الدروس عبر الإنترنت تنتشر باللغة العربية فهل 'ندرس'؟
فريق ندرس Nadrus في تركيا، خلال دورة تدريبيّة. (الصورة من "ندرس")
الدروس الجماعية مفتوحة المصادر عبر الإنترنت MOOC واسعةٌ بطبيعتها، ولديها القدرة على جذب العملاء من كافة أنحاء العالم، إذ تتحدّث أغلبية الناس باللغة الإنجليزيّة. لكنّ "ندرس" Nadrus الموجودة في دبي، تمكّنت في أكثر من عامٍ من جمع 100 ألف طالبٍ لدروسها باللغة العربيّة فقط.
وذلك في وقتٍ تُشير مصادر عدّة إلى أنّ اللغة العربية تعتبر خامس أكثر لغة محكيّة في العالم إذ يبلغ عدد متحدثيها حوالي الـ 300 شخصًا.
تأسّسَت "ندرس" الناشئة عام 2015 وبات لديها اليوم أكثر من 100 دورة تعليميّة مباشرة، يخضع عددٌ منها إلى المراجعة فيما تتأكد الشركة من مضامينها مع الخبراء. وبالتالي تحقّق الشركة إيراداتها من خلال فرض رسوم قليلة جدّاً مقابل الدورات التعليميّة.
في حديث له مع "ومضة"، يقول الشريك المؤسّس لهذه المنصّة، أحمد الشكَرة، إنّنا "نتلقّى طلبات كثيرة من ذوي الخبرات الذين يريدون المحاضرة في دروس جماعية مفتوحة المصدر خاصّةٍ بهم وتحميلها إلى موقعنا."
ويكمل قائلاً إنّه "بعد التأكّد من أن الفيديوهات تلبّي معاييرنا الأساسيّة، مثل نقاوة الصوت وجودة الفيديو، تخضع المواد التعليميّة للتدقيق حيث يراجع الخبراء لدينا أدقّ تفاصيل الفيديو لضمان الجودة."
غادر مهندس الكمبيوتر العراقي بلده منذ عام 2003، وهو لطالما تمتّع بشغفٍ تجاه إغناء شبكة الإنترنت بالمحتوى باللغة العربية واشتهر بمساهماته الموجّهة نحو الشرق الأوسط في "ذا نكست ويب" The Next Web. بعد ذلك أسّس الشكَرة برفقة أحمد شاياتي هذه المنصّة التعليمية التي تمّ احتضانها بشكل رسمي من قبل "إكسيد أي تي سيرفيسيز" Exceed IT Services.
والآن، يشير إلى أنّهم يحققون النجاح في الخليج بفضل العقود التي يوقّعونها مع الشركات الكبرى لتأمين الدورات التدريبيّة لها.
ففي العام الماضي فقط، وقّعت "ندرس" عقداً مع "هيئة تقنيّة المعلومات" العمانية لتدريب 4 آلاف مواطن عماني في مهارات تكنولوجيا المعلومات IT skills والتقنيات، وعقوداً مع "شركة الكهرباء القابضة" Electricity Holding Company في عُمان، و"أوريدو" Ooredoo القطريّة، وشركة طاقة في أبو ظبي و"جامعة صحار" Sohar University وغيرها.
الدروس باللغة العربية على موقع "ندرس".
تحديات التدريب: المحافظة على المستخدِمين
أكبر التحدّيات التي تواجهها منصّات الدروس المفتوحة المصدر عبر الإنترنت في العالم تكمن في الحفاظ على مستخدِميها، لكنّ الشكَرة لم يعطِ هذا العامل الكثير من الأهميّة، مصرّحاً أنّهم يركّزون على أمور أخرى.
ويشرح ذلك قائلاً إنّ "منصّتنا تركّز على بناء القدرات والدورات التي تدرّب الأفراد على مهاراتٍ محدّدة. فعلى سبيل المثال، إذا كان المرء يعلم كيفيّة استخدام برنامج ‘فوتوشوب‘ photoshop لكنّه ليس محترفاً، قد يتسجّل في درسٍ عن هذا البرنامج وينتقل إلى آخر فصلين منه."
