'الرحلة' في مصر لتطوير القدرات الريادية في إطار ترفيهي
يحتاج روّاد الأعمال إلى دعمٍ متكاملٍ في صناعة الفكرة، وإدخالها حيّز التنفيذ، وكتابة نموذج العمل، وصياغة النموذج الربحيّ وتطويره. هذه الجوانب التقليدية تُعدّ الشغل الشاغل لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام. ولكن ثمّة جوانب أخرى هامّة ينبغي على رائد الأعمال الاهتمام بها، كتحفيز طاقاته الداخلية، وبناء جسور التواصل مع أفراد مؤثّرين في المنظومة الريادية، واستيعاب المهارات اللازمة في شخصه وفريق عمله أيضاً، للوصول بمشروعه إلى حيّز الأمان.
رواد الأعمال يتبادلون الحديث والنقاش أثناء معسكر "الرحلة" الأخير. (الصور من "الرحلة")
هذا بالضبط ما تحاول "الرحلة" Elre7la لفتَ الانتباه إليه، من خلال معسكرٍ لريادة الأعمال يستهدف بناء مجتمعٍ رياديٍّ متكاملٍ ومتوازن، يقوم على تبادل الخبرات وتطوير الأفكار والمشاريع في بيئةٍ تساعد على الاسترخاء والاستمتاع.
"نحرص في أنشطتنا وفعالياتنا، التي نقيمها كلّ 6 أشهر في نويبع، على تغطية أربعة محاور رئيسية؛ هي التشبيك [التواصل وبناء العلاقات وتطويرها]، والرياضة، والاسترخاء، وتطوير الأعمال، ومؤخّراً الأنشطة الفنية،" حسبما تقول سارة عبد الحميد، الشريكة المؤسِّسة في "الرحلة"، مضيفةً أنّ "رائد الأعمال يعيش طيلة وقته في اجتماعات وفعاليات تركّز على توجيهه إلى تطوير عمله، لكنّنا في ‘الرحلة‘ نهتمّ جدّاً بالتنفيس عن طاقات الروّاد ومساعدتهم على الإبداع عبر الخروج من الصندوق النمطيّ التقليدي."
"الرحلة" مع روّاد الأعمال
يقول مؤسِّس منصّة "يمكن" Yomken للتمويل الجماعي ومدير التنفيذيّ، تامر طه، معلّقاً على "الرحلة" بعد عودته من معسكرها الأخير في مايو/ أيار الجاري: "اعتقدتُ أنّني سأسافر فقط لأنال قسطاً من الراحة وأعيد الحسابات في بعض الأمور المتعلّقة بالعمل، ولكنّني اتّخذتُ قراراً فاصلاً هناك بتحويل ‘يمكن‘ إلى منصّة تبادل أفكارٍ وحلولٍ ريادية ومجتمعية إضافة للتمويل الجماعيّ." وعن الدافع لتغيير نموذج، يقول طه إنّ "الخروج من دائرة المألوف يساعد في شحذ الطاقات والأذهان، والتواصل مع روّاد آخرين وأشخاصٍ ذوي خبرات ريادية يحقق منافع جمّة، لاسيما إذا تم ذلك في إطار ترفيهي خفيف."
أما نهى محمود، المديرة التنفيذية في مسرّعة الأعمال "جوس لابس" Juicelabs، فترى أنّ "الرحلة" أوجدَتْ لها مساحةً كافيةً للخروج من الروتين اليوميّ في العاصمة، وتقول إنّ "المعسكر أتاح لي فرصة التواصل مع الطبيعة، ومشاركاتي في بعض جلسات تطوير الأعمال ساعدتني في إيجاد سبل للتعامل مع مشكلات التكيف مع العمل تحت ضغوط مختلفة، كما عرفتني عن قرب بريادة الأعمال بعيدًا عن المشهد التقني."
لا بدّ من بعض الموسيقى في نهاية اليوم.
