيارات الأجرة البالغ عددها 9841 سيّارة و4700 سيّارة ليموزين عبر تطبيقها على الأجهزة المحمولة.
وفيما جاءت هذه الصفقة بعد فترةٍ قصيرةٍ على صفقةٍ مشابهة لـ"كريم" في مصر، يقول نائب رئيس تنمية الأعمال في الشركة ومسؤول علعلاقات العامة مع الحكومات، باسل النحلاوي، إنّ هذه السياسة أصبحت الآن جزءاً من عدّة عمل الشركة للتعاون مع الحكومات.
تعاني الشركتان العملاقتان في مجال طلب السيارات، "أوبر" وكريم"، من مشاكل كبيرة في أكبر أسواقها في المنطقة كالإمارات ومصر، نتيجةً لغياب قوانين واضحة. ولكن يبدو أنّ "كريم" تمكنّت من الاستفادة من هذا الغموض. ففي أبو ظبي، على الرغم من توقّف الشركتين عن العمل في آب/أغسطس بعد أن أوقفت الشرطة سائقيهما، عادت "كريم" إلى السوق بعد بضعة أيام فقط. وفي مصر، بعد ضغوطاتٍ كبيرة من المشرّعين، طوّرت "كريم" برنامجاً يضمّ سائقي الأجرة غير العاملين في الشركة إلى التطبيق بما اعتُبر تمهيداً لصفقتها مع "هيئة الطرق والمواصلات".
السيطرة على سوق دبي
صفقة "كريم" مع "هيئة الطرق والمواصلات" تساهم في جعلها تهمين على السوق في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 2.5 مليون، لكنّ رسوم الأجرة لن تتغير. ففي حين ستبقى رسوم "كريم" على ما هي، أي أعلى بـ30% من رسوم شركات الأجرة كما يقتضي قانون الإمارات، كذلك ستبقى رسوم "مؤسسة تاكسي دبي" Dubai Taxi على ما هي عليه أيضاً.
لم يفصح النحلاوي عن التفاصيل المالية لهذه الشراكة، ولم يقدّم أيّ أرقام عن النمو المتوقّع الذي سيترتّب عن الزيادة المتوقعة التي تفوق 100 ألف طلبٍ يومياً في دبي، لكنّه يشير إلى أنّ الشركة "مستعدّة وجاهزة" لخدمة هؤلاء العملاء الجدد.
في المقابل، تُظهر أرقام "هيئة الطرق والمواصلات" التي صدرت في آذار/مارس، أنّ "مؤسسة تاكسي دبي" شهدت في عام 2015 زيادةً وقدرها 14% في عدد الرحلات بما مجموعه 47 مليون رحلة، أو بمعدّل 129 ألف رحلة في اليوم. وبالتالي فقد حققت زيادة بنسبة 3.7% في الأرباح في عام 2015، ووصلت أرباحها إلى 280 مليون درهم إماراتي (76 مليون دولار).
مشكلة "أوبر"
حجم "كريم" وطابعها المحليّ سمحا لها بأن تكون أكثر مرونة في التعاملات الإقليمية، مثل تقديم خدمة الدفع النقدي قبل "أوبر"، والقدرة على تجربة أفكار جديدة مثل "السيارات العائلية" التي تأتي مع مقاعد للأطفال، بالإضافة إلى إتمام هذه الصفقة مع "هيئة الطرق والمواصلات" في غضون أشهر قليلة بحسب النحلاوي.
من جهتها، تقول شركة "أوبر" في تصريح لـ"ومضة" إنّها كانت تجري محادثات مع "هيئة الطرق والمواصلات" لضمّ سيارات الأجرة إلى المنصّة منذ أكثر من سنتين، مشيرةً إلى "إننا نؤمن بأنّ أيّ اتفاقٍ يتمّ توقيعه يجب أن يضع مصلحة الركاب أوّلاً، وتحديداً من حيث الموثوقية والتكلفة وضمان خصوصية البيانات." وتضيف الشركة أنّ فرض رسوم تزيد عن رسوم سيارة الأجرة التابعة لـ"هيئة الطرق والمواصلات" بنسبة 30%، يمنعها من تقديم الخدمة نفسها التي تقدّمها في أيّ مكان في العالم.
