الرسوم المصوّرة والألعاب في المنطقة يدفعها الشغف والريادة
قوّة شديدة في هؤلاء. (الصورة من "فليكر")
في نهاية الشهر الماضي، في يوم Geek Pride Day في 25 أيّار/مايو، ألقينا نظرةً على ثقافة "الهوس" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكي نرى كيف قاد الشغف بالثقافة الشعبية السائدة وبالرؤى الريادية إلى واحدةٍ من أسرع فعاليات المنطقة نموّاً.
يبدو أنّ "ميدل إيست فيلم أند كوميك كون" Middle East Film & Comic Con هي النموذج الذي تقدّمه المنطقة عن الكتب المصوّرة الأكثر شعبيةً، مثل "سان دييغو كوميك كون" San Diego Comic Con، الاحتفال السنويّ لكلّ ما يتعلّق للثقافة الشعبية السائدة: كتب مصوّرة، أفلام، ألعاب فيديو وسواها.
هذه الفعالية التي تُقام في دبي منذ أن انطلقَت عام 2012 وجذبَت ما يقارب 15 ألف شخصٍ من المنطقة، كانَت نجاحاً كبيراً. فلقد حظي مجتمع المهتمّين والمهووسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمكانٍ يجمعهم، حيث أمكنهم التلاقي وتشارك الشغف من خلال نشاط الـ"كوزبلاي" Cosplay (ارتداء أزياء الشخصيات المفضّلة) والمباريات بالألعاب الإلكترونية وغيرها من النشاطات. كما حظي المشاركون بفرصة لقاء عددٍ من الفنّانين والمشاهير العالميين الآتين من عالم الأفلام والتلفزيون، وخرجوا بحقائب مليئةٍ بمنتَجاتٍ عرضها تجّار تجزئةٍ عالميون ومن المنطقة، من الكتب المصوّرة إلى المقتنيات.
وهذا العام، ارتفع عدد الحضور بشكلٍ كبيرٍ ليصل إلى 55 ألفاً من المؤمنين حقّاً بهذه الفعالية. وهذه الأخيرة انبثقَت من بنات أفكار شركة "إكسرتا كايك" ExtraCake P.R.A، الوكالة الإبداعية المتخصّصة في مجال الإعلانات والتصميم والفعاليات وغيرها من المجالات. وفي هذا السياق، أجرَت "ومضة" حديثاً مع مدير العلاقات العامّة في هذه الشركة، عرفات علي خان، حول القصّة وراء "ميدل إيست فيلم أند كوميك كون" MEFCC والتأثير الذي تمتلكه هذه الفعالية على ثقافة الهووسين بهذا المجال وريادة الأعمال في المنطقة.
"ومضة": كيف جاءت الفكرة لـ‘ميدل إيست فيلم أند كوميك كون‘؟
عرفات علي خان: نحن جميعنا مهووسون [في ‘إكسترا كايك‘]، وما حدث كان لأنّنا نفكّر بالطريقة نفسها. في تلك اللحظة، بدونا وكأنّنا ننظر إلى بعضنا البعض وتقول ‘مهلاً: نحن نقوم بالفعاليات والإبداعات والإعلانات والعلاقات العامّة، لمَ لا نقوم بها إذاً؟‘
تعود هذه الفكرة في أساسها إلى جنوننا وشغفنا بالقيام بشيءٍ كهذا في الشرق الأوسط، ولكنّها تحمل جانباً تجارياً أيضاً. ففي نهاية الأمر، نحن رجال أعمال أيضاً، ونريد النظر إلى الأمر من جهة الأعمال.
لقد شعرنا بأنّنا شغوفون للغاية، وجمعنا كتب الرسومات المصوّرة وشخصيات العمل، وبالتأكيد لسنا الوحيدين في المنطقة لأنّها سوف تشهد المزيد من هذه الأمور، ولقد أردنا أن نكون جزءاً من هذا كلّه كما أردنا تعزيزه.
