شبكة لبنانية لدعم النساء في مجال الأعمال تتوسّع في المنطقة
اجتمع الشهر الماضي 85 شخصاً من أصحاب الأعمال، الذين لا يعرفون بعضهم البعض بمعظمهم، في مقهى راقٍ في بيروت. وكلّ واحدٍ من هؤلاء كان في مرحلةٍ ما من مسيرته المهنية؛ فالبعض لم يكن مشروعه سوى فكرة وحسب، والبعض الآخر كان يبحث عن طريقةٍ لتوسيع شركةٍ قائمةٍ للتوّ وناجحة. وفي حين طرح عددٌ منهم أفكاراً عن أعمالهم أو التحدّيات التي يواجهونها، أدلى آخرون بآرائهم حول الإرشاد والدور الذي يجب أن يلعبه في تطوير وتنمية روّاد الأعمال وأفكارهم.
تبدو هذه الفعالية كأيّ فعاليةٍ عاديةٍ للتواصل الإرشاد، أليس كذلك؟ كلّا: فأصحاب الأعمال وروّاد الأعمال هؤلاء كانوا كلّهم من النساء، ولقد جمعتهنّ شبكةٌ لبنانية للنساء في مجال الأعمال التجارية، تُدعى "ذي بليسينج فاوندايشون" The Blessing Foundation.
"في هذا البلد، يستطيع الرجل أن يصل إلى الشبكات المهنية أكثر من المرأة،" تقول مؤسِّسة "ذي بليسينج فاوندايشون"، ريما الحسيني (لقد سمَّت المؤسَسة بهذا الإسم تيمّناً بشركتها لإنتاج الشوكولاتة "بليسينج" Blesseing التي تعمل على مستوى المنطقة). وفي الواقع، يمكن اعتبار كلّ شبكات التواصل المهنية على أنّها بحدّ ذاتها للرجال، وذلك نظراً إلى قلّة عدد أصحاب الأعمال والمدراء التنفيذيين من الإناث. وبناءً على خبرتها في العمل في الولايات المتّحدة ولبنان (والشرق الأوسط)، تقول الحسيني إنّه "من الأسهل بكثير بالنسبة للنساء طلب المساعدة من نساءٍ أخريات."
ومنذ انطلاقتها عام 2012، عملَت الحسيني (في منتصف الصورة أدناه) مع فريقها على إعادة نموذج العمل بشكلٍ مستمرّ، بناءً على التعليقات والنتائج التي رافقَتْ كلّ دورة. وذلك بدعمٍ وشراكةٍ مع سفارة الولايات المتّحدة الأميركية في لبنان، ومع المنظّمة غير الحكومية العالمية التي تهدف لدعم القيادات النسائية المحتملة، "فيتال فويس" Vital Voice. وتشير رائدة الأعمال إلى أنّه "في البداية لم يكن الأمر شديد التنظيم. لقد جمعنا المرشدين والمتلقّين بناءً على ما اعتقدنا أنّهم يحتاجون للعمل عليه... ولكنّ ذلك لم يسِر بشكلٍ جيّدٍ في بعض الأوقات."
أمّا العملية التي اتّبعَتْها المنظّمة خلال الموسم التالي كانت "أكثر ديموقراطيةً،" كما تقول الحسيني ضاحكةً. ففي هذه المرّة، تمكّن المتلقّون من اختيار المرشدين الذين يريدون العمل معهم، ولكن "لم نضع هيكليّةً للعلاقة بعد،" وذلك لإعطاء كلّ ثنائيّ أقصى قدرٍ من المرونة بهدف خلق أيّ نوعٍ من الشراكة يكون أكثر فائدةً بالنسبة للطرفين.
