الزواج الفرصة: لماذا أؤمن بريادة الأعمال التعاونية [رأي]
قمة ريادة الأعمال التعاونية هي الأولى من نوعها في المنطقة التي تعمّقت في مفهوم التعاون بين الشركات الكبرى والشركات الناشئة. (الصورة من "إسكبو2020")
أبدأُ مع اعتراف: لم أكن أؤمن بريادة الأعمال التعاونية.
لا تفهموني بطريقةٍ خاطئة، فـ"التعاون" هو أحد أهمّ شعارات الشركات الناشئة، ومنها ينتُج أكبر الابتكارات، كما أنّ الوصول غير المسبوق إلى المعرفة قد بات مفتوحاً لأنّ الملايين باتوا يستطيعون الوصول إلى بعضهم البعض.
وحتّى في الأسواق شديدة المنافسة، فإنّ ’التعاون التنافسي‘ co-opetition ليس إلّا اختلافاً بسيطاً فقط على الموضوع، ما يشير إلى أنّه حتّى المتنافسين قد يستفيدون أحياناً من التآزر والتعلّم المتبادل.
وبطريقةٍ مماثلة، يبدو التعاون بين الشركات الكبرى وروّاد الأعمال وكأنّه زواجٌ مثالي.
فالشركات الناشئة هي الباب إلى الابتكار الذي تحتاجه الشركات الكبرى، ليس فقط من أجل البقاء ولكن من أجل الازدهار في القرن الواحد والعشرين. وفي المقابل، فإنّ الشركات العملاقة هي الباب إلى الأسواق ورأس المال، ويُحتمل أن تكون أيضاً بمثابة المخارج التي يمكن أن تدفع عجلة النجاح الذي يخلّف النجاح لدى الشركات الناشئة، والضروريّ من أجل إنشاء أيّ بيئةٍ رياديةٍ مزدهرة.
ولكن، مثلما تتطلّب أيّ زيجة، التوافق هو القضية المركزية.
الحوت والنملة
الاحتياجات الأساسية التي تعبّر عنها الشركات الناشئة هي توليد الإيرادات، وبناء الفريق، والحصول على الاستثمار، والتوسع في مناطق جديدة.
لقد مرّ بمثل هذا أو أكثر شركاتٌ كبرى عظيمة. فالشركات الكبرى تمتلك ميزانياتٍ ضخمةً للإنفاق على أفضل وأنجع السلع والخدمات، ولكنّها لا تتمتّع بالسرعة والتركيز الكبير اللذين يشكّلان أساس الشركة الناشئة. فطلبات تقديم العروض RFP تستغرق وقتاً طويلاً، وصنع القرار يتطلّب اجتماعاتٍ طويلةً ووقتاً؛ وببساطة لا يمكنها مجاراة الوتيرة التي يمكن لروّاد الأعمال الاستمرار فيها والازدهار.
الاحتياجات الأساسية التي يُعبَّر عنها على مستوى المديرين التنفيذيين في الشركات الكبرى، تتمثّل في مواكبة أحدث التكنولوجيات - التي في أفضل الأحوال يمكن أن تشكّل فرصاً أساسية، وفي أسوأ الأحوال يمكن أن تكون على شكل تهديداتٍ بالتغيير أو تهديداتٍ وجودية لأعمالها الأساسية - وتتمثّل أيضاً في أن يكون نظام الشركة أكثر مرونةً حيال الابتكار الداخلي وتطوير المنتَجات.
ولكنّ الشركات، في كثيرٍ من الأحيان تتحرّك بوتيرةٍ بطيئة.
تمتلك الشركات الكبرى، ثقافياً، القدرة على جذب كلّ ما يعرفونه وتعمل بشكلٍ جيّد في نماذج الأعمال التي يتّبعونها. "كيف يمكنني الحصول على إحدى نسب متوسّط العائد لكلّ مستخدِم ARPU أو أكثر؟" هو سؤالٌ قابلٌ للقياس ومجرّب وصحيح أكثر من "ما هو الحافز وراء التعامل مع حديثي النعمة الصغار الذين يبدو أنّهم يغيّرون ما نحن عليه؟"
في أحسن الأحوال، تقوم الشركات الكبرى بمساعدة الشركات الناشئة كجزءٍ من المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR، بدلاً من التفاعل المتبادَل والمشترَك والمستدام من أجل المنافع المتبادلة.