حضر في "مركز دبي التجاري العالمي" قرابة 55 ألف شخصٍ خلال هذه الفعالية (الصورة من T3 Middle East)
"ومضة": كيف أقنعتم الرعاة بالمشاركة في مشروعٍ محفوفٍ بالمخاطر؟
علي خان: كان الأمر صعباً. لقد جمعنا بين خطّة مبيعاتٍ محترفةٍ للغاية وفرص مختلفة للرعاية والعارضين، ولكنّنا ركّزنا على الشريحة التي سيتألف منها الحضور، وهو ما كان صعباً الوصول إلى في ذلك الوقت.
لقد حصلوا على إمكانياتٍ للإنفاق، فهم مخلصون للغاية، كما أنّهم عنيدون، ويعرفون ما يريدون. اعتقدنا أنّ فعّاليةً عن الكتب المصوّرة يمكن أن تشكّل فرصةً جيّدةً للشركات التي تريد الوصول إلى هذا الجمهور. لقد تمثّل طرحنا في أنّنا نريد إنشاء منصّةٍ لم تكن موجودةً من قبل.
ردود الفعل والتعليقات الأوّلية التي حصلنا عليها
في عامَي 2010 و2011 كانت ‘ماذا تفعلون؟ تجمّعاً للرسوم المصوّرة؟
للكتب المصوّرة؟ لا مجال لهذا في هذه المنطقة.‘ لقد كان الأمر محبطاً،
ولكنّنا شعرنا بالعزم على القيام بذلك. والشركات الكبيرة التي
استهدفّت الشباب قالَت لنا ‘لا... هذه الشريحة من الناس ليست هدفنا.‘
ومع ذلك، حصلنا عام 2012 على دعم شركة ‘سامسونج‘ Samsung التي كانَت
من العلامات التجارية التي فهمَت الأمر، وبدَت كأنّها تقول ‘نعم، هذه
هي العقلية التي نريدها في هذه شريحتنا من العملاء،‘ المهتمّون، غير
التقليديين، والمستهلكون الأوائل early adopters.
احصل على كلّ هذا! (الصورة من Dubai Culture)
"ومضة": كيف تمكّنتم من إقناع شركاتٍ دوليةٍ كبرى وعارضين، كناشري كتب الرسوم المصوّرة والفنّانين، بالمشاركة؟
علي خان: لقد عرفنا أنّنا بحاجةٍ إليهم [ناشري الرسوم المصوّرة]، حتّى يتمكّنوا من تجربة وفهم ما يمكن للسوق تحقيقه وما هو مدى الشغف فيها. وعرضنا عليهم فكرة أن نأتي بأحد فنّانيهم إلى الفعالية ويقوم بما يريد.
شكّل هذا الأمر نفقةً إضافيةً علينا، ولكنّه كان ضرورياً في المراحل المبكرة، وذلك كي يحصلوا على ردود الفعل التي أردناهم أن يحصلوا عليها؛ وهذا ما حدث. ومع الوقت، أصبحوا يعودون إلينا ويقولون ‘إنّ هذا الفنّان يريد الحضور إلى فعاليتكم،‘ أو ‘لنعمل سويّاً ونقوم بشيءٍ حصريٍّ لهذه الفعالية.‘
"ومضة": ما هي التدابير التي اتخذتموها لجعل الفعالية جذّابةً للمهتمّين وأيضاً للعموم؟
علي خان: أوجَدنا جوّاً
احتفالياً، حيث يمكن للناس العاديين الذين يريدون تجربة هذا الأمر
وحسب، وللأشخاص الأكثر اهتماماً، أن يكونوا مرتاحين. فإذا نظرتَ إلى
مكان العرض، ستجدها هادئةً بالرغم من ازدحامها، وإذا أردتَ الحصول على
قسطٍ من الراحة يمكنك الخروج قليلاً أو الجلوس أو الاستماع إلى
الموسيقى أو مشاهدة البرامج الترفيهية. أردنا أن نقدّم للناس تجربةً
أكبر من مجرّد الحضور إلى المعرض.