بدا واضحاً أنّ مناقشاتهنّ تناولَت أعمالهنّ وحياتهنّ المهنية، ولكنّها تعدّت في بعض الأحيان لتصل إلى التوازن بين الحياة والعمل الذي تواجهه النساء في جميع أنحاء العالم كتحدٍّ أساسيّ. "لكي يتمكّن المرشد من مساعدة المتلقّي، ينبغي أن يتطرّق إلى حياته الشخصية... وإذا كان الشخصان مرتاحَين للعلاقة يسير هذا الأمر طبيعياً." وفي بعض الحالات، تطوّرت العلاقة بينهما لتصبح علاقة صداقة أو شراكة عمل. فعمل ثنائيٌّ على افتتاح مقهىً لهما في منطقة فردان في بيروت، وبات آخران أصدقاء ومرشدَين لعددٍ من السنوات، وفقاً للحسيني.
وتشير هذه رائدة العمال التي أسّسَت المنظّمة، إلى أنّ النساء اللواتي يشاركنَ في هذه الشبكة يأتينَ من شريحةٍ خاصّةٍ جدّاً من المجتمع اللبناني البيروتيّ: فهنّ متعلّماتٌ تعليماً عالياً، مؤدَّبات، كثيرات السفر، من خلفياتٍ غنيةٍ نسبيّاً، ويتمتّعنَ بمهارات العمل والتواصل الأساسية. أمّا تحرّك المؤسسة المقبل، فيأتي كردّ فعلٍ على الصعوبة التي واجهها الفريق حتّى الآن في خدمة "الناس الذين يملكون المهارات ولكن لا يعرفون كيفية تطبيقها،" ويمكن أن يكونوا أقلّ تعليماً من النساء اللواتي يتواجَدنَ في الشبكة حالياً، على حدّ قول الحسيني.
وفي الشهور المقبلة، ستطلق الحسيني وفريقها "منصّةً لسوقٍ مفتوحةٍ حيث يمكن للنساء في مجال الأعمال التجارية في جميع أنحاء المنطقة أن يشتركنَ بها لبيع المنتَجات عبر الإنترنت،" كما تقول. وذلك سواء امتلكنَ أم لك يمتلِكنَ خطّة عملٍ رسميةٍ أو نموذجاً قابلاً للتوسّع أو مرشدين، أو أيٍّ من الزخارف الأخرى التي تنطلق على روّاد أعمال الإنترنت في العصر الحديث. وتضيف أنّ "الفكرة تكمن في الاستفادة من أصحاب المهارات المتقدّمة من المرشدين والمتلقّين الذين يتواجدون حالياً ضمن الشبكة لكي يساعدوا النساء اللواتي يكنَّ على درجةٍ أقلّ من المهارة، وربّما يكنّ من الأرياف أو من خلفياتٍ اجتماعيةٍ واقتصاديةٍ أقلّ يسراً."
كما تبدو الحسيني واثقةً حيال مستقبل الموقع الإلكترونيّ لمنظّمتها "بليسينج فاوندايشون"، مرتكزةً إلى العلاقات القوية التي تمّ تعزيزها حتّى الآن بواسطة الشبكة والروابط التي أصبحَت أسهل ممّا كانت تتوقّعه. وعن هذا الأمر تقول: "اعتقدتُ أنّ النساء في لبنان والمنطقة قد يكنّ متردّداتٍ في ردّ الجميل لمجتمعاتهنّ. اعتقدتُ أنّ المرأة لا تساعد الآخرين؛ ولكنّني تفاجأتُ مسرورةً أنّ هذا ليس واقع الحال."
في وقتٍ تركّز "بليسينج فاوندايشن" ومنصّتها الإلكترونية القادمة على تمكين المرأة العربية في مجال الأعمال، ترى الحسيني أنّ عملها سيفيد الجميع على المدى الطويل. وتلفت قائلةً: "نحن نحاول إيجاد هذه المنصّة لتساعد في بناء علامةٍ فارقةٍ ضمن البيئة الحاضنة لريادة الأعمال." كما تضيف أنّ "كلّاً من روّاد ورائدات الأعمال يحتاجون لبيئةٍ حاضنةٍ قبل كلّ شيء." إنّ تمكين نصف سكّان المنطقة للبدء بالأعمال وتوسعتها أمرٌ يتجاوز كونه مسؤوليةً اجتماعية، إنّه خطّةٌ استراتيجيةٌ ذكية.