كيف بدأت "الرحلة"؟
أُطلق النموذج الأوليّ من معسكر "الرحلة" الرياديّ في أكتوبر/ تشرين الأول، كأحد مشروعات مساحة العمل المشتركة، "المقر" AlMaqqar، بالشراكة مع برنامج تلفزيون الواقع، "المشروع" El-Mashrou3. و"شارك في المعسكر التجريبي 25 شخصًا فقط، حيث اختبرنا الأنشطة والفعاليات الأقرب إلى احتياجات الروّاد من خلال نموذجٍ مبسّط، وفاقت ردود الأفعال الإيجابية توقعاتنا بكثير"، وفقاً لعبد الحميد.
أمّا المعسكر الرسميّ الأوّل فكان في إبريل /نيسان 2014 بمشاركة 85 رائد أعمال، تلاه معسكران آخران حتّى الآن، بواقع معسكرٍ كلّ 6 أشهر.
وبعد نجاح المعسكر الأوّل ضمن الوسط الريادي، قرّر المؤسِّسون الستّة أن تصبح "الرحلة" مشروعًا مستقلّاً بحدّ ذاته، وأرادوا التركيز على التخصّصية في توظيف المهام. وبعد الإشارة إلى بعض الراعين لفعالياتهم، تقول عبدالحميد: "دخلنا في شراكات مع ‘سارة ياسين يوجا‘ Sara Yassin Yoga لتنظيم جلسات اليوجا والتأمّل، و‘أوبن سبيس ايجيبت‘ Open Space Egypt مساحة اجتماعات المجال المفتوح، و‘هوليداي تورز آند ويك اند تريب‘ Holiday Tours & Weekend trip لتنظيم الرحلات السياحية."
"استفدنا من آراء المشاركين فطوّرنا فعالياتٍ وأنشطةً ضمن المعسكرات الثلاثة؛ أضفنا أنشطةً كوميدية Standup Comedy، وجلسات تمثيل، وجلسات نقاش مفتوح، ورحلات غطس، وتسلّق، وسير حر."
وكيف تنضمّ إليها؟
وضع المؤسِّسون بضعة معايير لقبول المشارَكات في أيام الرحلة الأربعة، تشمل التنوّع في الأفكار والمشروعات التي ستتشارك، لضمان التنوّع في الخبرات.
ويعتبر نجاح رائد الأعمال في تطبيق المفاهيم والمكتسَبات التي حصل عليها من المشاركة الأولى من أهمّ معايير اختياره لتكرار التجربة. وخذا ما يدلّ على متابعة فريق "الرحلة" للمشاركين بعد العودة.
يكسرون روتين الجلوس على الكراسي وحول الطاولات في جلسة تدريبٍ في الهواء الطلق.
درب لا تخلو من الأشواك
برغم تأكيد عبد الحميد لنجاح نموذج "الرحلة" منذ إطلاقها حتّى الآن، إلّا أنّ التحدّيات لاتزال كثيرة، وأهمّها توفير راعين للمعسكر الريادي.
"نسعى لتحديد وجهات سفر مختلفة إلى جانب نويبع، غير أنّ الإمكانات المالية تحكم اختياراتنا. قد يرى البعض أنّ تكلفة المعسكر مرتفعة، لكنّ التفاصيل متشعّبة ومُكلفة جدًا. أرباحنا بسيطة ولم نتمكّن من تحقيقها سوى في المعسكر الأخير فقط، مع العلم أنّنا جميعاً متطوّعون."
...والأمل
بعد عودتهم من المعسكر الأخير، يركّز مؤسِّسو "الرحلة" على التوسّع بهذا النموذج داخل القاهرة.
وتتوقع عبد الحميد أن يتمّ تنظيم لقاءٍ شهريٍّ أو أسبوعيٍّ يجمع العاملين والمهتمّين بقطاعٍ واحد في الفعاليات والأنشطة نفسها والتنوّع بها، "وهي فكرةٌ يشجعنا عليها عملاؤنا نظراً لأنّ الجلسات والفعاليات تُقام بالتوازي خلال المعسكر، ما يحرم البعض أحياناً من المشاركة في كلّ الأنشطة المتاحة."