الرسوم المصوّرة مع نكهةٍ شرق أوسطية (الصورة من Shahzadsheikh.wordpress.com)
"ومضة": كيف أثّرَت "ميدل إيست فيلم أند كوميك كون" على المواهب في المنطقة؟
علي خان: لقد شجّعَت الناس على القيام بالمزيد والإنتاج المزيد والإيمان بأنّ السوق موجودةٌ لإنتاجاتهم [ثقافة ‘الهوس‘ (الاهتمام والمتابعة)]. وبعد فعالياتنا، يوجد عددٌ من العارضين الإقليميين الذين بدأوا بالتعاون مع فنّانين عالميين. لا أقول إنّ الأمر بسبب عملنا هذا، ولكنّه كان مشجّعاً لهم.
"ومضة": بعد سنواتٍ على إطلاق فعاليتكم، يتمّ إطلاق عددٍ من الفعاليات التي ترتكز إلى المهتمّين والمتابعين، مثل IGN Convention في قطر. هل كان لشركتم وفعاليتها دوراً في تشجيع الشركات الأخرى على تنظيم فعالياتٍ مشابهة؟
علي خان: سرنا بشركتنا في هذه الطريق لأنّنا آمنّا بهذا الأمر، وعندما قمنا بهذه الخطوة أوّلاً رأى الآخرون أنّه الأرضية صلبةً لذلك ومن ثمّ تبعونا. قيامنا بالخطوة الأولى أخذ منّا جهداً كبيراً جديراً بالاهتمام، وأنا أكيدٌ أنّنا سنشهد مزيداً من الفعاليات لأنّ 55 ألف شخصٍ ليس برقمٍ صغير. المنافسة الصحيحة ترفع من شأن الجميع، والتقليد هو ما لا أودّ رؤيته فيها.
ويليام شاتنر من "ستار تريك" الشهير نجم هذه الندوة في فعالية "ميدل إيست فيلم أند كوميك كون" لعام 2015 (الصورة من The National.ae)
"ومضة": كيف تشجّعون الفنّانين والروّاد الذين يريدون اتّباع شغفهم بهذه الثقافة ومن ثمّ تحويله إلى عمل؟
علي خان: إذا احتجتَ إلى دعمنا فلن يكون مدفوعاً كما تفعل الوكالات. وإذا كنتَ جزءاً من مجتمع المهتمّين المتابعين [المهووسين]، فأنتَ إذاً جزءٌ من مجتمعنا نحن، أنت جزءٌ ممّا نريد تحقيقه في هذه المنطقة من بناء منصّةٍ إلى رعاية روّاد الأعمال وتشجيعهم في هذا المجال.
وهذا العام، بدأنا بتقديم ورَش عمل مستمرّة تقدّم للروّاد فرصةً لبناء العلاقات ولقاء الآخرين وبالتالي محاولة تأسيس أعمالهم. وهذه الورَش سوف تشتمل على الفنّ والكتابة وإنتاج الأفلام، وذلك في محاولةٍ لإيجاد شيءٍ للجميع.
عندما تصبح الـ"كوزبلاي" تنافسيةً. (الصورة من صفحة Middle East Film & Comic Con Facebook Page على "فيسبوك")
"ومضة": ما الذي يحمله المستقل لـ‘إكتسرا كايك‘؟
علي خان: نحضّر الآن لفعاليةٍ رسميةٍ خاصّةٍ للألعاب في المنطقة، ‘جايمز15‘ Games15 التي كانت تقام لسنواتٍ في الخارج، والآن تعاقدنا مع المسؤولين عنها، وهي تضمّ علاماتٍ مثل ‘بلايستايشن‘ PlayStation و‘إكس بوكس‘ Xbox. نعمل معهم لتطوير فعالية الألعاب هذه من أجل هذه المنطقة، تماماً كما فعلنا مع ‘ميدل إيست فيلم أند كوميك كون‘، ممّا يجعلها في متناول جمهورٍ أوسع مع الحفاظ على شعور اللاعب المتمرّس.
يبدو أنّ لدينا بعض الخطط الرائعة حقّاً.