في المقابل، بينة "أوبر" التي تشبه بيئة الشركات الكبرى، والتي تمنعها من التحرّك واتخاذ القرارات بسرعةٍ مثل "كريم"، قد تكون نوعاً من الحماية لها. فشركة "كريم" التي تقدّم في دبي خدمات أقل كلفة، تخاطر بإضعاف نموذجها الأصلي: إذا تمّكن المستخدم من الاتصال بـ"تاكسي دبي" بالسهولة نفسها التي يتصل بها بـ"كريم"، لمَ سيختار الخدمة الأكثر كلفة؟
قوانين صارمة في دبي أم احتكار
تُعرَف "هيئة الطرق والمواصلات" بصرامتها في قطاع سيارات الأجرة دبي كونها الجهة التي تنصّ القوانين وتدير إحدى شركات الأجرة في المدينة - "مؤسسة تاكسي دبي" في الوقت عينه. وقد نقلت "رويترز" Reuters عن المدير العام لـ"هيئة الطرق والمواصلات"، مطر الطاير، أنّ كلّ شركات طلب السيارات "التي تريد أن تبقي خدماتها في دبي يجب أن توقّع اتفاقاً معنا" لأسباب أمنيّة وتنظيميّة.
على سبيل المثال، أطلقت الهيئة في العام الماضي تطبيقاً لتشارك السيارات باسم "شاركني" Sharekni، كما كانت تدرس احتمال تقديم خدمة تأجير سيارات في الساعة. غير أنّ الشركة الناشئة "يو درايف" Udrive مُنعَت في آذار/مارس من تطبيق نموذج تأجير السيارات في الدقيقة، لأنّ أحد قوانين "هيئة الطرق والمواصلات" ينصّ على أنّ السيارات لا يمكن تأجيرها لأقلّ من يومٍ.
وفي أواخر شهر أيلول/سبتمبر، قام ولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بإلغاء هذا القانون.
العمل في مصر
بدأت "كريم" في أيلول/سبتمبر رسميّاً بخطّتها لسيارات الأجرة البيضاء في مصر، وبحلول السابع والعشرين منه كانت قد درّبت 100 سائق من بين 42 ألف سائقٍ محتملي، وفقاً لبيان صدر عن الشركة. ولكن لم يقدّم البيان أيّ معلومات عن عدد المصريين الذين يستخدمون خدمة سيارات الأجرة البيضاء، بخاصّة وأنّ السخرية من سوء الخدمة وقلّة الراحة والأمن كانت السبب الذي دفع الناس إلى استخدام "أوبر" و"كريم" منذ البداية.
وقد جاءت هذه الخطوة بعدما أجبرت السلطات شركتَي "أوبر" و"كريم" على توظيف سائقي سيارات الأجرة البيضاء، وبعد استثمار "أوبر" لمبلغ الـ250 مليون دولار المخصّص للمنطقة. في غضون ذلك، برزت شركة "أسطى" Ousta الناشئة لطلب السيارات التي انطلقت في آذار/مارس، وزادت شهرتها في مصر بسبب أسعارها المتدنية جدّاً. وأصبحت أسعار الشركة الجديدة الآن منخفضة أكثر، بعد إعلانها عن حسم بقيمة 20% على كلّ الرحلات في الأشهر الثلاثة القادمة.
بدورها، قررت "أوبر" التعاون مع الشركة التي لا تُستخدَم كثيراً في مصر، "تاكسي النيل " Nile Taxi.
أمّا اللجنة التي تراقب قطاع طلب السيارات الناشئ في مصر، والتي انطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، صرّحت في الأسبوع الماضي أنّها على وشك إنشاء قانون لتنظيم المجال.