أحياناً من الأفضل الإنتقال إلى عالم الواقع: قصة يِسلمو
من السائد السؤال عن طوابع أو قرطاسية بقدر السؤال عن فكّة لاستخدام الهاتف. ولكن ما أصبح أكثر خصوصية وندرة، اليوم، هي الكتابة على الورق وتوجيه رسالة مكتوبة باليد وحتى متعة تلقّي رسالة.
لذلك وبهدف خدمة الرومنسيين في المنطقة، وعشّاق تبادل الرسائل المكتوبة، عرضت رشا حمدان، مصممة تسكن في عمّان، بطاقات وأوراق مصممة بأسلوب عربي معاصر. فخلال أبحاث السوق التي أجرتها قبل الإطلاق، لم تجد ما هو قريب من منتجها. وقالت لـ"ومضة" "كل ما احتوته المتاجر كان قديم الطراز ومحصوراً فقط بالأعياد الدينية". ولاحظت حمدان وجود فجوة حقيقية في السوق في ما يتعلق بالعثور على بطاقات مميزة وممتعة باللغة العربية يمكن استخدامها لأعياد الميلاد والولادة وعيد الحب وغير ذلك.
بدأت حمدان العمل عام 2011. وبفضل خبرتها في التصميم، لم تواجه مشكلة في ابتكار بعض التصميمات الأصلية. ورغم تشكيك مصممين آخرين في إمكانية نجاح فكرتها، إلاّ أنها حين بدأت تسويق النماذج الأولية العشرة حول عمّان، تحمّس أصحاب المتاجر، فوُلدت "يِسلمو".
حمدان واضحة جداً حيال الصورة التي تريد أن تقدمها مع "يسلمو"، وتقول إن "الفكرة هي أن تكون معاصراً. أن تعكس لغتك، أن تظهر كم أننا نحن شعوب الشرق الأوسط ممتعون". وبتحدّيها الصور النمطية لجيل الإعلام الاجتماعي، لاحظت حمدان أن الشباب هم جمهورها الأكبر.
لكن رغم حماسة معجبي "يسلمو"، واجهت رحلتها صعوبات. وكانت العقبات الأولى مرتبطة بالجانب التجاري وليس الإبداعي من المشروع. وتقول: "لديّ العمود الفقري للتصميم ولكن ليس لأي شيء آخر". ورغم ذلك نجحت حمدان في إجراء بعض التحولات الصعبة في الشركة من بينها التركيز على المبيعات للشركات فضلاً عن إدراك أهمية الشركة التقليدية لنموذج مثل "يسلمو".
التحوّل من نموذج التعامل مع الزبائن إلى التعامل مع الشركات
حاولت "يِسلمو"، التي توظّف الآن خمسة فنانين ومجموعة من المحررين، البيع على الإنترنت في البداية (عام 2012) لكنها واجهت عوائق بسبب المنصات والمطورين الموجودين قبلها. ولا يزال المتجر على الإنترنت على شكله منذ نهاية 2013.
وشكّل الشحن تحديا مبكرا واجهته "يِسلمو" على الأقل مع نصف المشترين. وأوضحت أن "كلفة شحن بطاقة تفوق كلفة البطاقة نفسها". ولكن قبل ستة أشهر، قرر الموقع طرح عرض الشحن المجاني لمدة 14 يوماً لجميع الطلبيات على الإنترنت. ومنذ ذلك الوقت، تقول حمدان إن المبيعات زادت بنسبة 50%. ولكن في الوقت الراهن تشكل مبيعات البطاقات إلى الأفراد عبر الموقع 10% فقط من أعمال الشركة. وأشارت إلى أنه "بناء على ردود فعل الزبائن خلصنا إلى أن البيع فقط للأفراد ليس طريقا مناسباً لتحقيق عائد جيد على الاستثمار".
كيف تغطّي الشركة كلفة الشحن؟ تجيب حمدان "لأننا نقدم سعر تجزئة كامل، نحافظ على النسبة التي كنا نقتطعها لتجّار الجملة أو المرسل إليهم. وهذا بالتأكيد منحنا هامشاً أقل حتى الآن ولكن كلما كبر حجمنا كلما كان من الممكن الوصول إلى صفقة أفضل مع خدمة البريد". وتلفت إلى أن ولاء زبائنها يساعد أيضاً في التعويض عن تكاليف الشحن، فالناس الذين طلبوا بطاقة واحدة غالبا ما يعودوا ويطلبوا بطاقة أخرى".