’مكانٌ آمنٌ‘ تعاونيّ
في حين أنّ منافع التعاون للطرفَين واضحة، فإنّ الحواجز الثقافية تبدو مستعصية. لمَ الانزعاج إذاً؟
أندريا كايتس هي الرئيسة التنفيذية لشركة "لانش باد سنترال" LaunchPad Central، وهي شركةٌ رائعةٌ تأسّسَت في وادي السيلكون وذات امتدادٍ عالميّ، تهدف إلى سدّ هذه الثغرات. ومن خلال الاستفادة من أدوات التدريس والتعاون لدى صاحب فكرة "ريادة الأعمال المرنة" lean startup ستيف بلانك وغيره، تعتقد بأنّ النجاح يمكن أن يبدأ مع التواصل المسبَق والتوقّعات المسبَقة.
وفي هذا الصدد، أنشأت "لانش باد سنترال" شيئاً يوازي ما تُطلق عليه كايتس اسم "روزيتا ستون" Rosetta Stone (أي الأحجار الكريمة)، أو لغة مشتركة يمكن أن يستخدمها روّاد الأعمال والمديرون على حدٍّ سواء، إلى جانب "مشرَب" watering hole أو وضع آمن للطرفين للعمل معاً حيث تتقاطع جينات الرشاقة لدى الشركات الناشئة مع ديناميات التوسّع لدى الشركات الكبرى.
يكمن الهدف في التركيز على الاحتياجات المتبادلة، ما يعني الاتّفاق على التخلّص من وجهات النظر التقليدية لخطط العمل - التي يستمرّ قليلٌ منها لبضعة أسابيع أو أشهر - وكذلك تبنّي هذا النوع من الدليل الدامغ والقابل للقياس حيال ما يصلح من وجهة نظر العملاء الحقيقيين لدى الطرفَين. فالعملاء، بعدَ كلّ شيء، يمتلكون الحقّ في التصويت النهائيّ على هذا العمل.
العصا والجزرة
أعتقد أنّ أحد العناصر الأساسية الأخرى يتمثّل في مواءمة الحوافز الداخلية - المكافآت والعقوبات على حدٍّ سواء.
مسؤولٌ تنفيذيٌّ في شركة نشرٍ مثيرٌ للإعجاب، يفهم حقّاً أهمية التواصل مع مجتمع ريادة الأعمال، أطلعَني على مؤشّرات الأداء الرئيسية KPIs التي قدّموها قبل عامٍ لمديريهم من أجل التعامل مع الشركات الناشئة. وعندما سألتُه عن المكافآت التي حصل عليها المديرون بعد تحقيق مؤشّرات الأداء الرئيسية تلك، أو عمّا إذا طردوا أحداً لأنّه لم يلتزِم بها، رمقَني مذهولاً.
إذا غابَت عنك نسبة متوسّط العائد لكلّ مستخدم ARPU يُمكن أن تخسر وظيفتك، ولكن إذا غاب عنك قياس الابتكار من دون تشعّب - فمَن سيحصل على أكبر قدرٍ من الاهتمام داخلياً؟
لا يعود ذلك إلى الانحياز أو إلى خلفيّتي كرائد أعمالٍ ومستثمرٍ في روّاد الأعمال، بل أعتقد أنّ العبء الأكبر يقع على عاتق الشركات الكبرى في هذا التعاون.
إذا أثبتَ التاريخ شيئاً، فهو أنّ أفضل المبتكرين يجدون ببساطةٍ الطرق اللازمة للتوسّع من تلقاء أنفسهم. والشركات العملاقة مثل "فايسبوك" Facebook، و"تويتر" Twitter، و"لينكدإن" Linkedin، و"دروب بوكس" DropBox، و"سايلزفورس" Salesforce، و"أمازون" Amazon وغيرها، قد بنَت عجلات النجاح الخاصّة بها ربّما من خلال بيع منتَجاتها للمؤسَّسات العالمية ولكن بالتأكيد ليس من خلال انتظار هذه المؤسّسات.
ولكن يجب على الشركات العملاقة أن تتحلّى ببعض التواضع.
في الوقت نفسه، وفي حين فشلت الغالبية العظمى من الشركات الناشئة في غضون عامٍ، فإنّ التواضع مطلوبٌ كذلك من جانب رائد الأعمال؛ لاحِظ أنّني لم أقُل الصبر.
ستكون النتيجة بيئةً حاضنةً مزدهرةً يمكن أن تساعد في استنهاض الشرق الأوسط بسرعةٍ أكبر كمركزٍ اقتصاديٍّ عالميٍّ. كما أنّها ستكون فرصةً يمكن أن تساعد كلّاً من الشركات الناشئة واللاعبين الحاليين في المنطقة على التقدّم خطواتٍ إلى الأمام في هذه الأيام سريعة التغيّر.
وأعتقد أنّ ذلك يحدث الآن.