كذلك، "لا نركّز [في ‘ندرس‘] على عدد المستخدمين الذين أكملوا الدورة، بل ما يهمّنا هو تقييمهم للدورة نفسها؛ ننظر عن كثب إلى تقييمات المستخدِمين ونعمل جاهدين لتأمين محتوى عالي الجودة."
دروس باللغة العربية تشتهر في الغرب
يأتي مستخدمو هذا الموقع بغالبيتهم من بلدان تتحدّث اللغة العربيّة، مثل مصر والسعوديّة والجزائر والعراق، غير أنّ عدد المستخدِمين من الولايات المتّحدة يزداد يوماً عن يوم. وقد يعود ذلك إلى تزايد الهجرة إلى هذا البلد مؤخراً، حيث أنّ الكثير من المهاجرين الذين وصلوا إلى الولايات المتحّدة في السنوات الخمس الماضية لا يتمتّعون بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل، وهنا يأتي دور "ندرس".
من جهةٍ أخرى، تمّ التعاون مع "شوبجو.مي" Shopgo.me في تركيا حيث درّبت "ندرس" مجموعة من 10 لاجئين تضمّ أربع نساء وستة رجال، بين شهرَي أيّار/مايو وتمّوز/يوليو من عام 2015. تعلّم المشاركون أسُس استخدام برنامج "إكسيل" Excel ونظام "وندوز" Windows والمهارات الشخصيّة كاستخدام برنامج "أوتلوك" Outlook، وبعد إتمام الدروس وظّفت "شوبجو" ثلاثةً من هؤلاء اللاجئين.
يُذكَر أنّ أعضاء الفريق المؤسِّس لهذه المنصّة هم بنفسهم من بلدان متعدّدة منها العراق وسوريا وفلسطين، ويعملون عبر الإنترنت من الأردن وعمان وأرمينيا وتركيا.
فريق "ندرس" يدرّب اللاجئين في برنامج "شوبجو".
عام الدروس المفتوحة المصدر عبر الإنترنت
في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، أعلنت صحيفة "نيويورك تايمز" The New York Times أنّ عام 2012 هو عام الدروس المفتوحة المصدر عبر الإنترنت.
بدا هذا المفهوم واعداً ومبتكراً ويتمتّع بفرص إيجاد أسواق جديدة بالنسبة لمحبّي التكنولوجيا والعلم، لكنّه أثار قلق الغالبيّة في المجال الأكاديمي ثمّ اختلفت الآراء حول مستقبل هذه الدروس.
واليوم، في عام 2016، قطعت الدروس المفتوحة المصدر عبر الإنترنت شوطاً كبيراً في تقدّمها.
فمن تَخصُّصات "كورسيرا" Coursera و"أد أكس أكس سيريز" EdX X-series، إلى ضمان التوظيف في ستة أشهر من "أوداسيتي" Udacity لطلّابها الحاصلين على "شهادة نانو" Nano Degree في الولايات المتحدة، تعيد الدروس المفتوحة المصدر عبر الإنترنت تحديد الوسائل التي يكتسب الناس من خلالها المعرفة والمهارات.
وفي الشرق الأوسط، سنحت الفرصة لإنشاء منصّات باللغة العربية لأنّ المواقع التقليديّة من هذا النوع لم تتضمّن سوى دروساً باللغة الإنجليزيّة. وكانت "مؤسّسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية" Queen Rania Foundation for Education and Development السبّاقة في تقديم الدروس عبر الإنترنت باللغة العربيّة مع منصّتها "إدراك" Edraak.
وبدورها، تطمح منصّة "ندرس" هذا العام أن تكون أكثر تواجداً على الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر اسمها في السوق المحليّة أكثر.
--
مروان يتابع ويدعم ريادة الأعمال عن قرب. كما وهو مدرّب لدى "ستارتب ويكند نكست"، وشريك في تنظيم أوّل فعاليتين لـ"ستارتب ويكند" في بغداد.