والنضال الآخر لـ"يسلمو" هو الخروج من الأردن حيث البطاقات تباع الآن في ثلاثين متجراً، والانتقال إلى متاجر تقليدية في أسواق أخرى في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وأشارت إلى أن "اختراق سوق الخليج العربي يشكل تحدّ لنا ولكننا متوفرون الآن في متجر واحد في السعودية ودبي وكل هذا حصل في العام 2014".
إعادة التركيز على المتاجر التقليدية
ولدى تبرير قرارها في التركيز على نقل بطاقات "يِسلمو" إلى متاجر إقليمية، تعتنق حمدان معادلة التجارة الإلكترونية والمتاجر التقليدية. وقالت "أعتقد أنه ما لم يتمكن التسوق على الإنترنت من إعادة تشكيل تجربة الذهاب إلى المتجر ولمس المنتج، سيبقى دائماً الطريقة الأكثر شعبية للتسوّق".
ووجدت حمدان أن العديد من الزبائن، بدل الشراء على الإنترنت، لا يزالون يطلبون من صديق في الأردن أن يأتي لهم بالبطاقات. لذلك يأخذ فريق "يسلمو" هذا الأمر في الاعتبار ويبدأ تركيز جهوده أكثر على المبيعات خارج الإنترنت بدلا من التجارة الإلكترونية. وبيانات الزوار على موقع "يسلمو" تدعم هذا القرار. فبعد الصفحة الرئيسية للموقع، فإن صفحة "اعثر علينا" هي الصفحة التي تنال أكبر عدد من الزيارات، ما يثبت أن الزبائن لا يزالون مهتمين بالتسوّق داخل المتجر أكثر من خيار الشحن المجاني.
وسمحت مراقبة حمدان للاتجاهات في السوق بإنفاق ميزانية التسويق المحدودة بشكل استراتيجي، وتقول عن ذلك "نحن نستخدم (الميزانية) لاستهداف المتاجر لتخزين البطاقات. وحين يتعلق الأمر بالتسويق على الإنترنت، لا نرى من الضروري الإنفاق".
الخطوات التالية
إبقاء الأمور عائمة أثناء التعامل مع هذه العقبات، كان ولا يزال مقياس التقدم في اكتساب الخبرة لدى حمدان التي لديها ممارسة منفصلة في التصميم. وصحيح أن عائلتها بالكامل جمعت لها رأس المال لإطلاق "يسلمو"، إلاّ أنها تقول: "أنت تحتاج إلى أن يكون لديك حزام أسود في التمويل الذاتي، فالبنية التحتية في الشرق الأوسط وشمال افريقيا لدعم الشركة الناجحة على الإنترنت لا تزال في طور التطوّر".
ولكن النظر أبعد من التمويل الذاتي سمح لـ"يسلمو" ببدء حملة استثمار جماعي على "أوريكا" في 14 تموز/ يوليو. ولا تزال الحملة في أيامها الأولى ولكن حمدان واثقة بأن المعجبين بـ"يسلمو" سيتحمّسون لفرصة الاستثمار مقابل المشاركات.
ولكن الفريق لا يعتمد فقط على الثقة في إنجاز حملة ناجحة على أوريكا. ففي الأسابيع السابقة، بدأت "يسلمو" إرسال إعلانات الحملة في محاولة لضمان التزامات مبكرة وهو أمر أثبت أنه عنصر رئيسي في النجاح على أوريكا.
وسيمنح التمويل من حملة ناجحة على أوريكا، "يسلمو" الفرصة لأخذ الشركة في اتجاهات جديدة. وتقول حمدان "أريد أن يأتي الناس إلى يسلمو لأي شيء يتعلق بأعياد الميلاد مثلاً، كالزينة والبالونات. وكل ذلك بنكهة إقليمية وباللغة العربية وبنفحة من الظرافة".
وحمدان العاشقة للكتابة بالقلم على الورق، مصممة على العثور على التوازن الصحيح بين التقنية و"الرومنسية القديمة، فالهدف الرئيسي لـ يسلمو هو جعل المتلقّي يشعر أنه مميّز".